الظاهرة الغالبة علي الحياة الاجتماعية علي مستوي العالم وفقا للتقارير والبيانات التي تعدها المؤسسات الدولية المتخصصة تشير الي انه في نفس الوقت الذي يزيد فيه حجم ثروات الاغنياء في العالم يلاحظ انتشار نسبة الفقر والجوع. وتؤكد هذه التقارير ان جانبا من الثراء الذي يتمتع به بعض هؤلاء الاثرياء انما يعود الي تفشي الفساد وعدم الشفافية التي يدفع ثمنها الغالبية من ابناء الشعوب. انه وفي الوقت الذي تصل فيه عائدات ودخول البعض الي خانة الاصفار الستة والتسعة أي الي المليون والبليون فإن هناك مئات الملايين من البشر لا يجدون قوت يومهم حيث لا يتجاوز دخل الفرد منهم أقل من دولار في اليوم كما هو الحال في بعض الدول الافريقية. ويتسم سلوك الاثرياء في بعض الدول التي تعاني من الفقر وانخفاض مستوي المعيشة بالانانية وادارة ظهورهم لمتطلبات التكافل الاجتماعي التي نلزمهم بتخصيص جانب من ثرواتهم للمشروعات الخيرية والاجتماعية.. الغريب ان مبدأ التكافل معمول به في كثير من الدول المتقدمة التي يتمتع ابناؤها بمستوي معيشي معقول علي عكس ما يحدث في الدول الاكثر فقرا حيث يغلب علي اثريائها الشح والانعزال الكامل عن مشاكل واحتياجات المجتمع. ورغم ان الله قد افاض علي طبقة ليست قليلة من ابناء مصر بالثراء الهائل الذي تدور الشكوك حول مصادر الحصول عليه الا ان عدم مساهمتهم باستثناء القليل منهم في مشروعات الخدمة المدنية يعد سمة اساسية وهو ما يؤدي الي انعزالهم عن المجتمع. تكريس هذا الوضع يثير الاحقاد والسخط اللذين يهددان الاستقرار الاجتماعي. حول مسيرة الثراء الفاحش في العالم صدر التقرير الجديد لمؤسسة »ميريل لينش« الدولية المتخصصة في ادارة الثروات العالمية المتضمنة قائمة باعداد أغني أغنياء العالم. يقول التقرير الذي نشرته صحيفة الحياة اللندنية ان اثرياء العالم زادوا خلال عام 9002 رغم الازمة الاقتصادية العالمية وزيادة ديون ومشاكل الدول بنسبة 1.71٪ ليصل عددهم الي 01 ملايين ملياردير ومليونير. بلغت ثرواتهم 93 تريليون دولار- التريليون يساوي ألف مليار والمليار يساوي ألف مليون-. ويقدر التقرير معدل الزيادة التي تحققت في ثروات طبقة المليونيرات ب9.81٪ بينما قفزت معدلات الزيادة بالنسبة لمن هم اكثر ثراء بنسبة 5.12٪ وبينما ارتفعت قيمة هذه الثروات في المنطقة العربية بنسبة 1.5٪ حيث ان الديون السيادية التي تراكمت علي دولها والتراجع الكبير الذي تعرضت لها الاسهم واسواق المال وما ادت اليه من خسائر قد جعل ترتيب الأغنياء العرب في ذيل القائمة لعام 9002 علي عكس السنوات الماضية وذكر تقرير ميريل ان الاثرياء العرب قد زادوا بنسبة 1.7٪ بما يقدر ب004 ألف ثري ارتفعت ثرواتهم الي 5.1 تريليون دولار. وتضمن التقرير زيادة ثروات اثرياء السعودية والبحرين في مقابل انخفاض قيمتها في دولة الامارات العربية بسبب ازمة دبي. وفي ظل مؤشرات التعافي الاقتصادي فانه من المتوقع ان تشهد الثروات في المنطقة العربية ارتفاعا خلال هذه السنة مدفوعة بالزيادة في الناتج المحلي وتصاعد النمو بنسبة 5.4٪. وتعد الولاياتالمتحدة المعقل الرئيسي لاكبر أثرياء العالم حيث يتركز فيها 13٪ من اعدادهم تليها اليابان والمانيا. ويلاحظ ان ازدياد الثروات الفردية في دول اسيا »منطقة المحيط الهادي« بنسبة 9.03٪ بما يقدر ب 3.9 تريليون دولار. ان الارقام التي تتردد عن ثروات أثرياء العالم وازدياد معدلات الفقر بين غالبية البشر تؤكد ان هناك خللاً في توزيع الثروة وهو ما يؤكد الحاجة الي نظام اقتصادي عالمي جديد يراعي العدالة والبعد الاجتماعي.