ما زال مئات المواطنين يحبسون أنفاسهم، في انتظار انجلاء الصورة حول موقف "طيران الجزيرة" والسلطات الإيرانية من حجوزاتهم السابقة التي ألغيت إلى طهران، متسائلين عن مصير آلاف الدنانير التي دفعوها لقاء السفر هناك. وتتجاوز تداعيات المشكلة خسائر المواطنين المادية، إلى الأبعاد الأخرى، إذ خلطت هذه الإجراءات مؤخراً، أوراق وأجندة الكثير من العائلات لقضاء إجازة الصيف الحالي ودفعتهم إلى إعادة ترتيب أولوياتهم من جديد. وكانت شركة طيران الجزيرة الكويتية، أطلقت رحلات مباشرة عارضة غير مجدولة، فقط لموسم الصيف من البحرين إلى مشهد في إيران، بعد حصولها على موافقة مبدئية من إدارة الطيران المدني الإيراني، غير أن الأحداث التي تشهدها إيران إثر الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قلبت الموازين وجمدت الموافقة بتسيير رحلات مباشرة من البحرين إلى إيران. وبحسب الوكيل الحصري المعتمد لطيران الجزيرة في المملكة والرئيس التنفيذي لبيت السفر للسياحة، إبراهيم الأمين فإن كافة الرحلات المباشرة من البحرين إلى مشهد والعكس تم إلغاؤها، لافتاً إلى أنه من المقرر أن يتم تسيير رحلتين مباشرتين إلى مشهد في الأسبوع الواحد إلى جانب الرحلات غير المباشرة عن طريق الكويت والمجدولة سابقاً. وبين الأمين أن طيران الجزيرة أرادت الاستفادة من الطلب على إيران في السوق المحلي، الأمر الذي جعلها تتجه إلى تسيير رحلات مباشرة إلى مشهد وطهران وأصفهان، خلال فترة الصيف إلى جانب تقديم خيارات مناسبة لعملائها، لكن خطتها لم تجرِ بالشكل المطلوب. إلى ذلك أبدى مقاولون ومنظمو رحلات سياحية إلى إيران ومواطنون، قامت "الجزيرة" بإلغاء رحلاتهم، استياءهم الشديد جراء ما وصفوه ب"التلاعب" وإطلاق رحلات وهمية على حسابهم مطالبين بتعويضات على حجوزاتهم الملغية وإجازاتهم التي فسدت وألحقت بهم أضرارا نفسية. وحمّل هؤلاء المسؤولية على الشركة مطالبين الجهات المعنية بالتدخل السريع لحل تلك الأزمة التي علق فيها عدد كبير من المسافرين البحرينيين، مشيراً إلى أنه لا يتوجب على الشركة إطلاق رحلات وهمية قبل الحصول على الموافقات النهائية من مختلف الجهات والأطراف سواء في البحرين أو إيران. وقال أحد المواطنين ممن ألغيت حجوزاتهم سيد حميد محفوظ: "قمت بالحجز لي ولعائلتي المكونة من 5 أشخاص عن طريق موقع الشركة الإلكتروني وتفاجأت بإلغاء حجزي قبل يوم واحد فقط من السفر المقرر بتاريخ 28 من الشهر الماضي". ويضيف محفوظ ل"الوطن": تسببت طيران الجزيرة في إلغاء رحلتي بالكامل مما تسبب بأضرار نفسية لي وعائلتي إلى جانب الأضرار المادية كوني قمت بحجز الطيران الداخلي في إيران وحجزت الفنادق إلى جانب تأشيرات الدخول إلى إيران". وطالب محفوظ "طيران الجزيرة" بتعويضه عن رحلته التي ألغيت، مؤكداً أهمية تدخل المختصين والمعنيين في الدولة، لمنع ذلك من التكرار للراغبين في السفر إلى إيران، لافتاً إلى أن عدم التزام الشركة بوعودها تجاه عملائها يجب أن تحاسب عليه. إلى ذلك قال أحد المقاولين ومنظمي الرحلات إلى إيران، "رفض الإفصاح عن اسمه"، إن الجزيرة تسببت في إلغاء حجوزات قرابة 250 مواطناً كانوا قد سجلوا للسفر، ولديه رحلة شاملة إلى إيران، مشيراً إلى أنه عاجز عن حل تلك المشكلة التي لم تتكرر من قبل. وبيّن المقاول أن التزامات مالية كبيرة تترصد به جراء تلك المشكلة، وطالب بتعويض له ولمسافريه لقاء ما حدث، مبيناً أن تأجيل الرحلة لايجدي كونه ومسافريه مقيدين بحجوزات فندقية وطيران داخلي في إيران. وأشار إلى أنه حاول إنقاذ مشكلته باللجوء إلى رحلات أخرى على نفس الطيران، غير أن مسافريه أبدوا عدم رغبتهم بذلك لفقدان ثقتهم بإجراءات الشركة. ومن المعروف أن كلف "طيران الجزيرة" منخفضة إجمالا، وتقدم أسعاراً مخفّضة وتنافسية في سوق السفر المحلي، مما يدفع شريحة كبيرة من الناس الاتجاه لها للحصول على حجوزات مناسبة ومنخفضة الكلفة لوجهاتهم المطلوبة. وكان عاملون في القطاع السياحي أكدوا سابقاً ل"الوطن" أن عدد السياح البحرينيين، الذين يقصدون إيران في ازديادٍ مستمر، رغم ما تشهده طهران من أحداث عنف جاءت إثر الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي احتج عليها الإصلاحيون، مؤكدين بذات الوقت أن تلك الأحداث لم تؤثر على انسياب الحملات السياحية البحرينية، مقدرين عدد البحرينيين القاصدين إيران هذا الصيف بحوالي 10 آلاف سائح. ونفى هؤلاء وجود أي نوع من التخوف أو التراجع عن السفر إلى إيران عند الراغبين بالسفر من السياح البحرينيين، لافتاً إلى أن الإقبال على زيارة إيران هذا العام يفوق الأعوام السابقة ويعزى السبب إلى أنفلونزا الخنازير التي انتشرت في الدول الأوروبية الأمر الذي جعل إيران وجهة سفر لدى شريحة من البحرينيين". ويتركز الطلب على مدن مشهد وأصفهان وقم والمناطق الشمالية، لكن 70% على الأقل يذهبون إلى مشهد حيث السياحة الدينية. برغم ارتفاع الأسعار قياساً بالعام الماضي، حيث ارتفعت كلفة الرحلة لمدة أسبوع للشخص الواحد من 270 ديناراً تقريباً، إلى نحو 350 ديناراً مؤخراً