بينما تغوص واشنطن في جدل سياسي حول مستقبل العراق فان القيادة الأميركية في بغداد تعد خطة تفصيلية تتكهن بالدور الأميركي المهم للعامين المقبلين. والخطة السرية التي تمثل الاستراتيجية المنسقة للقائد الأميركي الأعلى والسفير الأميركي تدعو الى استعادة الأمن في المناطق المحلية بما في ذلك بغداد بحلول صيف عام 2008 ومن المقرر أن تقام خطة «الأمن المستمر» على اساس يشمل البلاد بحلول صيف عام 2009 وفقا لمسؤولين أميركيين مطلعين على الوثيقة. وتعتبر الوثيقة التفصيلية التي تحمل اسم (خطة الحملة المشتركة) تفصيلا للاستراتيجية الجديدة التي حددها الرئيس بوش في يناير(كانون الثاني) الماضي عندما قرر إرسال خمسة ألوية قتالية اضافية ووحدات أميركية اخرى الى العراق. وهذا يشير الى تحول من الاستراتيجية السابقة التي اكدت على نقل مسؤولية الأمن الى العراقيين وركزت المنهجية الجديدة على أهمية حماية السكان المحليين في بغداد على اساس ان تحسين الأمن يوفر للزعماء السياسيين العراقيين الفرصة التي يحتاجونها لتحقيق المصالحة السياسية. والخطة الأخيرة، التي تغطي فترة عامين لا تعالج على نحو جلي مستويات القوات أو جدولة الانسحاب وهي تتوقع تخفيضا في القوات الأميركية بينما تنجز الخطة الامنية السابقة المستندة الى زيادة القوات مسارها في وقت لاحق من العام الحالي أو في بداية عام 2008. ولكنها مع ذلك تفترض استمرار قيام القوات الأميركية بتدريب الجنود والعمل كشريك مع القوات العراقية ومكافحة الجماعات الارهابية في العراق وفقا لما قاله المسؤولون الأميركيون. وتبدو الأهداف في هذه الوثيقة طموحة اذا ما أخذنا بالحسبان عظم تحدي التعامل مع المتمردين السنة والميليشيات الشيعية، والقادة العراقيين الذين لم يحققوا سوى تقدم متقطع باتجاه المصالحة السياسية، وكذلك الجيران الإيرانيين والسوريين الذين لم يترددوا في التدخل في الشؤون العراقية. ويتداخل تقييم البيت الأبيض المؤقت للتقدم الصادر يوم الثاني عشر من يوليوالحالي مع هذه الأهداف ولكن في الوقت الذي يعرف النقاد في البلد الصبر في اطار اسابيع فان الاستراتيجية قد ترتبط بتوقعات كثير من المشرعين بشأن نهاية مبكرة للمهمة الأميركية هنا. وهذه الخطة التي وضعها الجنرال ديفيد بترايوس القائد الأميركي الأعلى ورايان كروكر السفير الأميركي أرسلت الى وزير الدفاع روبرت جيتس والأدميرال ويليام فالون رئيس القيادة المركزية. ومن المتوقع ان تعمم على المسؤولين هنا الأسبوع الحالي. وتحدد الخطة مرحلتين ويتجلى هدف «المرحلة القريبة» في تحقيق «الأمن المحلي» في بغداد ومناطق اخرى في وقت لا يتجاوز يونيو 2008. وتدعو الى تشجيع الأطراف السياسية على التسوية على المستوى المحلي بمن في ذلك المتمردون السابقون بينما تدفع الزعماء العراقيين على المضي في برنامجهم الخاص بتحقيق المصالحة الوطنية. والهدف «المتوسط المدى» يتمثل في توحيد الترتيبات المحلية من أجل تحقيق إحساس أوسع بالأمن على مستوى البلاد في وقت لا يتجاوز يونيو من عام 2009. وتشير خلاصة خطة الحملة الى أن «التحالف بالمشاركة مع الحكومة العراقية يستخدم وسائل سياسية وأمنية واقتصادية ودبلوماسية متكاملة لمساعدة الشعب العراقي على تحقيق الأمن المستمر بحلول صيف 2009». ويتسم المسؤولون العسكريون هنا بالحذر من الحديث عن ضمانات النجاح وأشاروا الى انهم قد يحتاجون الى إعادة النظر في الخطة اذا لم تتحقق بعض الافتراضات. وقال الكولونيل بيتر منصور المساعد التنفيذي للجنرال بترايوس، ان «الفكرة التي تكمن وراء زيادة القوات هي تحقيق الاستقرار والأمن للعراقيين، وخصوصا في بغداد، لأنها القلب السياسي للبلاد، وعبر ذلك منح العراقيين الوقت اللازم لحل القضايا الشاقة التي يواجهونها وتمكينهم من إنجاز المصالحة». وأضاف منصور انه «اذا لم تتوصل الحكومة العراقية والأطراف والجماعات المختلفة في نهاية المطاف الى نوع من الاتفاق حول تقاسم السلطة وتوزيع الموارد والمصالحة وإيقاف العنف، فان الأساس الذي أقيمت عليه استراتيجية الزيادة يعتبر اساسا غير فاعل، وسيتعين علينا اعادة النظر في الاستراتيجية». ومن المنتظر ان يقدم الجنرال بترايوس والسفير كروكر تقييمهما في سبتمبر المقبل حول الاتجاهات في العراق وتحديد ما اذا كانت الاستراتيجية فاعلة أو انها تحتاج الى تغيير. وكانت الخطة السابقة التي وضعها الجنرال جورج كيسي الذي كان سلف الجنرال بترايوس قبل ان يعين رئيسا لأركان الجيش تهدف الى تحفيز العراقيين على تولي مزيد من المسؤولية في مجال الأمن عبر تقليص القوات الأميركية وقد ترنحت تلك الخطة عندما أظهرت قوات الأمن العراقية أنها غير مستعدة لتنفيذ مهماتها الموسعة فضلا عن تصاعد أعمال القتل الطائفي. وعلى النقيض من ذلك تعكس الخطة الجديدة مبدأ ان حماية السكان هو أفضل سبيل لعزل المتمردين وتشجيع التسويات السياسية والحصول على معلومات حول التهديدات المتعددة.