الثلاثاء 19 ديسمبر: مازلنا في مدينة جاكييل أكبر مدن إكوادور والتي تحمل روائح القاهرة من زحام المرور والضوضاء والتوقف الطويل في الإشارات والتاكسيات التي تعمل بدون عدادات وكل هذا في جو حار ورطوبة شديدة يحتار الإنسان كيف كان يتحملها لولا تكييف الهواء. حتي التسعينيات كانت( جاكييل) توضع ضمن قائمة المدن الخطرة من حيث زيادة عدد جرائم السرقة والنشل التي انخفضت كثيرا وإن كانوا مازالوا يحذرون منها, وإذا كان مقدورا مواجهة الجرائم فإن غير المقدور عليه البراكين والزلازل التي ترقد فوقها معظم دول أمريكا الجنوبية ومنها إكوادور التي سجل تاريخها عددا من الزلازل اشهرها حدث عام1949 وقضي علي مدينة بالكامل وسط إكوادور رسمها إمباتو كان يسكنها 150 ألف ولها شهرتها في زراعة الفاكهة مما جعلهم يطلقون عليها حديقة إكوادور. وقد ظل اقتصاد إكوادور محدودا يعتمد علي بعض الصادرات والسياحة الي ان اكتشف البترول في الوقت الذي ارتفعت أسعاره واصبحت مصدرة له( تنتج حاليا نصف مليون برميل يوميا) فارتبط اقتصادها بسعره وشهدت فترة إزدهار وانتعاش ضخمة في سنوات السبعينيات, ولكن عندما إنهارت اسعار البترول في الثمانينيات واجهت إكوادور أزمة اقتضت فرض برنامج تقشف وإلغاء عملتها المسماة سيكرSucre علي اسم احد قادتها بسبب تقلب سعرها بشكل حاد وجعل الدولار الامريكي منذ عام 2000 ليكون العملة الرسمية للأكوادور مما يعكس تبعيتها لأمريكا وحاجتها اليها لتحميها في مواجهة جارتها بيرو التي تربطها بها حدود مشتركة تمتد 1024 كيلو مترا. وقد اشتبك الجاران في ثلاثة حروب عنيفة ولم تهدأ الخلافات بينمها إلا بعد تدخل وضغوط من الولاياتالمتحدة ومعاهدة سلام بين البلدين انتهت في26 أكتوبر من عام 1998 بترسيم الحدود بينهما. وحاليا يحكم إكوادور نظام ديمقراطي إنتقلت اليه بعد فترة من الحكم الديكتاتوري استمر حتي عام1979, ونظرا للإرتباط بأمريكا فقد أخذت عنها إكوادور النظام الرئاسي الذي يحدث فترة الرئيس المنتخب بأربع سنوات يجوز مدها فترة أخري واحدة, إلا انه من المفارقات فشل ثلاثة روساء متتاليين في إكمال فترتهم الأولي لأسباب مختلفة وقد كان اولهم( جيم رولدوس) الذي لقي مصرعه في حادث طائرة عام1997, أما الثاني وكان من اصل عربي (لبناني) اسمه عبدالله بوكرم فقد كان من الحكام المعدودين الذين خلعهعم البرلمان بعد ستة أشهر فقط من توليه الرياسة، اما الثالث (جاميل ماهود) فقد انتهي حكمه بانقلاب خلعه عام2000 لكن إكوادور انهته وعهادت إلي طريق الديمقراطية. كان عبد الله بوكرم (من مواليد 20 فبراير 1952 حفيد بعض المهاجرين اللبنانيين وكانت هوايته لعبة كرة القدم المنتشرة شعبيتها في كل دول أمريكا اللاتينية, وقد ازدادت شهرة بوكرم عندكا اصبح معلقا رياضيا, ولما كان قد حصل علي شهادة في القانون فإنه استغل شهرته الرياضية وانتقل من ميدان الرياضة والتعليق الي مجال السياسة حتي تمكن من الحصول علي الترشيح لرئاسة الجمهورية وبالفعل نجح عبد الله بوكرم في انتخابات 1996 بعد ان تمكن من مخاطبة الاغلبية الفقيرة بالزسلوب الذي جعلهم يحلمون برئيس مثالي.. واصبح عبد الله بوكرم رئيسا للبلاد اعتبارا من 10 أغسطس 1996 إلا انه ما أن تولي الحكم حتي هرول بصورة مكشوفة وغريبة الي ارتكاب سلسلة من الفضائح المكشوفة في نهب وإختلاس المال العام والرشاوي والسرقة بحيث لم يعد من يقدر علي تحملها, ومنعا من قيام انقلاب عسكري بعد ان استفز بوكرم بتصرفاته جموع المواطنين فقد اجتمع المؤتمر الشعبي لإكوادور في واحدة من المرات النادرة وبعد مناقشات طويلة انتهي الي قرار بعدم صلاحية عبد الله بوكرم لعدم سلامة عقله.. وعلي اساس إنه لا يقوم بما يفعله غير شخص مختل عقليا أي مجنون. وفي 6 فبراير 1997 بعد أقل من ستة أشهر تم خلعه من الحكم! كان من بين الملاحظات التي لفتت النظر أننا عندما جلسنا في مطعم لتناول الغداء لاحظنا الاسترخاء الشديد في فترة الغداء وقد اكتشفت الاهتمام البالغ بهذه الوجبة التي تستغرق ساعتين علي الاقل يتم تعطيل كل شئ خلالها. وأول اطباق الغداء في الاكوادور طبق الشوربة الذي تتنوع أصنافه ومذاقه, فهناك شوربة الجبنة وشوربة الفول السوداني, والاسماك أهم من اللحوم في إكواردور للطبيعة الساحلية كما في بورسعيد ودمياط وحتي الاسكندرية, وغير ذلك لا تخلو وجبة طعام من البطاطس هو أحد المحاصيل المنتشرة في أمريكا الجنوبية بأنواع واشكال بل وقشرة متعددة من الألوان من البني الي البمبي إلي الأزرق.!! * نقلا عن جريدة الاهرام المصرية