وقفت سعاد ياسين وإلى جانبها أولادها التسعة تضرب كفاً بكف وهي تجول بنظرها في سوق الشجاعية في مدينة غزة، من دون أن تجد ما يناسب أولادها ووضعها المادي المتردي. وقضت سعاد أكثر من خمس ساعات تنتقل من محل إلى آخر ومن بسطة إلى أخرى تقلب الملابس والأحذية لشراء ما يدخل السرور والبهجة على أولادها في عيد الفطر، لكن غلاء الأسعار حطم آمالها وفاقم أحزان أبنائها. وكما جاء بجريدة الخليج الإماراتية: تشهد أسواق قطاع غزة ازدحاماً ملحوظاً من بضعة أيام، غير أن تجار وأصحاب محال يقولون “الكل بيتفرج على الكل.. زحمة ع الفاضي. الغالبية يتفرجون وقلة من ميسوري الحال من يشترون”. وقالت سعاد ل “الخليج” إن الحصار ألقى بظلاله الكئيبة على كل مناحي الحياة. إنه يقضي على آمال وأحلام الأطفال في ملابس جديدة وألعاب يستقبلون فيها العيد. وتعيل سعاد تسعة أبناء، فيما زوجها عاطل عن العمل. تقول “ابني البكر محمود يعمل في أنفاق التهريب على الحدود المصرية كي يوفر لنا مستلزمات الحياة. وتضيف “رفضت بشدة أن يعمل في هذه المهنة الخطيرة فحيث تزداد حالات الموت يوماً بعد يوم في الأنفاق، ولكني لم استطع الرد عندما سألني: هل لديك خيار آخر؟”. البضائع مكدسة في أسواق غزة من وراء الأنفاق، بحسب أم محمود، “لكن أسعارها الفلكية لا تتناسب مع قدرات الناس”. وتضيف إنها أقنعت أولادها بأن تشتري لعدد منهم ملابس للعيد فيما يقضي آخرون العيد بملابس العام الماضي، على أن تشتري لهم ملابس جديدة في عيد الأضحى المقبل، مضيفةً “الله أعلم كيف سيكون الحال في عيد الأضحى وهل سأتمكن من الإيفاء بوعدي”. ولم يتمكن الطفل محمد حسون من شراء ملابس جديدة وألعاب، لكنه يبدو مدركا للواقع المأساوي في غزة، حيث يقول “لم أضغط على والدي. ولا أريد أن أكلفه كثيراً فوضعه المادي لا يسمح”. وأضاف محمد (14 عاماً) وقال “كنت أتمنى أن يأتي العيد هذا العام وقد تحسن وضع والدي كي يوفر لنا ما نحتاج لاستقبال العيد”. التاجر كامل طافش صاحب محل لبيع الملابس في سوق الشجاعية، قال إن “حركة الشراء ضعيفة ونسبة الإقبال على شراء حاجيات العيد ليست مثل الأعوام السابقة”. وأرجع ذلك إلى قلة الدخل، وظروف الحصار. ورفضت سلطات الاحتلال طلباً فلسطينياً جديداً بزيادة السلع الواردة إلى قطاع غزة عشية عيد الفطر، في وقت فرضت إغلاقا شاملاً للمعابر التجارية مع القطاع حتى نهاية الأسبوع. وقال منسق لجنة دخول البضائع إلى قطاع غزة رائد فتوح إن المسؤولين “الإسرائيليين” في لجنة الارتباط المدنية الخاصة بشؤون المعابر أبلغوا الجانب الفلسطيني أنه لن يسمح بدخول أي سلعة جديدة إلى أسواق غزة.