أقام الجنود الأميركيون جدرانا خرسانية واقية من الانفجارات ونصبوا ألواحا من الخشب لبناء حجرات على مساحة من صحراء العراق محاطة بالنخيل. وفي الخارج يختبر جندي منصة إطلاق قذائف مورتر بإطلاق القذائف في ساحة خالية. يبني الجنود أحدث موقع قتالي متقدم في العراق فيما يعتبر تحولا تكتيكيا بدأ قبل عام لنقل القوات من قواعدها الآمنة نسبيا إلى مواقع صغيرة داخل الاحياء والبلدات الخطرة وحولها. وكانت بلدة سلمان بك على مسافة 45 كيلومترا جنوبي بغداد على مدى فترة طويلة ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة وكان مقاتلوه يستخدمونها كقاعدة انطلاق لشن هجمات بسيارات ملغومة على بغداد.لكن بفضل موقع قتالي متقدم اقيم قبل عام ثم بمساعدة شيوخ قبائل عربية سنية تحولوا ضد المقاتلين يقول الضباط الأميركيون إن الأمن في سلمان بك تحسن ويريدون ضمان عدم فقد هذا المكسب. وقال الميجر جنرال ريك لينش الذي يقود قوة قوامها 20 الف جندي أميركي في جنوب بغداد لرويترز خلال زيارة للبلدة «القاعدة كانت تسيطر على هذا المكان منذ ثلاث سنوات. الآن اصبح لنا».وأضاف «تحقق ذلك بسبب وجودنا الدائم هنا وادراكهم اننا لن نغادر. لن نتخلى عن هذا الموقع حتى تتمكن قوات الأمن العراقية... من اقرار الأمن». وبدلا من شن غارات على معاقل المقاتلين ثم العودة إلى القواعد الكبيرة -وهو ما يمكن المسلحين من إعادة تنظيم صفوفهم فور مغادرة الجنود- تضع المواقع المتقدمة الجنود بشكل دائم في قلب الضواحي التي يقومون بحراستها. وأصبحت هذه السياسة التي حظيت بدعم الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الأميركية في العراق جزءا لا يتجزأ من هدف الجيش المتمثل في استعادة السيطرة على مدن وبلدات العراق ووقف انحدار البلاد باتجاه حرب أهلية شاملة.وهناك 75 موقعا من هذا النوع في بغداد وحدها.وإلى جانب نشر قوات إضافية قوامها 30 الف جندي أميركي في العراق ساعدت هذه المواقع على خفض العنف بنسبة 60 بالمائة منذ يونيو الماضي. وخفضت كذلك الوقت الذي تقضيه القوات في دوريات الحراسة التي كانت تعرضهم لخطر القنابل الموضوعة على الطريق وهي السبب الرئيسي لوفيات الجنود الأميركيين. وقال اللفتنانت كولونيل جاك مار وهو قائد كتيبة في المنطقة «الخطر الأكبر هو قنابل الطريق..إذا قلت أوقات القيادة قلت فرص التعرض لقنابل الطريق. اردنا نقل هذا النجاح وهو ما دفعنا إلى اقامة موقع كارفر». ومثل بقية المواقع المماثلة يحمل هذا الموقع اسم جندي قتل في المعركة هو كودي كارفر (19 عاما) عندما اصطدمت دبابته بقنبلة على الطريق في سلمان بك.لا يضم الموقع المتقدم الذي اقيم منذ اسبوع سوى الأساسيات وهي سور خارجي وحجرات خشبية وصف من الخيام ومياه باردة للاستحمام. لكن الجنود يأملون ان يتحسن المكان ليشبه موقع كاهيل القريب.فهناك الخيام مكيفة والمياه ساخنة ويقدم المطعم وجبات ساخنة. هناك أيضا قاعة للتدريبات الرياضية وساحة للتدريب على إطلاق النار وجهاز تليفزيون في المطعم وانترنت وتنس طاولة وهي مزايا سيحصلون عليها بعد أن أمضوا شهورا ينامون في البرد. وكانت الأشهر الأولى من عام 2007 صعبة. عندما اقيم موقع كاهيل استقبل المسلحون الجنود الأميركيين بقصف يومي بقذائف الموتر وإطلاق النار. وكانت الطرقات مزروعة بالقنابل وقتل الكثيرون. وقال السارجنت روبرت باتلر «فقدنا العديد من الرجال في الأسابيع الخمسة الأولى..لم اكن اشعر اننا نحقق أي شيء. كنت مستاء. عندما يقتل اصدقاؤك تريد ان تشعر ان شيئا ما تحقق. لكني كنت مخطئا.. فقد تحسنت الأوضاع».