الأهرام: 22/3/2009 تري ماذا فهمت طهران من هاتين الرسالتين اللتين بعث بهما كل من الرئيس الأمريكي أوباما, والرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز إلي الشعب الايراني النبيل في عيد النيروز وبعد30 سنة من قطع العلاقات بين واشنطنوطهران, يعرض كل منهما في رسالة ناطقة بالفارسية علي الشعب الايراني وقادته ولاعتبارات انسانية مشتركة, طي صفحة الماضي, وبدء صفحة جديدة, تحتل فيها ايران وعلي قدم المساواة موقعها الصحيح بين الأمم من خلال جهود السلام, وليس استخدام وسائل القوة والإرهاب, وعبر حوار يتسم بالاحترام المتبادل حول قضايا طموحات ايران النووية وتوجهاتها العدائية ضد اسرائيل, ومساندتها للميليشيات المسلحة في العراق! ولماذا أعادت طهران شاكرة الكرة إلي الملعب الأمريكي لتطلب من واشنطن اتخاذ خطوات عملية تؤكد صدق نياتها, لأن ايران لا تستطيع أن تنسي بسهولة ما فعلته أمريكا ابتداء من اسقاط حكومة مصدق واسقاط طائرة ركاب ايرانية في مياه الخليج عام54, إلي الحرب العراقية الايرانية إلي سلسلة العقوبات التي صدرت عن مجلس الأمن بسبب اصرارها علي تخصيب اليورانيوم. وبرغم الحذر الذي اتسمت به ردود أفعال طهران الرسمية, استقبل الشعب الايراني رسالة أوباما التي وصلت إليه عبر الفضائيات الدولية بعد أن تجاهلها الإعلام الايراني بفرح وحفاوة شديدين, كما تقول وكالات الأنباء من داخل ايران, علي حين شككت عواصم عالمية كثيرة في قدرة رسالة أوباما علي تغيير توجهات قادة ايران المحافظين, الذين لايزالون يعتبرون أمريكا الشيطان الأكبر, ويهتفون كل صلاة جمعة دون انقطاع الموت لأمريكا ويعتبرون العداء لواشنطن جزءا من أيديولوجية النظام الايراني, وأسباب وجوده وتجارته الدعائية الرابحة في العالمين الاسلامي والعربي التي يصعب التفريط فيها. والواضح أن الرسالتين, رسالة أوباما ورسالة بيريز, تؤكدان وجود تنسيق مشترك بين واشنطن وتل أبيب يتجاوز كثيرا مجرد الاتفاق علي توجيه خطاب أكثر لينا للشعب الايراني وقادته في عيد النيروز, خصوصا أن الاسرائيليين كانوا ولايزالون يأخذون موقف المعارضة الشديدة من اصرار أوباما علي بدء حوار جاد مع طهران, ويعتبرونه مضيعة للجهد سوف يمكن طهران من كسب المزيد من الوقت, يسمح لها بالمزيد من عمليات تخصيب اليورانيوم التي تقرب فرص حصولها علي السلاح النووي. وفي الأغلب, فإن الرسالتين هما الجزء الظاهر من خطة متكاملة تم الاتفاق عليها بين واشنطن وتل أبيب, تحدد المدي الزمني المتوقع لهذا الحوار كي لا يطول بغير فائدة, وردود أفعالهما المحتملة إذا أصرت طهران علي موقفها, وحجم التعاون المشترك بين الجانبين إذا أصبح العمل العسكري ضرورة لابد منها.. وثمة ما يشير إلي أن اسرائيل ما كان يمكن أن تعلن قبولها لحوار واشنطنوطهران, إن لم تكن علي يقين من أن لهجة التصالح التي يستخدمها أوباما الآن سوف تعزز في مرحلة لاحقة قدرته علي الحسم, وربما تكون جواز المرور لعمل أمريكي اسرائيلي عسكري مشترك, يؤكد الجانبان أنه لايزال احتمالا مطروحا علي الطاولة.