أهين الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي كثيرا جراء حرب القوقاز التي شنتها روسيا حيث كان من الواضح مسبقا أن ساكاشفيلي- 40عاما -لا يستطيع الانتصار في هذه الحرب. وفي الوقت الذي تفقد فيه ساكاشفيلي أطلال بعض المدن الجورجية ظهر فيه "المعتدي الروسي" أمام عدسات التلفاز دون أن تطرف له عين. وظهرت علامات التوتر والغضب على ساكاشفيلي أثناء الكلام عن الصراع وعن وقوع بلاده ضحية للروس وعزم جورجيا عدم الاستسلام أبدا. وقال ساكاشفيلي الذي تلقى تعليمه في الولاياتالمتحدة موجها حديثه للروس:"الديمقراطية أقوى من قنابلكم." وبدت علامات اليأس على ساكاشفيلي عندما استغاث بالغرب باحثا عن المساعدة الدولية لديه ولكن شعبه اكتشف في نهاية المطاف أن أحدا لم يمد يد المساعدة له. وأصبح من الواضح لكثير من الجورجيين في تبليسي أن ساكاشفيلي لا يسيطر على الوضع جيدا حيث قطع حديثه مع الصحفيين دون أن يكمل جملته الأخيرة ليتبين فيما بعد أنه سارع لحضور الجلسة الطارئة التالية لحكومته. ويبدو أن ساكاشفيلي الذي يحظى بالدعم المعنوي الأمريكي استهان بالحزم الروسي كما ظهر عليه في تصريحاته، أما الآن فإنه فقد كل شيء, فقد إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية المنفصلين، وربما ضاع أيضا أمله في الانضمام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" رغم أنه وعد ناخبيه باستعادة الإقليمين وتعزيز تقارب بلاده من الغرب. وكلما حما وطيس الحرب في القوقاز كلما أصبح من الواضح أن روسيا تريد التخلص من هذا السياسي غير المريح لها والمعادي لروسيا. وتعتبر روسيا ساكاشفيلي "سفاحا عرقيا" ارتكب "مذبحة" في حق مواطنين يحملون جواز سفر روسي في أوسيتيا الجنوبية سعيا وراء تحقيق جورجيا موحدة للجورجيين وحدهم. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن بلاده لا ترى في ساكاشفيلي شريكا للتفاوض معه. ورغم أن ساكاشفيلي أصبح مثار خلاف بعد أن كان بطل الثورة البرتقالية في بلاده عام 2003 إلا أن كلمة الجورجيين توحدت في هذا الصراع وأصبحت روسيا عدوهم الأوحد. أصبحت السياسة الداخلية في جورجيا مجرد أكوام من الأنقاض وليس هناك منافس يؤخذ على محمل الجد لساكاشفيلي. ولم يعد على الشعب الجورجي وحده الذي خرج في مظاهرات حاشدة عقب الانتخابات الرئاسية في كانون ثان/ يناير الماضي وعقب الانتخابات البرلمانية في أيار/ مايو الماضي متهما الرئيس بتزوير الانتخابات بل أصبح على المعارضة المنقسمة أيضا أن تبحث عن بداية جديدة. ورغم أن ساكاشفيلي استطاع أن يحرر بلاده من الانهيار الاقتصادي للنظام السابق تحت حكم سلفه ادوارد شيفرنادزه وأن يحقق بعض النجاح الاقتصادي و يقنع الغرب من خلال معرفته بالعديد من اللغات باستثمار الملايين في بلاده إلا أنه خلق نظاما شموليا خاصا به من خلال فرض الوصاية على وسائل الإعلام ومن خلال تشكيل جماعات مصالح مما أدى إلى تخلي الكثير من رفاق كفاحه السابقين عنه، بل إن وزير الدفاع السابق إراكلي أوكرواشفيلي الذي يعيش في منفاه في باريس يتهم ساكاشفيلي بارتكاب جرائم فظيعة تصل إلى إعطاء الأمر بالاغتيال. ويعتقد خبراء مستقلون في موسكو بأن ساكاشفيلي المتزوج من هولندية وله ابنان منها يمكن أن يفقد منصبه كرئيس لجورجيا. ويعتقد البعض ليس فقط في موسكو بل في جورجيا أيضا بأن علاقات ساكاشفيلي مع الولاياتالمتحدة هي التي ورطته في هذه الحرب. واتهم الكثير من المراقبين الرئيس الجورجي بتبني توجهات ديكتاتورية عندما أمر بقمع المتظاهرين ضد نظامه في تشرين ثان/نوفمبر 2007. (د ب أ)