وسط مخاوف من تحور إنفلونزا الطيور, وانتقالها للبشر, تثير حظائر الخنازير في مصر مخاوف أخري, لاسيما أن لدينا أكثر من300 ألف خنزير بمختلف المحافظات المصرية, وتأتي المخاوف من أن الخنازير تمثل وعاء مناسبا لنمو وتكاثر أكثر من نوع من الانفلونزا في نفس الوقت. وتتزامن هذه المخاوف مع ما أعلنته منظمة الصحة العالمية بشأن ظهور حالات وفاة نتيجة الإصابة بفيروس انفلونزا الخنازير, حيث توفي60 شخصا بالمكسيك, وهناك اشتباه في إصابة943 حالة أخري بالفيروس, فضلا عن تسجيل7 حالات إصابة في الولاياتالمتحدةالأمريكية, الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية إلي التخطيط لعقد اجتماع طارئ لتقييم ما إذا كانت حالات تفشي انفلونزا الخنازير تمثل تهديدا صحيا دوليا, وذلك وسط مخاوف من تفشيه في أمريكا الشمالية. والخطير في الأمر أن الفيروس في الولاياتالمتحدة مزيج لم يعرف من قبل لفيروسات نمطية في الخنازير, والطيور, والبشر.. والوضع الحالي يلقي بظلاله علي الحالة في مصر في ظل انتشار زرائب الخنازير, حيث تشير الأرقام إلي وجود300 ألف خنزير بمختلف المحافظات المصرية, وبشكل عشوائي بمحافظة الجيزة بمناطق صفط اللبن, وأرض اللواء التي يوجد بها400 حظيرة تؤوي30 ألف خنزير, ومنشية ناصر بالقاهرة والتي تعد أكبر مناطق تربية الخنازير وأخطرها لاختلاط المناطق السكنية بحظائر تربية الخنازير, وتضم864 حظيرة بها63 ألف خنزير, إلي جانب عدد من الزرائب بعزبة النخل, كما يوجد بمحافظة الدقهلية ما يقرب من60 ألف خنزير... فما هي مخاطر زرائب الخنازير في مصر؟ وما هي التحذيرات التي يثيرها العلماء من الخطر الذي تشكله سواء كمصدر انفلونزا الخنازير أو الخطر الكامن في تحوير انفلونزا الطيور لتنتج فصيلة بشرية منها؟.. في البداية يوضح الدكتور عادل عبد العظيم أستاذ الأمراض المعدية بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة أن إنفلونزا الخنزير تمثل إحدي سلالات إنفلونزا الطيور التي تضم ثلاثة فروع هي أ,ب,ج, ولكنها سلالة خاصة بالخنازير. وتتكون سلالة إنفلونزا الخنازير التي يرمز لها بالرمز إتش3 إن7 كما في كل سلالات إنفلونزا الطيور من مادة هيم أجلوتينين التي يرمز لها بالرمز إتش, وإنزيم نيورانيديز الذي يرمز له بالرمز إن. كما أن هناك سلالة أخري تصيب الخيل هي إتش9 إن2. ومن المعتاد كما يقول أستاذ الأمراض المعدية أن يصيب الفيروسان ب,ج الإنسان, أما الفيروس أ, فيصيب جميع الحيوانات, والطيور, والإنسان أيضا. وتضم فصيلة إنفلونزا الطيور15 نوعا تتكون جميعها من مادة هيم أجلوتينين إتش, وإنزيم نيورانيديز إن, وكان الاجتياح العالمي القديم لإنفلونزا الطيور من الفصيلة إتش1 إن1, أما الفيروس المنتشر منذ بداية التسعينات من القرن العشرين وحتي الآن, فهو من النوع إتش5 إن1, المعروف بأنه الأكثر ضراوة, لأنه عندما يصيب الطيور تصل نسبة الإصابة به إلي نحو100%. كيف دخل المرض إلي مصر؟ يوضح الدكتور عبد العظيم أن من يرجع إلي بنك الجينات الخاص بالفيروسات المعزولة حتي الآن لإنفلونزا الطيور, يجد أن الفيروس المعزول من أحد الطيور المصرية في شهر فبراير عام2006, يرجع إلي نفس الفيروس المعزول من سلوفانيا, وليس الصين كما ردد البعض. ومن غير الموثوق به أن يكون هناك دور للطيور المهاجرة في نشر المرض داخل مصر, لأن المرض ظهر بمصر في فبراير2006 في أكثر من محافظة في نفس الوقت, مما يعني أن مصدر العدوي واحد, لأن خريطة المحافظات التي ظهر بها المرض لاتتوافق مع خط سير الطيور المهاجرة عبر مصر. مما يؤكد أن نقل الطيور الحية المصابة بالعدوي من محافظة إلي أخري هو السبب الأكثر احتمالا لانتشار المرض بمصر. ويري الدكتور عبد العظيم أن اللقاحات المستخدمة حاليا ضد السلالة المنتشرة من فيروس إنفلونزا الطيور إتش5 إن1 لا تمنع العدوي والإصابة, ولكنها فقط تحد من ظهور أعراض المرض المميتة علي الدواجن المعرضة للعدوي بالفيروس. ويكمن الخطر الحالي علي حد قوله في أن بعض البشر لديهم أجسام مضادة للفصيلة المنتشرة الآن من الفيروس وهي إتش5 إن1 دون أن تظهر عليهم أي