أدلى الناخبون العراقيون أمس بأصواتهم فى ثانى انتخابات برلمانية بعد الغزو الأمريكى الذى قادته الولاياتالمتحدة على العراق فى 2003 وذلك وسط تفجيرات وهجمات بصواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون أطلقها تنظيم القاعدة وأسقطت عشرات القتلى والجرحى فى بغداد وأنحاء متفرقة من العراق رغم الإجراءات الأمنية الاستثنائية ونشر مئات الآلاف من قوات الجيش والشرطة العراقية ودعم لوجيستى من القوات الأمريكية لتأمين الناخبين ومراكز الاقتراع. وتمثل الانتخابات الحالية مرحلة مفصلية فى تاريخ العراق حيث يحق لنحو 19مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم لاختيار أعضاء البرلمان المؤلف من 325 نائباً يتنافس عليها 6281 مرشحاً بينهم 1801 امرأة موزعين على 12 ائتلافاً انتخابياً كبيراً وكيانات صغيرة أخرى، وتعتبر القوائم الأوفر حظا لحصد أكبر عدد من أصوات الناخبين هى ائتلاف دولة القانون الذى يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نورى المالكى والكتلة العراقية العلمانية برئاسة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوى إضافة إلى الحزبين الكرديين الرئيسيين اللذين يهيمنان على الحياة السياسية فى إقليم كردستان الغنى بالنفط وهما الاتحاد الوطنى الكردستانى والاتحاد الديمقراطى الكردستانى واللذين قد تتيح لهما نتائج الاقتراع تشكيل الحياة السياسية فى الإقليم بشكل خاص والعراق بصفة عامة. وبدأ التصويت فى حوالى الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلى وامتد حتى الخامسة عصراً، وبدأ الإقبال ضعيفا ثم تزايد تدريجيا بدرجات متفاوتة فى محافظات العراق، ورغم الإقبال المتزايد على التصويت فى البصرة والجنوب، بدت المشاركة ضعيفة فى بغداد وأحيائها، والمحافظات السنية التى خصها تنظيم القاعدة باستهداف الناخبين فيها، مقارنة بإقبال أقوى نسبياً فى المحافظات الكردية والشمال. ووسط تهديد تنظيم القاعدة فى دولة العراق باستهداف الناخبين ومراكز الاقتراع وإعلانه حظر التجول يوم الانتخابات، جرت العملية الانتخابية وسط إجراءات أمنية صارمة، حيث انتشر نحو 650 ألف جندى وشرطى لحماية الناخبين وتأمين 46 ألف مركز اقتراع وحظرت الحكومة سير المركبات لمنع وقوع عمليات انتحارية كبيرة، وأغلقت المنافذ الجوية والبحرية منذ مساء أمس الأول، حتى مساء اليوم الاثنين، لكن رغم تلك الإجراءات شهد العراق أمس، حوادث عنف وإطلاق صواريخ وقذائف فى أنحاء متفرقة، وكان لبغداد النصيب الأكبر من العنف والتفجيرات، حيث شهدت وحدها إطلاق نحو 50 قذيفة هاون وصاروخ كاتيوشا على مواقع انتخابية وبنايات سكنية، كما طال العنف كبرى المحافظات السنية، ومنها صلاح الدين ومدن بعقوبة وتكريت. وقالت مصادر أمنية إن 12 شخصاً قتلوا وأصيب 12 آخرون جراء انفجار أدى إلى انهيار مبنى سكنى فى حى أورو ببغداد وقتل 4 عراقيين وأصيب 8 نتيجة انهيار مبنى آخر. وتعرضت مراكز اقتراع فى بعقوبة والفلوجة وسامراء وبيجى والرمادى لقصف بقذائف الهاون و7 صواريخ كاتيوشا وعبوات ناسفة، مما أدى لوقوع جرحى، وأطلقت قذائف مورتر على مراكز الاقتراع فى محافظة صلاح الدين، وهى المناطق السنية التى ينشط فيها تنظيم القاعدة. وأدلى المالكى بصوته فى فندق الرشيد ببغداد ودعا العراقيين إلى التصويت، وقال رداً على الانفجارات إن «هذه الخروقات مجرد أصوات لتخويف المواطنين لكن الشعب العراقى سيتحدى ذلك»، بينما قال وزير الخارجية هوشيار زيبارى أثناء إدلائه بصوته فى أربيل إن العراق واحة فى صحراء من الشمولية والديكتاتورية وأن انعكاسات الانتخابات لن تكون على العراق وحده إنما على المنطقة برمتها، ووصف يوم الاقتراع بأنه يوم تاريخى ومعهود للناخب العراقى ليقرر مستقبل بلده. ووسط توقعات بعدم قدرة أى كيان سياسى على حصد الأصوات اللازمة لتشكيل الحكومة المقبلة، يشير المراقبون إلى أن نتيجة الاقتراع ستحتم الدخول فى مفاوضات شاقة لتكوين الائتلاف الجديد وهو الأمر الذى قد يستغرق فترة طويلة تمتد لأسابيع أو أشهر يستغلها المسلحون فى فرض كلمتهم، بحسب ما ذكرت مجلة «تايم» الأمريكية مضيفة أن ذلك يصعب من تنفيذ رغبة الرئيس الأمريكى باراك أوباما بإنهاء الانسحاب من العراق فى نهاية العام المقبل.
