تقريران مهمان اطلعت عليهما في أسبوع واحد أثارا الكثير من اهتمامي لما يمثلانه من انعكاسات اقتصادية واجتماعية تتطلب الدراسة والتحرك علي أسس علمية وسليمة تستمد مقوماتها من الفهم الكامل للاحصائيات التي جاءت بهما. كم أرجو أن يكون المسئولون عن مسيرتنا الاقتصادية خاصة من تدخل ضمن مهامهم الوظيفية في الدولة الإيمان بأهمية ارتفاع نسبة التشغيل للعمالة المصرية داخليا وخارجيا. من المؤكد أنهم يدركون ان الدخل الذي يتحقق من وراء الأجور التي تتلقاها هذه العمالة يمثل ركيزة أساسية لاقتصادنا الوطني إلي جانب دورها في حل الكثير من المصاعب الاجتماعية لقطاعات كبيرة من المواطنين. التناقض في محتويات التقريرين يدور في اتجاهين متعارضين حيث اتسم أحدهما بنظرة تشاؤمية تتعلق بالفرص المتاحة للعمالة المصرية في الداخل. هذا التقرير الذي تضمنته النشرة الاقتصادية التي تصدر عن مركز معلومات مجلس الوزراء تحدث عن أن هناك تراجعا كبيرا في الطلب علي العمالة المصرية بصفة عامة. أشار إلي ان هذا الطلب قد سجل 762 نقطة في ابريل هذا العام في مقابل 845 نقطة في نفس الشهر من العام الماضي، وقد كان الطلب علي العمالة محليا الأكثر انخفاضا حيث سجل المؤشر في ابريل الماضي 785 نقطة في مقابل 0311 في إبريل من العام الماضي في نفس التقرير سجل مؤشر قياس التشغيل زيادة في الطلب علي العمالة المصرية في الخارج عندما سجل 596 نقطة في ابريل الماضي في مقابل 575 نقطة في نفس الشهر من عام 2009. أما التقرير المهم الثاني الذي أعنيه فقد جاء في تصريحات صحفية لمدير عام منظمة العمل العربية أحمد لقمان لصحيفة الحياة اللندنية قال فيها ان حجم العمالة العربية في العالم العربي يتجاوز حاليا 621 مليون عامل منهم 71 مليونا بدون عمل. مشيرا إلي ان معدل البطالة في الدول العربية يبلغ حاليا 41٪. أضاف ان أسواق العمل العربية ووفقا لمقررات القمة الاقتصادية العربية مطالبة باستيعاب 5 ملايين عامل جديد سنويا خاصة انها تفرز 4 ملايين باحث جديد عن العمل. تحدث عن ضرورة الاهتمام بمراكز التدريب لتأهيل العمالة للعمل سواء داخل بلدانهم أو في اطار الوطن العربي كله أو خارجة. طالب بضرورة العمل علي احلال العمالة العربية محل العمالة الأجنبية في الدول العربية وبالطبع فإنه لا يمكن للعمالة العربية منافسة العمالة الأجنبية الوافدة إلا اذا كانت مدربة علي الأعمال المطلوبة خاصة في دول الخليج. ولابد هنا من الاشارة إلي أهمية أن يدرك أصحاب الأعمال في الدول العربية سواء كانت خاصة أو حكومية وبالأخص في دول الخليج حيث ترتفع معدلات التنمية.. ان الزيادة في أعداد العمالة الأجنبية غير العربية يؤدي إلي إحداث خلل خطير في التركيبة السكانية وهو الأمر الذي يترتب عليه تهديد أمن واستقرار هذه الدول قد تكون اغراءات استخدام هذه العمالة من حيث تدني الأجور وارتفاع مستوي المهارة عاملا مهما في استقدام هذه العمالة .. ولكن رغم ذلك فإن عليهم أن ينظروا إلي خطورة هذه القضية علي المدي الطويل بما يمكن ان تمثله من تهديد لأمنهم واستقرارهم. من ناحية أخري فإن علي الدول العربية التي تصدر العمالة إلي هذه الأسواق خاصة مصر انطلاقا من حجم كتلتها السكانية.. ان تقوم بإنشاء مراكز للتدريب علي أعلي مستوي من أجل تأهيل العمالة للعمل بالأسواق الخارجية. هذه البرامج التدريبية لابد ان تشمل جميع مستويات العمالة سواء التي تحمل مؤهلات علمية عالية أو متوسطة أو تمارس أعمالا فنية تحتاج إلي الصقل والتدريب. لابد ان نعترف بأننا قصرنا في هذه الناحية وأن هناك شكوي في الأسواق العربية خاصة من جانب المتشيعين للعمالة العربية من افتقادها للتدريب الفني والتأهيل المهني. هذ النقص يقودنا إلي القصور التعليمي الذي يجعلنا نطالب الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية التعليم والدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي وبدعم حكومي غير محدود تركيز جهودهم في إحداث ثورة في نظم التعليم علي جميع مستوياته. ليس من سبيل أمامنا لمواجهة الزيادة السكانية وما تفرزه من طلب لفرص العمل سوي التدريب والتأهيل ونشر الوعي بين الشباب بأن هذا التوجه هو سبيلهم لتجنب الانضمام إلي طابور العاطلين. جلال دويدار [email protected]