اضحى خرير شلال مياه راس العين من الماضي فقد منتزه مدينة الشمس أحد مكوناته الرئيسيةويكاد ان يفقد المياه التي جعلته واحة مميزة ومقصداً لكثيرين من بلدات ومدن البقاع وحتى من العاصمة بيروت عينها. ليس منتزه راس العين قلعة بعلبك ولكنه بالتأكيد مكملاً للطابع السياحي المعروف عن المدينة فالسياحة في القلعة والغداء في راس العين... هو حال معظم من يقصدون بعلبك. يمكن لزائر مدينة الشمس ان يلحظ بسهولة غياب خرير شلال منتزه راس العين فقد تدنت كميات المياه المتفجرة من النبع بشكل غير مسبوق منذ عشرين عاماً. غياب صوت خرير المياه سهل مقارنة بالخطر الفعلي الذي يهدد ما تبقى من بساتين بعلبك. وبالإضافة إلى نضوب الشلال، تحولت بركة راس العين او المسماة »البحيرة«،الى مجرى صغير لا يتعدى منسوبه ثلاثة انشات. وما يؤشر اكثر الى جفاف مياه النبع هو انخفاض منسوبه الى ما دون مستوى الحجر الأسود بحوالى 60 سنتيمتراً. والحجر الأسود مثَّبت منذ العهود الرومانية وسط البياضة، ويشكل ميزاناً لقياس المياه. علماً أن المنسوب ارتفع في العام 1983الى ما فوق الحجر ب25 سنتيمتراً، فيما بلغت كمية المتساقطات ذلك العام 875 ميلمتراً. ويعود تراجع كميات المياه الى الجفاف الذي يضرب مناخ المنطقة تدريجياً منذ خمس سنوات، حيث لم تتخط كمية المتساقطات للعام2007 2008اكثر من 280 ميلمتراً، حسب مقياس تعنايل، والنسبة في منطقة بعلبك تقل عن ذلك. ويعتبر المهندس الجيولوجي اسعد الخرفان ان شتاء 2008 يشكل بداية الانتهاء من سنين الجفاف، لان الحساب الزمني للجفاف في البقاع الشمالي يقوم على »أنه كل 20 عاماً هناك خمس سنوات تقل فيها الثلوج والامطار، وكل 50عاماً يحصل جفاف كلي لخمس سنوات، ما يدل على ان سبب شح المياه صادر عن التصحر والتلوث البيئي. ويرى الخرفان ان معالجة التصحر والمؤثرات البيئية تتجلى باقامة السدود في المنطقة في مواقع معينة، منها وادي الجريبان، وادي نحلة، يونين، الناصرية رزق، اليمونة، رعيان، اليمونة وصولا الى العاصي. اضافة الى اقامة محميات شجرية، باعتبار أن الاشجار مصفاة الغبار وجالبة الأمطار. ونظراً لنضو مياه رأس العين يلجأ مزارعو بعلبك الى اعتماد مياه الصرف الصحي في ري اراضيهم، خصوصاً بعد ارتفاع اسعار المازوت وفاتورة الكهرباء وعدم القدرة على ري الاراضي من الآبار الارتوازية. ويحذر رئيس »لجنة مياه الري« المختار خليل طه من »المخاطر الكبيرة التي سيتعرض لها مزارعو بعلبك نتيجة غياب حلول تضعها الوزارات المعنية. وبرأي طه لم تقدم السلطات المعنية على حماية النبع طيلة السنوات الماضية بالرغم من أن يشكل المصدر الوحيد لري البساتين. وقد تم حفر 340 بئراً في محيط رأس العين، علما انه ممنوع الحفر لمسافة الف متر في محيط منطقة النبع« . ويشير طه الى ان مساحة الاراضي المروية من رأس العين تتجاوز الثمانية الاف دونم، فيما تبلغ مساحة منطقة البساتين التي تواجه خطر اليباس اربعة الاف دونم. ويقترح حلولاً لأزمة مياه الري منها: وقف تشغيل الآبار الواقعة فوق محيط النبع، وقف عمليات شفط المياه من مجرى النهر، الغاء خط ايعات بعد تشغيل شبكة مياه الشفة، حفر بئرين كبديل عن مياه الصرف الصحي التي يعمل »مجلس الانماء والاعمار« لتحويلها الى معمل التكرير، والاسراع بتنفيذ مشروع اقنية الري الممول من الحكومة الايطالية بمبلغ مليون يورو وبالتعاون مع بلدية بعلبك، قبل حلول موسم الري الصيفي. االمزارع الشيخ ديب بيان حاول النجاة بنفسه وبأرزاقه، فعمد الى حفر بئرين لانقاذ مواسمه يعيش اكثر من خمسة وعشرين شخصاً من بستان الشيخ ديب. ومع عجزه عن تحمل اكلاف الري من البئرين، عاد بيان إلى ري اراضيه من مياه الصرف الصحي رغم معرفته بمضارها. ويعترضبيان مع عدد من المزارعين على تحويل مياه الصرف الصحي الى معمل التكرير ملوحاً بالتحرك بقوله: »لن نقف مكتوفي الايدي تجاه من يقطع أرزاقنا. فمياه الصرف الصحي متأتية من الكميات المصادرة من ملكيتنا لمياه الري بموجب السندات التي يحملونها«. ويتساءل: »لماذا لم تنفذ دراسة انشاء معمل التكرير كما هي؟ علماً ان الدراسة التي اعدتها شركة هارد هامفريز الانكليزية، تتضمن اعادة المياه المكررة الى المصدر الذي أخذت منه، اي الى مقسم المياه خلف القلعة لري بساتين بعلبك، ولكن ما يجري اليوم مخالف لهذا الامر. لذا لن نقبل بتحويل مياه الصرف الصحي التي تروي بساتيننا الا بعد ايجاد البدائل، كحفر آبار جوفية، اعتماد دعم المازوت بحيث يمكن للمزارع تشغيل مولد كهربائي في حال إنقطاع الكهرباء او تخفيض سعر كيلوات الكهرباء لكل دونم«.