بعد فشل المفاوضات بين السلطات التركية والوفد العراقي في التوصل إلى حل، وصلت المحادثات بين بغداد وأنقرة حول أزمة حزب العمال الكردستاني عند حدود البلدين إلى طريق مسدودة. وذلك بعد أن رفض الأتراك مقترحات الوفد العراقي الذي ترأسه وزير الدفاع عبد القادر محمد جاسم العبيدي،وازدادت احتمالات تنفيذ الجيش التركي عملية عسكرية ضد المتمردين من حزب العمال الكردستاني المتحصنين في شمالي العراق تركيا أعلنت أن الاقتراحات التي قدمها الوفد العراقى غير كافية وتحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها، بينما أعلن رئيسُ الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستشن عملية عسكرية ضد المتمردين الأكراد عند الضرورة دون أخذ رأي المجتمع الدولي في الاعتبار. وتتعرض الحكومة التركية إلى ضغوط بالغة من قبل الولاياتالمتحدة والعراق - بجانب دول أخرى - للإحجام عن التوغل عسكرياً عبر الحدود إلى داخل شمالي العراق لملاحقة متمردي (حزب العمال الكردستاني) في تحرك قد يزعزع استقرار أهدأ مناطق العراق . أردوغان جدد موقف بلاده القائل بأن تركيا لن تتحمل مزيدا من هجمات حزب العمال انطلاقا من العراق، داعيا السلطات الامريكية والعراقية الى اتخاذ خطوات فورية لتجنب عملية عسكرية تركية باتت اقرب إلى التحقق. وانتقد رئيس الوزراء التركي دول الاتحاد الأوروبي لعدم القائها القبض على عدد من أعضاء حزب العمال لكردستاني، وتسليمهم لسلطات أنقرة، على الرغم من أن الحزب مصنف في خانة الحركات الإرهابية لدى تلك الدول، فى اشارة الى الخلاف الأخير مع النمسا التي رفضت تسليم السلطات التركية أحد كبار قياديي حزب العمال الكردستاني، الذي استقل بعد ذلك طائرة حملته إلى كردستان العراق . تصريحات اردوغان تأتي بعد يوم من اخفاق المحادثات التي جرت بين وفد عراقي والمسؤولين الأتراك في انقرة بهدف حل الأزمة بشكل سلمي. وكان وفد عراقي قد زار انقرة برئاسة وزير الدفاع العراقي لحل مشكلة حزب العمال الكردستاني،وتقدم بحزمة مقترحات الا ان تركيا اعتبرتها غير مرضية . ومن بين المقترحات التى تقدم بها الوفد العراقى اقتراح بنشر قوات متعددة الجنسيات تقودها الولاياتالمتحدة على الحدود العراقية التركية ، فضلا عن قطع الامدادات عن حزب العمال الكردستاني، والحد من تحركات الحزب، واغلاق المكاتب التي لها صلة به. من جانبها اعتبرت تركيا ان بعض مقترحات الوفد العراقي يحتاج تطبيقها الى وقت طويل، وهى ترى ان العامل الزمني مهم للغاية بالنسبة لها و تتوقع خطوات عاجلة ومحددة من العراق في مجال مكافحة الارهاب. وكانت الحكومة التركية قد اشترطت ان تكبح السلطات العراقية نشاط مسلحي حزب العمال الكردستاني كي تعدل عن خطة القيام بعملية عسكرية كبيرة للقضاء على قواعد الحزب شمالي العراق. وسلمت انقرة بغداد قائمة بقيادات حزب العمال الكردستاني، وطالبت تسليمها جميع مسلحي حزب العمال. تصريحات أنقرة ترفع من مستوى التكهنات باقتراب تنفيذ تركيا لتهديداتها بضرب معاقل مقاتلي حزب العمال في شمالي العراق. ويحتشد على الحدود العراقية حاليا نحو مئة ألف جندي تركي تحسبا لشن عملية عسكرية محتملة للقضاء على ما يقرب من ثلاثة آلاف مسلح من حزب العمال الكردستاني. وكانت طائرات هليكوبتر ومقاتلات تركية قد قصفت مواقع لحزب العمال في ما قد يكون مقدمة لهجوم تركي محدود على مناطق جبال قنديل حيث يعتقد وجود معسكرات لمقاتلي حزب العمال. جدير بالذكر ان هجمات (حزب العمال الكردستاني) كانت قد أودت بحياة 42 شخصاً الشهر الماضي - من بينهم 30 