أعلنت المعارضة في جورجيا عن اتجاهها لبدء عصيانٍ مدنيٍّ في مختلف أنحاء البلاد، للمطالبة باستقالة الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي، الذي دعا في المقابل معارضيه إلى الدخول في حوارٍ بدلاً من المواجهة، في حين قالت الولاياتالمتحدة إنَّ احتجاجات المعارضة التي دخلت اليوم السبت في جورجيا يومها الثالث "شأنٌ جورجيٌّ داخليٌّ".
ونقلت وكالة أنباء (نوفوستي) الروسية عن أحد قادة المعارضة؛ ويدعى ليفان جاتشيتشلادزه؛ قوله إنَّ العصيان المدني "دخل حيز التنفيذ في العاصمة الجورجية تبليسي منذ مساء الجمعة"، مضيفًا أنَّ المتظاهرين سوف يغلقون الطرق الرئيسية في العاصمة، مؤكدًا أنَّ الاضطرابات ستستمر حتى استقالة الرئيس، داعيًا المتظاهرين إلى الانضباط أثناء العصيان الذي من المقرر أنْ يبدأ في العاصمة، على أنْ ينتشر في مختلف مدن البلاد.
وعبَّر قادة المعارضة عن عزمهم زيادة الضغوط على الرئيس ساكاشفيلي، لكنهم أبدوا استعدادهم لقبول عرض حوار وجهه ساكاشفيلي شرط أنْ يكون مُتَلْفَزًا، وليس مباشرًا.
ورابط من 60 إلى 100 ألف شخص أمس أمام البرلمان، وأغلقوا شارعًا رئيسيًّا، وتوجهت مجموعة أولى إلى مقر التلفزيون، والثانية إلى إقامة ساكاشفيلي ورموها بالكرنب والجزر وقطع الخبز وهو طعام الأرانب، في إشارةٍ إلى ما تقوله المعارضة إن ساكاشفيلي تصرف بجبن خلال الحرب مع روسيا في أغسطس الماضي.
واعتبر ساكاشفيلي- الذي وصل إلى السلطة في تبليسي قبل ستة أعوامٍ بوسيلةٍ مماثلةٍ- المظاهرات "دليلاً على قوة المجتمع المدني الجورجي"، وقال إنَّه "يومٌ مهمٌّ للديمقراطية عبر فيها جزء من المجتمع عن رأيه".
وقالت الرئيسة السابقة للبرلمان والقيادية بالمعارضة الجورجية نينو بورجنادزه إنَّها واثقة بأنَّ الضغوط "ستُجبِر في النهاية ساكاشفيلي على الاستقالة".
ولخصت بورجنادزه أبرز المآخذ على الرئيس الجورجي في: عدم تحقيقه لوعوده السابقة بالديمقراطية التي كان قطعها على نفسه في العام 2003م عندما جاء إلى السلطة، ثم إدخال البلاد في حربٍ مع موسكو صيف العام الماضي، أفقدت جورجيا خُمس أراضيها تقريبًا نتيجة اعتراف روسيا باستقلال إقليمَيْ أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، لكن بورجنادزه اعترفت بانقسام المعارضة، وهو ما يحاول ساكاشفيلي استغلاله للبقاء في منصبه حسب قولها.
ويقول أنصار ساكاشفيلي إنَّ المعارضة تحاول الانقلاب على نتائج انتخابات مبكرةٍ جرت العام الماضي منحته ولاية رئاسية جديدة تستمر حتى العام 2013م، ويرى مراقبون أنَّ حزب الحركة الوطنية المتحدة الذي يتزعمه الرئيس "ما زال قويا رغم انشقاق قياديين كبار فيه".
وإحدى نقاط قليلة يتفق فيها الرئيس والمعارضة هي الرغبة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي (الناتو)، وإنْ كانت المعارضة تشدد على ضرورة إعادة بناء العلاقات مع روسيا.
وفي واشنطن قال ناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية: إنَّ السفارة الأمريكية في تبليسي وصفت الاحتجاجات ب"السلمية"، معتبرًا إياها جزءًا من "عملية بناء دولة ديمقراطية"، وحاثًّا الحكومة الجورجية والمعارضة على الحفاظ على السلم الأهلي.
ويُنظر إلى ساكاشفيلي على أنه كان حليفًا وثيقًا للإدارة الأمريكية السابقة، وهي علاقة يرى مراقبون أنَّها شجعته الصيف الماضي على اجتياح أوسيتيا الجنوبية، وما تبعها من حرب استمرت خمسة أيامٍ مع روسيا منيت فيها جورجيا بهزيمة قاسية، وسط رد فعلٍ فاترٍ من جانب واشنطن، وصفه مراقبون بأنَّه تخلٍّ من جانبها عن حليفها الوثيق ساكاشفيلي.