لابد أن نقر ونعترف بأننا أهملنا وقصرنا في عمليات تدريب العمالة في كل المجالات. أصبحنا نتيجة غياب التخطيط السليم والنظرة المستقبلية نفتقد لعناصر العمالة المدربة سواء لسد احتياجاتنا الداخلية أو المتطلبات الخارجية. بسبب هذا السلوك غير المسئول والذي يعكس الشعور بعدم المبالاة تجاه ما يحقق المصلحة العامة أصبحت العمالة الماهرة علي كل المستويات عملة نادرة، علي ضوء هذا الواقع الأليم تنتشر البطالة بين كل الفئات سواء التي حالفها الحظ لأخذ فرصة للتعليم حتي آخر مراحلة أو تلك التي لم تتح لها هذه الفرصة. ليس خافيا ما نعاني منه من أزمة طاحنة في العمالة القادرة بالخبرة علي سد احتياجات المصانع وكل مواقع العمل والانتاج سواء كانت قطاعا عاما أو خاصا في الداخل أو الخارج. من ناحية أخري فقد أدي تراجع أعداد العمالة المتدربة إلي تدني أداء المهام اللازمة لتوفير متطلبات الصيانة بشكل عام وعلي المستوي المطلوب. كان يمكن تجنب هذه الأزمة لو انه كانت هناك برامج تدريبية حقيقية تشمل جميع الأنشطة بالاضافة إلي وضع قواعد للتدريب الميداني في المصانع والورش حيث يتولي »الأسطوات« والمتخصصون هذه المهمة كما كان يحدث دوما من قبل.
ليس جديدا القول أن السياحة تعد ركيزة أساسية لمنظومة الاقتصاد المصري ولأنها صناعة خدمات فإن العاملين بها هم في أشد الحاجة لاكتساب المهارة والخبرة لتقديمها إلي السياح في أبهي صورها. من هنا فقد أصبحت الحاجة ماسة إلي توفير العمالة المدربة في كل أوجه الأنشطة السياحية، أن إتاحة القسط الملائم من التدريب ضروري من أجل تعظيم القدرة علي التنافسية خاصة بعد أن أصبحت السياحة »الكعكة« التي تتخاطفها معظم دول العالم. ان العائد الاقتصادي لهذه الصناعة وتعاظم مساهمتها في حل مشاكل البطالة جعل هذه الدول توليها أهمية خاصة وتدفعها إلي دعم مقوماتها وما تملكه من عوامل للجذب وفي مقدمتها التميز في تقديم الخدمات السياحية. لقد كان لابد من التركيز علي السياسة التدريبية للعمالة السياحية في مصر لمواكبة الطفرة الكبيرة في أعداد السياح الوافدين وما ارتبط بها من تصاعد حجم الطاقة الفندقية وأعداد الشركات السياحية. وانسجاما مع الاقبال علي العمل في الأنشطة السياحية نتيجة ازدياد الوعي بأهمية صناعة السياحة والإيمان بدورها في الحد من أزمة البطالة فقد كان ضروريا أن تتحرك الأجهزة المسئولة ممثلة في وزارة السياحة بالتعاون مع اتحاد الغرف السياحية للتوسع في التدريب من أجل مواجهة الطلب علي هذه العمالة، شمل هذا البرنامج أيضا إعداد برامج تدريب للعمالة التي تمارس العمل بالفعل في كل الأنشطة السياحية.
التزاما بهذا المخطط تم إعداد خطة طموحة خصص لها زهير جرانة وزير السياحة مبلغ 53 مليون جنيه من موازنة صندوق السياحة يتولي مسئولية إعدادها وتنفيذها الاتحاد العام للغرف السياحية المسئول عن كل الغرف السياحية علي اختلاف أنشطتها. بدأ العمل بمقتضي هذه الخطة منذ سنوات. وفي لقاء إعلامي دعا إليه أحمد النحاس رئيس اتحاد الغرف السياحية تم استعراض ما تحقق من مسيرة هذا البرنامج الذي تولته وحدة التدريب وتنمية الموارد البشرية التي تم تأسيسها بالاتحاد عام 0002 ويتولي مسئوليتها حسين بدران مستشار الوزير لقطاع التدريب. تشير الاحصائيات المتعلقة بإنجازات وحدة التدريب والتنمية البشرية في اتحاد الغرف السياحية إلي اتمام تدريب 93841 من العمالة الجديدة والعمالة الممارسة للعمل بالفعل وعلي مختلف المستويات. ولأهمية التدريب فقد صدر قرار رئيس الوزراء عام 0102 بإنشاء المجلس القومي لتنمية الموارد البشرية في قطاع السياحة. تتركز مهام هذا المجلس في رفع القدرة التنافسية بالقطاع السياحي وبالعمل علي تحسين جودة الخدمة ورفع مستوي الانتاجية السياحية وسد احتياجات القطاع السياحي من العمالة المدربة.
ولاكتساب المهارة والخبرة علي المستوي العالمي فقد استعانت وحدة التدريب من خلال الاتفاقات الثنائية بالخبرات الدولية في كل مجالات العمل السياحي ومشاركتها في دورات التدريب. كما شملت هذه الاتفاقات بعثات خارجية للاطلاع علي أحدث النظم المعمول بها التدريب علميا وميدانيا. من المؤكد أن تعظيم قدرة مصر في المنافسة في سوق السياحية العالمية ورغم ما يتوافر لديها من امكانات جذب.. فانه من المهم أن تكون الخدمة السياحية علي أعلي مستوي بأعتبارها من أهم عوامل زيادة الاقبال علي برامج زيارتها. لاجدال ان التفوق يجذب المزيد من السياح. ولتحقيق هذا الهدف فإن كل الخبراء يتفقون علي ان التدريب.. ثم التدريب هو الأبرز في الوصول إلي هذا التفوق.