يبدو أن قدر القارة الإفريقية أصبح يحتم عليها ان تدفع ضريبة شغف الدول الصناعية الكبري وولعها بالطاقة وبدائلها بدءا من الفحم مرور بالنفط والغاز ومن ثم الطاقة النووية وصولا إلي أكبر البدائل وآخرها علي الاطلاق ولاسيما بعد ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير وهي الطاقة البيولوجية أو الوقود الحيوي متمثلا في مادة الايثانول المستخرجة من حبوب الذرة والقمح والارز والتي تعتمد عليها الدول الافريقية بشكل أساسي في تأمين رغيف الخبز باعتباره غذاء الشعب اليومي. ولاتقتصر أضرار هذه الطاقة البديلة علي الدول الافريقية فحسب بل باتت تهدد العالم بأسره نظرا لارتباط الثروة الحيوانية مباشرة بالذرة التي تعتبر الغذاء الرئيسي للحيوانات وهو الذي سيؤدي حتما إلي نقص شديد في الألبان واللحوم والبيض مما ينذر بمجاعة عالمية وفقا لتقارير منظمات أغذية عالمية وخبراء دوليين في المشروعات الزراعية وهو ما يعد بحق جريمة ضد الانسانية. وكانت قيونا بول رئيسة أبحاث الاغذية والمشروعات الزراعية قد حذرت في تقرير لها مؤخرا نشرته وكالة رويترز من عواقب استخراج مصادر الطاقة النباتية وقالت معبرة عن مخاوفها من هذه الخطوة غير المدروسة علي الاطلاق أن الايثانول يشكل الخطر الاكبر علي الأمن الغذائي العالمي وفي حال استمرار استخراج الوقود الحيوي علي حساب القمح والذرة فسوف يقبل العالم بأسره علي مجاعة. ونتيجة لارتفاع أسعار البترول بشكل هيستيري وتنامي اقتصاد الدول الصناعية الكبري كالصين واليابان والهند وزيادة انبعاث الغازات السامة الملوثة للغلاف الجوي فقد تفتق ذهن العالم مؤخرا عن ايجاد بدائل بيولوجية للطاقة تعتبرها للولايات المتحدةالامريكية مشروعها الاستراتيجي القومي القادم باعتبارها أكبر الدول استهلاكا للطاقة وهو مادفع الرئيس الامريكي جورج بوش لتشكيل منظمة عالمية لتصدير الايثانول النباتي علي غرار منظمة أوبك العالمية المصدرة للبترول. ولعل أهم الاهداف المعلنة لهذه المنظمة التي يتبناها الرئيس بوش بالدرجة الاولي ويوليها اهتماما خاصا في الفترة المتبقية من حكمه هي حماية البيئة والتقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن غازات المصانع والابخرة المتصاعدة في الغلاف الجوي وذلك طبقا لاتفاقية كيوتو, التي تهدف إلي الحد من الانبعاثات الغازية في الدول الصناعية الكبري, والمحير في الامر انه برغم حماس الولاياتالمتحدة الشديد للاعتماد علي الوقود الحيوي من منطلق حرصها علي البيئة, هو رفضها بشكل قاطع التوقيع علي اتفاقية كيوتو برغم انها دولة صناعية كبري وتقع عليها مسئولية كبيرة في تلويث البيئة والاضرار بالغلاف الجوي وهو ما يشكل تناقضا كبيرا في المواقف الامريكية تجاه الكثير من القضايا. ولايمكن لاحد ان ينكر أهمية الطاقة البيولوجية في حياتنا والتي تعرف بالايثانول أو الوقود الحيوي الذي يستخرج من الحبوب كالذرة والقمح وبعض النباتات مثل البطاطس الحلوة وكذلك قصب السكر وهومصدر حيوي قديم للطاقة تم اكتشافه عام1850 وكان مصدر الوقود والضوء الوحيد ابان تلك الفترة وذلك قبل اكتشاف النفط بسنوات, ولعل أبرز مميزات الايثانول النباتي حفاظه علي البيئة بشكل أساسي حيث ثبت ان خلط الايثانول مع بنزين السيارات بنسبة85% يؤدي إلي خفض انبعاث الغازات السامة المتهم الاول في ظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن عوادم السيارات, وذلك بنسبة90% تقريبا. ونتيجة لنقص المنتجات الزراعية الحيوية فقد اندلعت المظاهرات في كثير من الدول الافريقية مثل زامبيا وأوغندا وتنزانيا وغانا واثيوبيا وبنين تطالب بأبسط مقومات الحياة وهو رغيف الخبز بعد ان تحولت أراضيهم الزراعية الخصبة بمباركة حكوماتهم إلي مساحات من الوقود الحيوي الذي ينمو ويترعرع علي انقاض المحروقات الغذائية فانتاج13 لترا فقط من الايثانول يحتاج إلي ما لايقل عن230 كيلو جراما من الذرة وهي كمية كبيرة للغاية تكفي العشرات من أطفال افريقيا الجياع وقد تشبعهم لاكثر من عام!