"إن السياسة لا تؤثر ولن تؤثر على التحقيق والملاحقات القضائية" هذا ما أكده "دانييل بيلامار" المدعي العام للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان المكلفة بمحاكمة المتهمين في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق "رفيق الحريري" مع بدء أولى جلسات المحاكمة في "لاهاي" الأحد الأول من مارس/ آذار 2009. وأمام بيلامار 60 يوما ليطلب من لبنان تسليم 4 من كبار الضباط المحتجزين على ذمة هذه القضية، وهم اللواءان "جميل السيد" رئيس جهاز الأمن العام السابق، و"علي الحاج" المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي، والعميدان "مصطفى حمدان" قائد الحرس الجمهوري، و"ريمون عازار" المدير السابق لاستخبارات الجيش. بينما أطلق سراح 3 محتجزين آخرين بكفالة في فبراير/ شباط 2009، وهم اللبنانيان الشقيقان أحمد ومحمود عبد العال والسوري إبراهيم جرجورة. ومن المتوقع أن تستكمل المحكمة عملها خلال ما بين 3 و5 أعوام. وستضم 7 قضاة دوليين و4 قضاة لبنانيين وستطبق القانون اللبناني باستثناء عقوبات مثل الإعدام والأشغال الشاقة وسيكون السجن مدى الحياة هو العقوبة القصوى. المحكمة لا علاقة لها نظريا بالسياسة، ولذا فمن الممكن صدور لوائح الاتهام في أي وقت. لكن المحكمة قد تقرر الانتظار إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية اللبنانية التي ستجرى في 7 من يونيو/ حزيران 2009 لتفادي أي زعزعة للاستقرار. وفي حال صدور لوائح اتهام لأي من المشبه بهم من غير المحتجزين، فيمكن أن يسلم المشتبه بهم أنفسهم طواعية أو أن تطلب المحكمة من مجلس الأمن الضغط على دول لتسليمهم أو أن تحاكمهم غيابيا. بينما أعلنت سوريا أنها لن تسلم أيا من مواطنيها إلى المحكمة، وأنها ستحاكمهم وتعدمهم بنفسها إذا ثبتت إدانتهم. ويرجح ألا تقبل المحكمة ذلك، كما لن تسمح للسلطات السورية بالاطلاع على الأدلة المتاحة لديها. من جانبها، تتعاون لبنان بشكل كامل مع المحكمة لكن فوز حلفاء لسوريا في الانتخابات اللبنانية ربما يغير هذا الموقف. وقال "حزب الله" – الموالي لدمشق - إنه يؤيد المحكمة لكنه يخشى استخدامها سياسيا ضده وضد سوريا. وكانت الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى وساسة لبنانيون مناهضون لسوريا اعتبروا المحكمة في بداية الأمر سلاحا قويا ضد دمشق. وأبدت سوريا قلقا بهذا الخصوص. لكن مع مضي التحقيقات بإيقاع متأن بدت المحكمة أكثر استقلالا وأقل ارتباطا بالسياسة. ويبحث الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" وفاقا محتملا مع سوريا، الأمر الذي يثير مخاوف بين الساسة اللبنانيين المناهضين لسوريا بشأن احتمال أن تفقد المحكمة قوتها في اطار صفقة مع دمشق. لكن أوباما أكد مجددا في ذكرى اغتيال "الحريري" مساندة الولاياتالمتحدة للمحكمة في جهودها لتطبيق العدالة على المسؤولين عن "هذه الجريمة النكراء". وكان "الحريري" أغتيل - وأصيب معه 22 شخصا آخرين - إثر تفجير انتحاري شاحنة ملغومة في بيروت في 14 فبراير/ شباط عام 2005. واتهمت دمشق من قبل ساسة لبنانيين مناهضين لسوريا بأنها وراء الهجوم، الأمر الذي قوبل بنفي سوري، لكن استنكارا دوليا عاما أجبر سوريا على سحب قواتها من لبنان. وطلبت الحكومة اللبنانية التي يقودها ائتلاف مناهض لسوريا من الأممالمتحدة التحقيق في الجريمة، وفي 20 هجوما سياسيا آخر ربما كانت لها صلة باغتيال "الحريري". وأنشأ مجلس الأمن الدولي المحكمة عام 2007. وأشار أول محقق عينته الأممالمتحدة في القضية "ديتليف ميليس" بأصبع الاتهام إلى مسؤولين سوريين كبار وردت أسماؤهم في مسودة تقرير لكنها حذفت في النسخة النهائية. وامتنع المحققان التاليان "سيرج براميرتز" و"دانييل بيلامار" الذي يمثل الادعاء في المحكمة حاليا عن ذكر أسماء أي مشتبه بهم من كبار المسؤولين في تقاريرهما. (رويترز)