مع انتشار المقهى الشعبي التقليدي، في الأحياء والشوارع الرئيسية، وارتياده من قبل مختلف الشرائح البسيطة والمتوسطة، أصبح لهذا المقهى منافس قوي للذين يبحثون عن الهدوء والسكينة والموسيقى الكلاسيكية، والذين لا يفضلون التعاطي مع «النارجيلة» أو الشيشة بالمفهوم الشعبي ويعرف المقهى الكلاسيكي بمقهى «الكوفي شوب». وتقدم فيه المأكولات الخفيفة والمشروبات الساخنة والباردة، وتتوفر فيه الألعاب الجديدة البلياردو وتنس الطاولة، وبعضها وضع في إحدى زواياه مكتبة صغيرة، تحتوي على كتب في الأدب والفلسفة والروايات العربية والأجنبية، إلى جانب الموسيقى الحية التي يعزفها فرد أو أكثر، كما تقدم فيه الموسيقى الشرقية وذلك لإضفاء جو من الرومانسية. ورواد «الكوفي شوب» هم غالبا من النخب الاجتماعية والثقافية والموظفين وذوي الدخول العالية، والفارق بين هذه المقاهي الراقية والمقهى الشعبي، أن الأول ينحصر وجوده في المراكز التجارية والفنادق العالمية والمنتجعات السياحية، بينما ينتشر الأخير في الأحياء والمناطق الشعبية والأهم من كل ذلك انه ارخص ماديا وأقل سعرا، وفي هذا الاستطلاع نلتقي بنماذج مختلفة من رواد «الكوفي شوب». ونتعرف منهم على الطقوس المختلفة التي يمارسونها في المكان الذي يختارونه. يقول حمدي صلاح احمد مسؤول «كوفي شوب» في احد الفنادق: نوعية الرواد عندنا غالبيتهم من الجنسيات الإفريقية والقليل من العرب الذي يحضرون إلينا. ومرد ذلك قرب «الكوفي شوب» من تجمع للأفارقة ومعظم حديثهم يدور حول التجارة والاستيراد والتصدير، وربما هم من تجار الترانزيت أو مندوبي الشركات والمؤسسات التجارية، أما شريحة العرب الصغيرة فهي تستمتع بالموسيقى الشرقية التي تبث معظم أيام الأسبوع ويشارك في عزفها فنان عربي. ويذكر محمود فهمي مدير مقهى في احد المراكز التجارية أنه في دبي كما هو معروف يوجد عشرات من الجاليات العربية والأجنبية، ولهذه الجاليات تقاليدها وطقوسها في ارتياد «الكوفي الشوب» ويقول: نظراً لتنوع هذه الجاليات واختلاف اهتماماتها. فقد قمنا بنشر الشاشات التلفزيونية في كافة أروقة المقهى، حتى نلبي رغباتها واهتماماتها، فهناك من يفضل متابعة الأخبار والآخر يشاهد مباريات كرة القدم، بينما البعض يفضل لعب الطاولة على أنغام الموسيقى الشرقية، وهناك من تراه في حوار رومانسي، أو يتأمل المناظر التي حوله. خصوصية المكان وتقول وفاء احمد: حددنا أنا وصديقاتي أن يكون لقاؤنا بالكوفي شوب مرة واحدة كل أسبوع، واتفقنا أن يكون اليوم هذا إجازة بعيدا عن هموم العمل ومشاكله، لذلك غالبا ما يدور حديثنا عن همومنا الخاصة وهي هموم أنثوية، ولا أخفيك أنه في بعض الأوقات، نترك العنان لأنفسنا لتتحدث الواحدة عن علاقاتها العاطفية بشيء من الاحترام، وأعتقد أن مثل هذا المكان يساعد على إدارة حديث عن الخصوصية بدون تطفل من قبل الآخرين. وتضيف خلود محمود: أتفق مع صديقتي وفاء، فالمكان يساعد على أن تأخذ الفتاة حريتها أكثر من المقاهي التقليدية، ونحن هنا سعيدات جدا، حيث لا نجد مضايقة من الآخرين، فالكل هنا عرب وأجانب في حال واحدة، والأجمل أن مثل هذه الأمكنة تجد فيها الهدوء والسكينة، وهي بصراحة مكان جميل للأصدقاء، بل يمكن لرجال الأعمال أن يعقدوا صفقاتهم مع الآخرين بدون إزعاج، بمعنى انه مكان يصلح لأن يكون «مكان عمل».