حث الروائي المصري بهاء طاهر على اعادة دراسة الرحلة التي سجلها أحمد بن فضلان الموفد من بغداد الى روسيا وشمالي أوروبا قبل نحو 11 قرنا بعد أن لقي كتابه "الفريد" اهمالا عربيا في حين حظي باهتمام الغرب في أكثر من مجال. فكاتب السيناريو الامريكي مايكل كرايتون استلهم ما سجله ابن فضلان في رحلته وكتب عام 1997 رواية (أكلة الموتى) التي تحولت بعد عامين الى فيلم سينمائي عنوانه (المحارب الثالث عشر) وقام بدور ابن فضلان الممثل الاسباني أنطونيو بانديراس وشارك في الفيلم الممثل المصري عمر الشريف. واستغرقت رحلة ابن فضلان نحو سنة بداية من خروجه من بغداد عام 921 حتى وصوله الى مملكة البلغار جنوبي روسيا ضمن بعثة من العلماء استجابة لطلب ملك البلغار المسلم من الخليفة العباسي المقتدر بالله أن يرسل اليه بعثة ذات طابع ديني اضافة الى مساعدته في بناء حصن يحميه من الاعداء. وقال طاهر في مقال نشر في العدد الثاني من فصلية (ما بعد) التي تصدرها في مصر (جمعية العاملين السابقين بالامم المتحدة) انه لم يعثر في الثقافة العربية على أثر لرحلة ابن فضلان باستثناء ما كتبه الباحث السوري سامي الدهان الذي حقق المخطوط وكتب مقدمته حين نشر في سوريا عام 1959 ودراسة الباحث المصري فوزي العنتيل التي قارن فيها ما سجله ابن فضلان بما كتبه علماء التراث الشعبي عن عادات البلاد التي زارها. ووصف كتاب ابن فضلان بأنه عمل فريد اذ يعد "أقدم نص مكتوب عن حياة هذه الشعوب.. وأول نصوص مكتوبة بأي لغة عن تاريخ الروس وجيرانهم سكان اسكندنافيا والفايكنج الشماليين من أهل السويد والنرويج" وهذا يفسر اهتمام المستشرقين به حيث اعتبروا المخطوط "كنزا علميا" حين عثر عليه في بداية القرن العشرين بمدينة مشهد الايرانية وترجم الى الروسية ولغات أوروبية أخرى قبل نشره بالعربية. وأضاف في المقال الذي حمل عنوان (اكتشاف رحلة ابن فضلان وأثرها في الغرب) أن ابن فضلان سجل عمليات التبادل التجاري بين الروس والقادمين من الشمال الاوروبي الذي يبيعون "الجواري الشماليات الجميلات" وفراء الدببة ويشترون الحرير والمنسوجات والجواهر والتوابل وغيرها من منتجات الشرق. وكتب ابن فضلان معربا عن اشمئزازه أن هؤلاء الشماليين "أقذر خلق الله. لا يغتسلون من جنابة ولا يغسلون أيديهم من طعام ويغسلون وجوههم ورؤوسهم بأقذر ماء يكون اذ يشتركون جميعا في الاغتسال بالماء نفسه من اناء واحد يطاف به عليهم واحدا بعد الاخر دون تغيير الماء أو غسل الاناء." ويسجل طاهر تعليق عالم الاجناس الامريكي كارلتون كون على هذه الملاحظة قائلا ان "هذه القذارة قد صدمت المؤلف العربي الرقيق لانه قادم من بغداد عاصمة الحضارة وأرقى مدن العالم في ذلك العصر اذ يذكر المؤرخون أن بغداد في عصر ابن فضلان كان فيها أكثر من 27 ألف حمام (عمومي) فكيف لا يستاء ابن فضلان من قذارة هؤلاء الاسكندنافيين البرابرة.."