رغم كثرت الفنادق وانتشارها في مختلف إمارات الدولة، وما تتمتع به من امتيازات وخدمات راقية، إلا أنها لم تصل بعد إلى نيل إعجاب ورغبة الكثير من المواطنين والمقيمين، الذين يشكون من ارتفاع أسعار غرفها وخدماتها، مقارنة مع ما يحصل عليه السائح الأجنبي القادم من خارج الدولة. هذا الأمر أثر سلباً على نمو السياحة الداخلية، وأدى إلى حرمان المواطن والمقيم على السواء من الاستمتاع بخدمات هذه الفنادق التي تعتبر جزءاً مكملاً لنجاح السياحة، وبالطبع هذا قلل كثيراً من عدد زوار الأماكن السياحية المحلية في مختلف إمارات الدولة. إذن ارتفاع أسعار الفنادق وتأثيرها على السياحة الداخلية، خاصة في مثل الظروف الحالية التي ينتشر فيها وباء مرض أنفلونزا الخنازير الذي أصبح يهدد الكثير من بلدان العالم، هذا الأمر هو جوهر تحقيقنا، والذي نبدأ به مع نماذج لها اهتمامات بالسياحة في داخل الدولة أو خارجها. بداية يقول محمد برغوثي (موظف): من واقع تجربتي مع الفنادق سواء داخل أو خارج الدولة، أشعر بأن هناك تمييزاً واضحاً في الأسعار بيننا وبين الأفواج السياحية القادمة من الخارج، والتي تحظى بأسعار رخيصة جداً مقارنه معنا نحن المقيمين في الدولة، وبتقديري إن الأسعار الحالية لا تشجع أبداً على السياحة الداخلية، فهي مرتفعة جداً مقارنة مع الدول الأخرى، وفي غالب الأحيان أفضل السفر إلى خارج الدولة والاستمتاع بالعروض التي تقدمها مكاتب السفر والسياحة. والتي تكون أقل من الأسعار التي تعرضها الفنادق نفسها، وأعتقد انه من الضرورة قيام الفنادق بوضع تحديد خاصة لسكان الدولة، لتشجيع نمو السياحة الداخلية، فعندما تخفض الأسعار سيساهم ذلك بخلق حركة سياحية داخلية، خاصة وان إمارات الدولة ولله الحمد تتمتع مدنها بأماكن ومعالم سياحية متنوعة، وفي الوقت نفسه أنا لا ألوم المواطن أو المقيم الذي يرى في السياحة الخارجية أفضل منها على السياحة الداخلية فالأولى تتمتع بأسعار منخفضة جداً مقارنة بما نعيشه هنا. ولكن هناك أمر استجد مؤخراً وهو انتشار مرض أنفلونزا الخنازير الذي انتشر في كثير من بلدان العالم، وأصبح الناس يهابون السفر لهذه البلدان أو غيرها، وأرى أن الفنادق في داخل الدولة، عليها أن تنتهز هذه الفرصة لتقدم للمواطنين والمقيمين أسعاراً تشجيعية في الداخل، بل وعلى المسؤولين تحفيز الفنادق على ذلك. فرق واضح ويقول ناصر راشد (تاجر): حقيقة هناك فرق واضح في الأسعار التي تعطى للمواطنين والمقيمين مقارنة مع المجموعات السياحية القادمة من خارج الدولة، ومثال على ذلك، قمت قبل أيام بحجز غرفة في أحد فنادق الفجيرة بسعر 1200 درهم في حين أن أحد النزلاء كان قد حصل عليها بأقل بل وبنسبة تخفيض 50%، وفوجئت أيضاً بوجود غرف شاغرة كثيرة، رغم إنهم قالوا لي أثناء الحجز بأنه لا توجد غرف شاغرة، ولو قمت بحجز غرفة في أي دولة أخرى سوف أحصل على سعر أفضل بكثير من المعروض هنا، وكثير من الأصدقاء يواجهون ذات المشكلة. وهذا يمنعهم من زيارة مناطق الدولة والاستمتاع بمعالمها وتطورها، أيضاً المقيمون في الدولة لا يعرفون بعض هذه المناطق بسبب ارتفاع أسعار الخدمات الفندقية، ويجب أن تعمل الفنادق على تقليل أسعارها خاصة في هذا الوقت، الذي ألغى الكثير من الناس حجوزات سفرهم للخارج، بسبب الأزمة المالية وانتشار مرض أنفلونزا الخنازير. شادي نصر الله (موظف) قال: لا أنكر أن السائح القادم من خارج الدولة يحصل في كثير من الأحيان على عروض أو أسعار جيدة مقارنة مع سكان الدولة، وسبب ذلك انه يحصل على هذا السعر من خلال وكالة سياحة وسفر، التي عادة ما تكون لديها الأسعار أقل بكثير من تلك الموجودة لدى الفنادق، وهذا عادة ما يحدث معي شخصياً عندما أنوي السفر إلى خارج الدولة، حيث أحصل على أسعار جيدة من خلال وكالات السفر. الفنادق والسياحة الداخلية واستكمالاً للموضوع ذاته كان لا بد من التوجه للفنادق التي تمثل ركناً أساسياً في تحقيقنا لمعرفة كيف يمكن لها المساهمة في تشجيع السياحة الداخلية. وحول ذلك قال توماس توما المدير المقيم لفندق البستان روتانا بدبي: السوق المحلي يمثل مصدر دخل مهماً للفنادق المحلية، ولذلك 90% من العروض التي