أعراض للاصابة, فإذا كان الفيروس مازال موجودا بأجسامهم, ويتعرضون للاصابة بنوع آخر من الانفلونزا ب أو ج, فمن المؤكد حينئذ أنهم هم أنفسهم سيكونون بمثابة وعاء لانتاج فيروس جديد محور قابل لنقل العدوي. ويقول الدكتور محمد أحمد محمود أستاذ الفيروسات بالمركز القومي للبحوث ان نوع الفيروس في الإصابات بالمكسيكوالولاياتالمتحدة من النوعA(1N1H), وهو من نوع الفيروس الشرس الذي ظهر في وباء عام1918 وكمن بالخنازير عبر سنوات كثيرة, حيث يعد الخنزيروعاء حاضنا لمعظم أنواع فيروسات الانفلونزا, وتعتبر الخنازير مستقبلا لجميع أنواع الانفلونزا, ولذلك يمكن حدوث الخلط بين جينات الأنواع المختلفة للفيروسات, وفي عام1976 حدث وباء انفلونزا الخنازير وأصاب200 شخص, وتوفيت حالة واحدة فقط, وفي عام1988 ظهرت حالة بشرية لانفلونزا الخنازير بسيدة حامل ولكنه لم يظهر بصورة وبائية لوجود مناعة لدي الإنسان. ويلفت الأنظار في الظاهرة الحالية حجم التغييرات في الحامض النووي أثناء تكاثر الفيروس, حيث كشفت دراسات مراكز الأبحاث, التي أجريت منذ بداية الأزمة أن الفيروس يتأثر بشدة بعلاج التاميفلو, ولكنه يقاوم عقار الادميز, وهذا يدل علي حدوث تغيير كبير في المورث الجينيM بالحمض النووي, ويعد ذلك مؤشرا لخطورة كبيرة علي الإنسان وسهولة انتقاله للبشر بنسبة تتعدي90%, ويكون أكثر الأشخاص عرضة لإصابة المربين أو المتعاملين مع الخنازير. ويشير إلي خطورة الوضع في مصر لأنه في عام2006 تم إعدام معظم الدواجن بالمزارع, ولم يتم إعدام الخنازير, والتي تعد الوسيط الناقل للفيروس للإنسان, كما تتفاقم المشكلة نتيجة توطن فيروس أنفلونزا الطيور1N5H في مصر, ووجوده داخل الخنزير وفي وعاء واحد بما قد يتسبب في ظهور سلالات جديدة نتيجة عملية التبادل الجيني, وفي الوقت الذي يتم فيه الفحص الروتيني للخنازير بالدول الأوروبية للتعرف علي أنواع فيروسات الانفلونزا التي تحملها, نفتقر في مصر إلي التدابير الوقائية التي لا تحول دون وقوع الإصابات. ويوضح الدكتور صلاح عبدالكريم أستاذ الميكروبيولوجي والمناعة بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة أن الفيروس في الظاهرة الحالية شرس, وذلك نتيجة ارتفاع عدد الوفيات والإصابات التي تخطت60 حالة وفاة خلال أيام قليلة, وذلك مقارنة بإصابات ووفيات انفلونزا الطيور, كما تزيد احتمالات انتقاله إلي البشر بشكل أسهل مقارنة بانفلونزا الطيور, ويتحور فيروس انفلونزا الخنازير دائما ويتحول إلي فيروس شرس, وللأسف لايوجد تطعيم وقائي ضد انفلونزا الخنازير, ويتطلب تجهيز الأمصال10 أشهر. وحول الوضع في مصر يطمئن الدكتور صلاح عبدالكريم من أن قلة عدد مزارع الخنازير, وقلة عدد المتعاملين مع الخنازير يمثل حماية طبيعية, ولم تظهر حالات إصابة بانفلونزا الخنازير, ويطالب بضرورة تطبيق الرقابة البيطرية الصارمة حول مزارع الخنازير. وعن انتشار المرض والتدابير الوقائية في المنطقة العربية: فهناك اشتباه في إصابة اسرائيلي بالمرض كما ذكرت جريدة القدس ان هناك اشتباه في إصابة الاسرائيلي تومير فاجيم العائد من المكسيك بعدوي مرض انفلونزا الخنازير كأول حالة مشتبه فيها في الشرق الأوسط وقد جرى احتجازه في المستشفى بمدينة نتانيا وفي الأردن ذكرت جريدة الغد أن وزارة الزراعة علقت أمس استيراد جميع منتجات لحوم الخنازير، باستثناء "المعامل منها حراريا، مثل اللانشون والمعلبات، كون عدم إصابتها بمرض انفلونزا الخنازير مضمونا". وتشديد الرقابة على الحيازات الفردية من الخنازير المرباة ضمن نطاق أسري في محافظتي الكرك ومادبا، بينما في إربد، يتخوف مواطنون من انتقال المرض بواسطة خنازير برية قادمة عبر الحدود من إسرائيل، وطالبوا الجهات المعنية ب "اتخاذ إجراءات احترازية لمنع وصول المرض إلى مناطق وادي الأردن الحدودية" وقد أعلنت مملكة البحرين بحسب جريدة أخبار الخليج خلوها من مرض انفلونزا الخنازير لأنها لا تستورد الخنازير الحية بشكل مطلق، وان البحرين عازمة على التحفظ في استيراد منتجات الخنازير بأنواعها كإجراء احترازي بسبب انتشار مرض أنفلونزا الخنازير