ضجة وجدل أثارهما الإعلان عن زيارة محتملة يقوم بها بابا الفاتيكان "بنديكيت السادس عشر" إلى إسرائيل، وذلك ليس فقط لأن هذه الزيارة تعد تراجعا عن موقف سابق للبابا، الذي صرح من قبل بأن قدمه لن تطأ أرض إسرائيل ما دامت مستمرة في تعليق كتابات تندد بالبابا "بيوس الثاني عشر" – الراحل عام 1958 - داخل النصب التذكاري لشهداء حرب النازية والمعروفة باسم "ياد فاشيم"، وإنما أيضا لمواكبتها دعوى تطويب البابا "بيوس" قديساً. وجاءت الصورة المركبة التي صورت البابا "بنديكيت السادس عشر" وعلى صدره صليب معقوف - والتي نشرها أحد المواقع الإلكترونية الخاص بناشطين من حزب كاديما الوسطي الحاكم "يلا كاديما" - ليعكس الغضب اليهودي من خبر تطويب البابا "بيوس الثاني عشر"، المثير لتحفظ العديد من اليهود الذين يرون أن البابا "بيوس" لم يساهم بشكل فعال في منع النازيين من قتل الشعب اليهودي. ومن ثم تحتدم الأزمة بين إسرائيل والفاتيكان. من جانبه قال متحدث الفاتيكان الرسمي البابا "فيدريكو لومبردي" – في تصريحات نقلتها عنه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية - إن هناك بالفعل ما هو مكتوب عن شخص البابا "بيوس الثاني عشر" الذي يثير الشكوك حول شخصيته، لكن هذا ليس السبب وراء امتناع البابا عن زيارة إسرائيل. وأضاف أنه "من المعروف أن البابا بنديكيت مشتاق جدا لزيارة الأراضي المقدسة لكن حتي الآن لم يتم الإعداد لتلك الزيارة". حاخام إسرائيلي يصافح البابا "بنديكيت" على هامش مؤتمر بالفاتيكان وبينما يري عدد من المحللين أن ضغوطا يهودية تمارس لمنع الفاتيكان من تطويب البابا قديسا، تردد أن بابا الفاتيكان "بنديكيت السادس عشر" قد جمد قرار ترقية البابا "بيوس الثاني عشر" لإرضاء اليهود. في الوقت نفسه، أكدت مصادر أن الفاتيكان لن يستطيع أن يصرح علانية بوجود ضغوط عليه، حيث اكتفي البابا "بنديكيت" بأن يتحدث عن أعمال البابا "بيوس" البطولية التي قام بها في صمت، وذلك في احتفال أقيم قبل أسبوع بمناسبة ذكرى وفاته الخمسين. وبالرغم من مرور نصف قرن على وفاة البابا "بيوس" إلا أنه مازال سببا في توتر وغضب اليهود، الذين يروا أن ملامح تقصيره في حق الشعب اليهودي جلية أمام العالم بأسره. وهو ما أكدته وزارة الخارجية الإسرائيلية، من خلال تصريح رئيس قسم الإعلام "يوسي ليفي" بأن لدى الشعب اليهودي ما يستطيع أن يقوله حول الدور التاريخي ل"بيوس الثاني عشر". وكان التليفزيون الإسرائيلي قد تناقل تصريحات الفاتيكان، والتي علق عليها أحد المتخصصين، موضحا أن تلك التصريحات تؤكد رد فعل الفاتيكان للضغوط المبذولة للحيلولة دون ترقية البابا "بيوس" إلي قديس، ما جعل البابا رغم استجابته بتجميد الترقية يعلن - سابقا - عن عزمه عدم زيارة إسرائيل حتي إزالة ما هو مكتوب عن شخص وأعمال البابا "بيوس الثاني عشر" كرد فعل يرضي الفاتيكان والشعب اليهودي في آن واحد. ومن جانبه، أعرب الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عن أمله بألا تكون الزيارة المحتملة للبابا "بنديكيت السادس عشر" إلى إسرائيل مرتبطة بالجدل القائم حول صمت البابا "بيوس الثاني عشر" حيال محرقة اليهود، مشيرا إلى أن لدى إسرائيل أسبابا تدعم الاعتقاد بأن البابا "بيوس" لم يبذل قصارى جهده لإنقاذ الأرواح اليهودية. فهل يستجيب بابا الفاتيكان وتتم الزيارة أم سيتفاقم الخلاف بين إسرائيل والفاتيكان ويتطور إلى أزمة دينية ذات أبعاد سياسية؟!