هل يشفع لوزير العدل اللبناني شارل رزق فرانكوفونيته وحمله لواء المحكمة الدولية لمحاكمة المسؤولين عن اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري وما تبعها من جرائم، في ترجيح حظوظه لتبوؤ كرسي الرئاسة في لبنان؟ أم ان خلافه مع رئيس الجمهورية اميل لحود الذي قيل إنه أخل بالتوازنات داخل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة سيجعله فاقداً مواصفات «المرشح التوافقي»؟. يكاد الدكتور رزق ان يجزم بأن المحكمة الدولية «هي مفتاح الاستقرار او الانفجار في لبنان، واذا ما قدر للمحكمة ان تأخذ طريقها الى كشف المجرمين فإنها ستوصل لبنان الى الاستقرار، اما اذا كانت محكمة من دون محاكمة فستكون عنصر توتر جديد داخلي وإقليمي وحتى دولي وهو ما يجب على الرئيس المقبل أن يكون قادراً على التعامل معه بحزم ومرونة في آن». يحرص رزق على رسم مسافة واحدة بينه وبين جميع الأطراف اللبنانيين، فتجربته الشهابية التي خاضها حين كان في الثالثة والعشرين من عمره من خلال شغله منصب مدير الدراسات في معهد الدروس في مجلس الخدمة المدنية، لتكر بعدها سبحة العمل في الشأن العام في ظل الرؤساء فؤاد شهاب وشارل حلو والياس سركيس، علمته كما يقول «إن التوازن ركيزة لبنان وإن الوقوف الى جانب القضايا العربية هو ميزان الاستقرار في هذا البلد وإن استئثار فئة بالحكم هو بداية التفجير والفتنة». شارل رزق من مواليد بيروت (الأشرفية) عام 1935، درس الحقوق في فرنسا ونال الدكتوراه بتفوّق من جامعة باريس وتابع دراساته العليا ونال أيضاً إجازة في العلوم السياسية من الجامعة نفسها ثم إجازة في الآداب من جامعة ليون الفرنسية. أدّى تعيينه رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون لبنان عام 1978 ومديراً عاماً له بعدما شغل سابقاً ولمرتين منصب المدير العام لوزارة الإعلام الى حصول أول صدام بينه وبين ميليشيات الحرب وتحديداً مع قائد «القوات اللبنانية» آنذاك بشير الجميل وذلك على خلفية رغبة الأخير بتشغيل إحدى قنوات تلفزيون لبنان لمصلحة «القوات» وتعرض رزق للخطف على يد «القوات» لساعات لكنه «لم يرضخ ولم يوقع ورقة...وصرنا أنا وبشير الجميل اصدقاء مقربين». مع مغادرة آخر الرؤساء الشهابيين (سركيس) ترك رزق الإدارة العامة، بل غادر لبنان الى العمل في الحقل الخاص في مجال المعلوماتية في أوروبا والولايات المتحدة. وشكلت جريمة اغتيال الرئيس الحريري مرحلة جديدة في حياته السياسية فعاد وزيراً للإعلام والسياحة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ( 19 اذار الى 19 تموز 2005) ثم وزيراً للعدل في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. حين يتحدث رزق عن علاقاته مع القيادات السياسية يبدأ من «علاقة مميزة» مع الامام المغيب موسى الصدر مروراً باعجابه ب«الثقافة الفرنسية» للزعيم الراحل كمال جنبلاط و«انفتاحه والمامه بالفكر العربي والآسيوي والفكر الغربي»، و«احترامه» للشيخ بيار الجميل، وتأثره ب «كبر الرئيس رفيق الحريري الذي لاحظت أنه يعرفني اكثر مما كنت أتصور»، وإعجابه بثقافة البطريرك الماروني نصر الله صفير الواسعة لا سيما المعلوماتية، وصداقته لكل من رئيس «تكتل التغيير والاصلاح النيابي» ميشال عون الذي يصفه بأنه «رجل حق»، ورئيس الهيئة التنفيذية ل«القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي يعتبر انه مر ب«جلجلة بسبب الطريقة الوحشية التي سجن فيها». وحين يأتي إلى الحديث عن علاقته المهتزة مع الرئيس اميل لحود فإنه يميز بين «الصداقة» وبين «حرية الرأي»، ويرد الخلاف الى مواقف لحود من التشكيلات الإدارية ومن المحكمة الدولية، «له تفسيره ولي تفسيري ولن أحيد عن خطي، انا متمسك بالمحكمة لأنني مقتنع بأن الجريمة التي نحن بصددها إرهابية دولية وتحتاج الى محكمة ذات طابع دولي والجميع مقتنع بذلك من «حزب الله» الى قوى 14 اذار واذا لم امش فيها أكون خارج الإجماع الوطني ولا أريد ذلك». يعتبر رزق أن انجاز المحكمة الدولية لبنانياً يعود «الى وزارة العدل التي اعدت المشروع وأوفدت القضاة الى نيويورك ولاهاي للمتابعة وأمنت الأجواء لاجتماعات لجنة التحقيق الدولية وعملها». لم يعلن رزق ترشحه للرئاسة في مؤتمر صحافي بل ترك مواقفه تدل الى سعيه وراء ما اعتبره «خدمة بلدي من الموقع الذي اشغله»، فهو يؤمن بأن «من يصدق الوعود الرئاسية يكون لا يفهم بالسياسة، السياسة لا تعطى إنما تؤخذ وتستحق». واذ يعتبر رزق أن التوافق لا يعني «مواصفات الرئيس لأن الجميع توافقيون، بل محاولة الاتفاق على جدول أعمال لبنان للسنوات الست المقبلة»، ومن هنا يطرح رزق نفسه «مرشح الملفات الأربعة»: - المحكمة الدولية، «وهو الموضوع الأكثر إلحاحاً لأننا نريد رئيساً يحصر موضوع المحكمة في الشأن القضائي من دون ان يجعلها موضوعاً للنيل من النظام السوري. وهذا يتطلب رجلاً ملماً بالموضوع». - أما الملف الثاني فيتمثل بإعادة الوحدة الوطنية من طريق قانون انتخاب جديد «وقدمت مشروعاً يقوم على كتلتين سياسيتين تتمثل فيهما جميع الطوائف، كتلة حاكمة بالأكثرية وكتلة معارضة»، - والملف الثالث «إعادة النظر في دور القوات المسلحة في الوطن، أي تجهيز الجيش وقوات الأمن وتكون إعادة النظر هذه مدخلا الى معالجة موضوع سلاح المقاومة والمقاتلين فيها»، - والملف الرابع اقتصادي «يقوم على التزاوج بين لبنان المقيم ولبنان المغترب».