جندياً تركياً - في هجومين ، كما أعلن الفصيل المتمرد اختطاف ثمانية جنود أتراك فقدوا عقب هجوم الأسبوع الماضي . ولم تقر الحكومة التركية رسمياً باختطاف الجنود الثمانية ، إلا أنها أشارت - عقب نشر المتمردين صور فيديو للعناصر المختطفة - إلى وجود أدلة على احتجازهم . فيما اعلن الجيش التركي أنه صد مجموعة كبيرة من المتمردين الأكراد كانت تحاول التسلل عبر الحدود لتنفيذ هجوم داخل أراضيه . ويرى المحللون ان الهجمات الاخيرة على الجنود الاتراك تبدو دليلا على حالة من اليأس فيما لا يظهر في الافق ما يشير لقدرة حزب العمال الكردستانى الذي استنفدت قواه على فرض اهدافه على الأجندة السياسية. من جهتها، نفت حكومة كردستان العراق وجود أي مكاتب لمتمردي حزب العمال الكردستاني في المنطقة التي تخضع لسيطرة حكومة الاقليم الذي يحظى باستقلالية شبه كاملة عن حكومة بغداد المركزية. كما طالبت قوات البشمركة التابعة لحكومة كردستان شمالي العراق المقاتلين من حزب العمال الكردستاني في تركيا بإطلاق سراح الجنود الأتراك الأسرى. نبذة عن حزب العمال الكردستانى: تأسس في سبعينيات القرن الماضي . و بدأ عملياته المسلحة عام 1984. قدم مطالبه بدولة مستقلة في التسعينيات. يطالب بحكم ذاتي اوسع لأكراد تركيا. اعتقل زعيمه عبد الله اوغلان عام 1999. أعلن انهاء هدنة استمرت خمسة أعوام عام 2004. ولا يزال يعتبر عبد الله اوجلان الذي القي القبض عليه في عام 1999 متحدثا محتملا مع الدولة. وعقب القبض عليه دعا اوجلان لحل سلمي واعلن المتمردون هدنة. وتجاهلت تركيا الامرين نظرا لانها مثل الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي تعتبر حزب العمال الكردستاني جماعة ارهابية. وتحول الكثير من بيانات الحزب منذ ذلك الحين للتركيز أكثر على المطالبة بقدر أكبر من الحقوق السياسية والثقافية لما بين 12 و15 مليون كردي في تركيا. ورغم استمرار التعاطف الكبير مع الحزب في الجنوب الشرقي فقد تراجعت شكاوى الاكراد من قمع مصالحهم وثقافتهم.وفي السنوات الاخيرة بدأت تركيا تسمح ببث عدد محدود من البرامج التلفزيونية باللغة الكردية وتدريس الكردية في فصول خاصة. وفي الانتخابات البرلمانية الاخيرة في يوليو حقق حزب العدالة والتنمية مكاسب قوية في المنطقة على حساب الحزب الكردي الرئيسي. وفي الوقت ذاته استمرت هجمات الحزب وزادت كثافتها في الاونة الاخيرة في محاولة للفت الانظار لقضيتهم. ويرى المراقبون ان الامور تزداد صعوبة بعد كل حادث جديد مع المتمردين الاكراد. الا ان هناك احتمالين من شأنهما منع الضربة العسكرية التركية . اولهما المحطة المتوقعة لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في انقرة في طريقها الى اسطنبول في الثاني والثالث من نوفمبرالمقبل للمشاركة في مؤتمر دولي للدول المجاورة للعراق. والاحتمال الثانى المتوقع ان تبلغ الجهود الدبلوماسية الحثيثة للحيلولة دون توغل عسكري تركي في مناطق الأكراد بشمال العراق ذروتها عبر اللقاء المرتقب بين أردوغان والرئيس الأمريكي " جورج بوش" في واشنطن في الخامس من الشهر المقبل لاجراء محادثات في البيت الابيض، هي الاولى منذ فوز حزبه العدالة والتنمية المنبثق من تيار اسلامي في الانتخابات التشريعية في يوليو. وكان رئيس هيئة أركان الجيش التركي الجنرال " يشار بويوكانيت" قد أشار في وقت سابق إلى أن القيادات السياسية قررت تأجيل إطلاق عملية عسكرية ضد قواعد المتمردين الأكراد في شمالي العراق إلى ما بعد لقاء اردوغان وبوش . 28/10/2007 المزيد من التقارير والملفات