من عبقريات الإسلام انه كرس مساحة هائلة لإذابة وتبديد الأحقاد بين الطبقات وذلك من خلال تأكيد إرادة السماء والمولي القدير في »إعطاء من يشاء بغير حساب«، وأنه سبحانه »يغني من يشاء« و»يعز من يشاء«.. إلي آخره من آيات وأقوال تؤكد هذه الرغبة والإرادة الإلهية المطلقة.. إرادة تقوم.. علي تبرير عقلاني ومنطقي يتمثل ويتجسد في سلوك وأداء المؤمنين، ويشهد علي ذلك قوله تعالي »وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون«، وهذا التأكيد والحسم في قوله تعالي: »إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا«! وخلال سعيهم المحموم ورغبة بعض الساسة في الوصول إلي، والتمكن من، والحفاظ علي، السلطة، كان ان خرجت نظريات متعددة وملتوية أشهرها، وأهمها، ما ابتدعه كارل ماركس، وتبناه لينين، وأعني النظرية الشيوعية التي كان لابد أن تنهار في النهاية، وهو الانهيار الذي تحقق في عام 9891 وجر معه القوة الثانية في العالم، أو ما كان يسمي ب »الاتحاد السوفيتي«! ومع، ورغم، هذه الوقائع شديدة الوضوح، فإنه مازال بيننا من يتبنون هذا الاتجاه الذي لا يجدي ولا يحقق شيئا، وفي ذلك لا أقصد نظريات اقتصادية، أو اتجاهات سياسية رئيسية، ولكن أقصد تحديدا بقايا وتوابع هذه السياسات، وفي مقدمتها وسائل تأليب طبقات المجتمع علي بعضها البعض، وهذا العداء الراسخ، وغير المبرر، لكل من حقق ثراء حتي لو كان دفع في المقابل سنوات عمر بأكمله قضاها في عمل مخلص، ومتقن، وشريف! من هنا لا يجوز أبدا أن يتاجر البعض بالفوارق الطبيعية بين الطبقات، واستثارة مشاعر البسطاء بتسميتهم ب »الغلابة«، ولا يجوز كذلك أن يخرج مسئول سياسي أو مسئول اعلامي في القرن الحادي والعشرين لتهييج مشاعر العامة ضد تطورات طبيعية قامت الدولة بالتخطيط لها وإعدادها، وفي مقدمتها الساحل الشمالي الذي هو جزء من أرض هذا الوطن.. لا تجوز أبدا مثل هذه الإثارة الرخيصة، والتي إلي جانب رخصها تنطوي علي أخطار بالغة تفوق بالقطع قدرات التصور لدي من يتداولونها!