شهدت الولاياتالمتحدة خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 أكبر تسريح شهري للعمالة في نحو 3 عقود تحت ضغوط تداعيات الازمة المالية، ولايبدو في الافق نهاية لهذا النزيف خاصة مع بحث الشركات عن سبل للحد من النفقات. فقد سرح ارباب الاعمال الامريكيون أكثر من نصف مليون عامل بما يفوق أكثر التوقعات تشاؤما، وهو فسره تيج جيليام المدير التنفيذي لعمليات امريكا الشمالية لشركة أديكو سا أكبر شركة توظيف في العالم، بانه يظهر بجلاء تسارع خطى الركود باتجاه الاقتصاد الامريكي. ولفت الى ان تزايد معدل فقد الوظائف على هذا النحو يبدد الآمال في انتعاش الاقتصاد مع انتصاف عام 2009 وهو ما كان يساور الاقتصاديين. وقالت وزارة العمل ان أعداد الموظفين خارج القطاع الزراعي في الولاياتالمتحدة هبطت بنحو 533 ألفا خلال نوفمبر ذاته لتسجل هبوطا أشد مما تنبأ به اقتصاديون في استطلاع لرويترز حول 340 ألفا. وكان الهبوط المتوقع حول 340 ألفا أكبر هبوط في الوظائف منذ ديسمبر/ كانون الاول عام 1974، وبانخفاض نوفمبر يكون الاقتصاد الامريكي فقد نحو 1.9 مليون وظيفة خلال 2008. وفاقم من معدل فقد الوظائف خلال الشهر، اعلان اعلان شركات امريكية منها "جنرال موتورز كورب" و"ليج ماسون" لادارة الموجودات و"جنتكس كورب" لتوريد قطع غيار السيارات و"بي.ام. سي سوفتوير" و"سونوكو برودكتس" الجمعة عن تسريحات جديدة للعمال. وفي وقت سابق من الاسبوع الاول من ديسمبر/ كانون الاول 2008 اعلنت شركات كبرى مثل "ايه.تي اند تي" و"دوبونت" و"يونايتد تكنولوجيز" و"جنرال الكتريك" عزمها استمرار تسريح عمال في اطار بحثها عن سبل لخفض النفقات. ويظهر النطاق الواسع للشركات التي تقوم بتخفيض الوظائف ان عدوى الاعتلال الاقتصادي التي انطلقت من انهيار سوق التمويل العقاري المرتفع المخاطر في الولاياتالمتحدة اتسعت لتصيب أسعار المساكن في البلاد وفجرت ازمة ائتمان عالمية تعصف بالاقتصاد كله. ومع استعداد الامريكيين للعطلات في ديسمبر -وهو في العادة موسم للتسوق وشراء الهدايا واقامة الحفلات- فان المزيد من العمال يواجهون احتمال أن تأتي عليهم العطلات والاعياد وهم في بطالة مع قيام الشركات بخفض الوظائف قبل اغلاق دفاترها لنهاية العام. وحول توقعات الخبراء لنهاية فقد الامريكيين لوظائفهم، قال شيلدون شور نائب رئيس شركة مانباور انك ثاني أكبر شركة توظيف في العالم انه من الصعب تقدير متى نهاية الهبوط، ومن المهم انتظار ما يأتي به الربع الاول من 2009. وفي سياق متصل، يتوقعات الخبراء موسم عطلات ضعيف من حيث المبيعات بعد أن قللت شركات تجارة التجزئة الامريكية عدد العمال الموسميين الذين تستأجرهم في نوفمبر/ تشرين الثاني عما كان عليه الحال في العقدين الماضيين. ومع استمرار فقد الوظائف انتقلت عدوى الخوف من شبح البطالة والكساد المتفاقم الى كافة الامريكيين حتى الذين يشعرون بالامان في وظائفهم. وتقول جانيت سيجال (53 عاما) وتعمل في شركة استشارات في بوسطن انها مستاءة جدا بالرغم من ان عملها مازال يسير على ما يرام حيث ان البطالة تهدد كثيرين حولها. ولفتت لان زوجها الذي يعمل محام في احدى الشركات يشعر بقلق متزايد من فقد عمله خاصة مع تنامي معدلات التسريح بالرغم من انه لا ينوي العمل سوى 3 اعوام فقط حتى يصل الى سن 65 ويخشى الا يستطيع ايجاد وظيفة اخرى اذا فقد وظيفته الحالية. وتفشي تسريحات العمال يترك أثرا سيئا على معنويات المستهلكين الامر الذي ينذر بمزيد من تقليص الانفاق وهو ما من شأنه الالقاء بأثر سلبي في انحاء الاقتصاد الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على المستهلكين. وهو ما اكده وليام ماكومب المدير التنفيذي لشركة ليز كليبورن للملابس ، قائلا انه حينما يصبح المستهلكون قلقين على وظائفهم او استقرارهم المالي فانهم يبدأون في تغيير أنماطهم الاستهلاكية في فئات مثل الملابس وأدوات الزينة أو ما نسميه المفاضلة بين الحاجات والرغبات. وأكد روجر هامونز -وهو محاسب عمره 42 عاما- انه يتفادى الاسراف في الشراء، حيث أن الافراط في الشراء هو الذي وصل بالاقتصاد الامريكي الى ما هو عليه. (رويترز)