يقول الفيلسوف الفرنسي "جان جاك روسو" إننا كرجال يمكن أن نعيش أفضل بدون النساء. ولكنهن لا يستطعن العيش بدوننا. ويضيف الفيلسوف الألماني "شوبنهور" إن المرأة ليس لديها أي حس للعدالة لأنها بطبيعتها تميل إلي التخفي والتلون والخداع. أما في ألمانيا النازية فلم تكن للمرأة أي قيمة إلا في تربية الأطفال أو إعداد الطعام في المطبخ أو الخدمة في الكنيسة. وهو ما يعرف بالثلاث "كافات" إشارة إلي بدايات كلمات: أطفال. ومطبخ. وكنيسة في اللغة الألمانية. تلك هي بعض مقولات وأفكار فلاسفة العصر الحديث عن المرأة وقدراتها ومكانتها وقصورها العقلي والعضلي. لذا فإن تفسيرات أعضاء الجمعية العمومية لمجلس الدولة المصري في القرن الحادي والعشرين لا تختلف في نظرتها تجاه المرأة عن تلك الأساطير والمعتقدات الفلسفية لهؤلاء المفكرين الغربيين دعاة التقدم والحرية. وأن كان مجلس الدولة المصري وقضاته يمثلون تياراً سلفياً يتكئ علي قراءات وتأويلات دينية بدعوي الشرعية والإسلام. فإنه علي السادة قضاة مصر مراجعة الخطاب الإلهي في الدين الإسلامي ومرجعيته القرآن الكريم. والسُنَّة الصحيحة. فإذا كان التكليف في العبادات والحقوق والثواب والعقاب يقع بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة. فإن هذا يعني أن المولي عز وجل لم ينتقص من المرأة جزءاً عقلياً أو ذهنياً أو كفاءة إنسانية. وإلا لن يكتمل أداء الكون لأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم والتكليف يُرفع فقط عن المرضي أو المعاقين. لكن المرأة تتساوي مع الرجل في: السارق والسارقة. الزاني والزانية. القاتل والقاتلة. المؤمن والمؤمنة. الصالح والصالحة. أي أن المرأة إنسان كامل أمام الله. لكن البشر يفسرون تغيرات بيولوجية تفسيرات لصالح أهواء وأغراض إنسانية وبشرية لا تتعلق بالخلق والخالق والدين والشريعة والحياة التي يتكامل فيها دور الرجل مع دور المرأة. والطبيعة الفسيولوجية والبيولوجية التي تستدعي استمرار الحياة. فهل لنا أن نتخيل حياة يعيش فيها إنسان برئة واحدة. ويد واحدة. وقدم واحدة. وعين واحدة. وبطين أيمن دون أيسر.. ما هذا البشر أو الكائن الذي يحيا مبتور الأوصال مقطوع الأنفاس أعمي البصر والبصيرة. أصم. أعرج. لا يعمل نصف الأيمن أو الأيسر من الدماغ. فإذاً هو معاق ذهنياً. قاصر فكرياً.. فإما الجزء الخاص بالمشاعر والأحاسيس. قد توقف. فتحول إلي آلة ومادة جافة ثابتة. أو أنه فقد صوابه وأصبح مجرد مشاعر متحركة.. هذا هو التصور الذي يرسمه هؤلاء الذين يحرمون المجتمع والحياة من نصفها الحي النابض الواهب للحياة والبشرية. فإذا كان فلاسفة الغرب قد إساءوا للمرأة ومعهم أساطير وتأويلات رجعية. فإن الأدب والفن دائماً ما ينصفنها. ويضعها موضع الإجلال والإكرام كما فعل المؤلف التراجيدي "يورو بيديس" في ميديا مسرحيته الشهيرة عن شجاعة وقوة ونبل وصلابة المرأة وأيضاً "هنريك أبسن" في مسرحيته الحديثة "بيت الدمية" عن قوة الزوجة وقدرتها علي مواجهة المصاعب والمشكلات بصبر وعزيمة. وأيضاً اتخاذ القرارات المصيرية من أجل الحرية والتي هي جزء من حرية المجتمع. كما كتب قاسم أمين والإمام محمد عبده والكاتبة الفرنسية "سيمون دي بوفوار" وقبل كل هؤلاء النبي المصطفي "صلي الله عليه وسلم" الذي قال في حديث شريف: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" فهل لنا نحن أمة محمد أن نستقي نصف الدين الحنيف عن امرأة هي أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصحابي الصدِّيق أبي بكر؟!.. ولكننا في العصر الحديث والألفية الثالثة نشكك في قدرات النساء ونمنعهن حقاً دستورياً في التكافل والمساواة. وحقاً شرعياً وإلهياً في التكليف الإنساني والأمانة التي عرضها الله علي الإنسان فحملها ولم يذكر إن كان رجلاً أم امرأة.. يوم التحقت ابنتي بكلية الحقوق وهي من أوائل الثانوية العامة. حَلُمْت وحَلِمَت هي بأن تجلس علي مقعد القضاء لتسترجع أمجاد الحقوقيات الأول أمثال الدكتورة عائشة راتب وحكمت أبوزيد.. وتحذو حذو آمال عثمان. والقديرة تهاني الجبالي.. وغيرهن من أساطين القانون والحجة والقيمة.. لكن ما أن صدر قرار الجمعية العامة لمجلس الدولة وحيثيات القرار الذي أساء إلي الرجل وإلي المجتمع وإلي الدين قبل أن يسيء إلي المرأة. إلا وجدتني وابنتي نستلهم روح غاندي الزعيم الهندي الذي قاوم الاستعمار والإمبراطورية البريطانية بالصمت والسلبية. فلماذا لا يكون 16 مارس يوم المرأة المصرية هو يوم الصمت. فيقف نصف المجتمع ويصمت عن العمل أو القول أو الفعل بداية من إعداد كوب الشاي والإفطار نهاية بالصمت عن دخول قاعة الدرس أو المستشفي أو الإدارة أو البنك أو حتي تنظيف المنازل والهيئات أو البيع أو الشراء. حتي يشعر من أصدروا هذا القرار كيف للحياة أن تكون دون المرأة.... فلنصمت يوماً ونري كيف الحياة بدوننا. *نقلا عن جريدة "الجمهورية" المصرية