يقف المجتمع اللبناني هذه الأيام علي حافة حادة بعد حادث اغتيال بيير الجميل الوزير الشاب سليل أسرة لبنانية عريقة ومن أقطاب الأغلبية المناوئة لسوريا ولرئيس الجمهورية الحالي اميل لحود. والهزة التي احدثها اغتيال الشيخ بيير لا تقل عن الهزة التي وقعت بلبنان في اعقاب اغتيال الشيخ رفيق الحريري رئيس الوزراء الاسبق والتي لا تزال تداعياتها تتوالي حتي الآن. عقب اغتيال الحريري تصاعدت الحملة ضد سوريا واجبرت الأممالمتحدة سوريا علي سحب قواتها ووجودها الرسمي في لبنان إلي ما وراء الحدود الدولية بعد ان ظل الوجود السوري في لبنان يقود الحياة السياسية منذ اتفاق الطائف وحتي عدة شهور قليلة سبقت. ولم يكن اتهام سوريا من فراغ بأنها وراء اغتيال الحريري رغم ان الاتهامات لم تؤيدها أدلة دامغة حتي الآن. وذلك ان رفيق الحريري كان يتولي إدارة موقف سياسي داخلي ودولي لإنهاء الوجود السوري في لبنان رغم سابق علاقته الوثيقة بسوريا. وفجر تلك الأزمة في حينها اصرار النفوذ السوري في لبنان علي تعديل دستوري يسمح لرئيس الجمهورية الحالي اميل لحود بالبقاء في منصبه وكان يتعين عليه ترك منصبه قبل اغتيال الحريري بوقت قصير ولكن التعديل الذي أقره مجلس النواب علي غير اجماع بين القوي اللبنانية كان القشة التي قصمت ظهر البعير -كما يقول المثل - وتصاعدت الأحداث بعدها علي النحو الذي وصل اليه الموقف الآن. ولا يمكن فصل عملية اغتيال الشيخ بيير الجميل عن واقعة اغتيال الحريري لأن الخلاف كان قد وصل إلي طريق مسدود بين الفرقاء اللبنانيين حول القبول بتشكيل المحكمة الدولية التي ستنظر في قضية اغتيال الحريري. قبلها كان وزراء معارضون ينتمون إلي حزب الله وحزب أمل انسحبوا من وزارة السنيورة لاسقاطها وهدد حسن نصر الله باللجوء إلي الشارع لاسقاط الحكومة للحيلولة دون قبولها بالمحكمة الدولية وعارض رئيس الجمهورية اميل لحود اتجاه الحكومة إلي القبول بالمحكمة الدولية وأعلن رأيه بعدم دستوريتها وأهليتها لاتخاذ القرار لهذا الشأن. حكومة السنيورة التي تستند إلي أغلبية نيابية اتخذت القرار وتجاهلت الاعتراضات وانهارت محادثات الفرقاء لتشكيل حكومة وحدة وطنية وانطلقت الرصاصات لتخترق جسد الوزير المؤيد للسنيورة كما لو كانت عملية انتقام عشوائية ورد فعل عصبي ينم عن الغيظ من حكومة السنيورة وكانذار لها بعدم التمادي وإلا فانها ستفقد وزراءها بالاغتيال. والاتهام يذهب نحو سوريا مرة أخري ولكن المستفيد ليس سوريا لانها ستعود إلي بؤرة الضغوط الدولية فكيف اذن تقف سوريا وراء حادث يؤدي إلي مزيد من الضغوط عليها هذا هو السؤال اللغز؟!!