تقدمها روتانا للفنادق توضع وفق متطلبات السوق المحلي، مع مراعاة أن لكل سوق استراتيجيته في الاستقطاب وتحديد الأسعار، ونحن لا نتعامل مع السائح الأجنبي مباشرة. وإنما نتعامل مع منظمي الرحلات السياحية ومكاتب السفر الذين يحصلون على أسعار مخفضة كلما ارتفع عدد الغرف التي يشغلونها، وبتقديري إن ارتفاع الأسعار أو حتى تحديدها لا يكون بالضرورة عاملاً مؤثراً على السياحة الداخلية، لأنها تختلف من موسم لآخر، وتعتمد على سياسة العرض والطلب. ومن جانبه، قال باتريك أنطاكي، المدير العام لفندق ومنتجع مريديان العقة بالفجيرة: أعتقد انه يتوجب على الفنادق طرح العروض الدورية لاستمرار التواصل مع المستهلكين في الدولة، وغالباً ما تكون هذه العروض محط إعجاب المواطنين والمقيمين. كما أنها تشكل فرصة مثالية لتعزيز كسب العملاء الذي يعد العامل الأهم الذي يتوجب أن تستهدفه أية صناعة بهدف تحقيق النجاح على المدى الطويل، ومعدل تغير الأسعار يتناسب بشكل دائم مع نوع الغرفة أو مدة الإقامة، كما أنها تختلف نظراً للموسم ولسياسة العرض والطلب بغض النظر عن بلد الإقامة. وبالتالي فلا يمكن تحديد سعر ثابت للغرف في أي فندق، وارتفاع أسعار الفنادق لا أعتقد أنها تؤثر سلباً على السياحة الداخلية، لأنه لا يمكن لأحد التوقع بأن تحافظ الفنادق على ذات الأسعار خلال موسمي الصيف والشتاء، وفي حال المبالغة في أسعار الحجوزات وعدم توافر القيمة مقابل هذه الأسعار أعتقد أنها سوف تؤثر في مجال أعمال الفندق. ومن جهتها قالت لينلي هنغ المدير الإقليمي للمبيعات والتسويق في الشرق الأوسط بفندق دوست تاني بدبي: الفنادق تلعب دوراً مهماً في تشجيع السياحة الداخلية وهذا أمر مؤكد، ولكن يجب أن ندرك بأننا نعتمد في مجالنا على الخدمة المقدمة للزبائن والتي تمنحهم الفرصة لخوض التجربة. وفي عملنا عموماً لا نفرق بين ضيوفنا سواء إذا كانوا من داخل الدولة أو خارجها لأنهم في النهاية هم عملاء، ولذلك لا اتفق مع مقولة إن السائح الأجنبي يحصل على سعر أفضل أو اقل من المواطن أو المقيم في الدولة، لأننا نعتمد في عملنا على العديد من القنوات مثل وكالات السياحة والسفر، والشركات التجارية العاملة في هذا المجال، والتي تحصل على أسعار مخفضة لقيامها بتشغيل جزء كبير من الفندق، والأسعار حالياً أصبحت أكثر مرونة مع الأزمة المالية، إلى جانب اختلاف الموسم الذي يلعب دوراً مهماً في تحديد الأسعار. شعار الخطة الجديدة «زوروا دبي هذا الصيف» قال إياد عبدالرحمن المدير التنفيذي لقطاع العلاقات الإعلامية بدبي، ان للقطاع الفندقي مساهمة كبيرة في تشجيع السياحة الداخلية، وذلك من خلال ما تقدمه من أسعار وعروض خاصة للمواطنين والمقيمين في الدولة، إلى جانب ما تنظمه من رحلات داخلية لأهم المواقع السياحية والتراثية للنزلاء، ومشاركات في معظم الفعاليات التي تقام في إمارة دبي والدولة بشكل عام، كما ذكر أن دائرة السياحة بدبي لا تتدخل في تحديد أسعار الفنادق لكونها تخضع لقانون العرض والطلب، ولكن هناك مجموعة يطلق عليها «مجموعة الفنادق» تتبع لدائرة السياحة وتضم ممثلين عن المنشآت الفندقية وتعقد اجتماعات دورية لبحث الأمور التي تهم القطاع السياحي بدبي. ومن بينها المشاركة في الخطط التسويقية والترويجية التي تضعها الدائرة لجذب المزيد من السياح والزوار إلى الإمارة وفي هذا الإطار يتم التوصل إلى أسعار مناسبة وعروض خاصة بهدف زيادة نسب الإشغال في المنشآت الفندقية سواء من السياح والزوار أو من المواطنين والمقيمين على أرض الدولة. وعن خطة الدائرة لتشجيع السياحة الداخلية قال: عادة ما نستهدف عند وضع أي خطة ترويجية زيادة نسب الإشغال بشكل عام، ولا يهم هنا إذا كان النزلاء من خارج أو داخل الدولة، وبالتأكيد نحرص على أن يحصل المواطن أو المقيم على نفس المزايا التي يتمتع بها السائح القادم من الخارج. وأشار إلى دائرة السياحة بالتعاون مع المنشآت الفندقية يعكفون حالياً على وضع اللمسات الأخيرة لخطة تسويقية جديدة تستمر حتى نهاية العام تحت شعار «زوروا دبي هذا الصيف»، بهدف زيادة نسب الإشغال في المنشآت الفندقية سواء من السياح أو المواطنين والمقيمين على أرض الدولة.