جاء رد فعل المواطنين الامريكيين علي الارتفاع القياسي لاسعار البنزين قويا حيث تجنبوا سيارات الدفع الرباعي وقللوا من معدلات قيادتهم للسيارات بل انهم يناقشون التنقيب عن النفط قبالة سواحل فلوريدا وكاليفورنيا. وفي عام للانتخابات تهيمن عليه المخاوف الاقتصادية يطرح المرشحان لانتخابات الرئاسة الامريكية مقترحات للتقليل من عادة استخدام النفط في اكبر دولة مستهلكة للوقود في العالم. لكن تنفيذ هذه الخطط - من تركيز المرشح الديمقراطي باراك اوباما علي الوقود الحيوي الى ضغط المرشح الجمهوري جون مكين من أجل مزيد من التنقيب وزيادة الاعفاءات الضريبية علي السيارات التي لا تصدر انبعاثات - قد يستغرق 10 سنوات حتى تنخفض أسعار البنزين. والكلام عن التغيير في نهاية المطاف سهل حيث لا يريد أن يجازف أي من المرشحين الاثنين باغضاب الناخبين حسبما يقول جورج فيليبديس استاذ سياسة الطاقة بجامعة فلوريدا الدولية. ويعني الافتقار الي الافكار اللازمة للسيطرة علي التكاليف علي المدى القصير والوقت اللازم لادخال تقنيات جديدة الى الاسواق أن سائقي السيارات قد يحتاجون الى الاعتياد علي الاسعار الباهظة التي يدفعونها عند مضخات البنزين بغض النظر عن هوية ساكن البيت الابيض بعد انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2007. وأظهرت استطلاعات للرأي أجرتها مؤخرا مؤسسة زغبي الدولية أن اكثر من نصف الامريكيين يعتزمون التقليل من قيادة سياراتهم فيما يدعم 74% التنقيب عن النفط في المياه الواقعة قبالة سواحل الولاياتالمتحدة. وذكرت مؤسسة كيمبردج انيرجي اسوسيتس في تقرير الاسبوع الثالث من يونيو/ حزيران 2008، أنه للمرة الاولى منذ السبعينات وأوائل الثمانينات بدأ عدد الاميال التي يقطعها الامريكيون بسياراتهم ينخفض وأن الطلب على البنزين ربما يكون تضاءل. وأضاف سامانثا جروس المدير المساعد للمؤسسة الاستشارية، انه من المؤكد أننا نرى تغيرا سلوكيا مع بلوغ سعر البرميل 4 دولارات وهو ما لم يحث عندما سعره دولارين وثلاثة دولارات. وانخفضت مبيعات السيارات الرياضية والشاحنات الصغيرة والشاحنات النصف نقل الى أقل من 50 % من مبيعات السيارات الجديدة خلال 2008، للمرة الاولى منذ عام 2001، وتعتزم فورد وجنرال موتورز اغلاق مصانع للشاحنات وتعزيز انتاج السيارات ذات الكفاءة في استخدام الوقود، وتستهلك الولاياتالمتحدة المتعطشة للطاقة نحو 7.5 مليار برميل نفط سنويا منها نحو 9.3 مليون برميل من البنزين يوميا. وفي ظل تضاعف سعر النفط في العام المنصرم الى نحو 140 دولارا للبرميل تحول الامريكيون فجأة الى الحديث عن التوفير واستخدام المزيد من السيارات ذات الكفاءة في استخدام الوقود واستعمال الطاقة النووية وانتاج الايثانول فضلا عن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتنقيب عن النفط في القطب الشمالي أو خليج المكسيك. وتعتمد خطة اوباما علي الجيل التالي من الوقود الحيوي مثل الايثانول المستخرج من السلولوز والذي تأمل الشركات في انتاجه من نباتات مثل العشب المتحول وأشجار الحور، وحالت العقبات التقنية دون قيام أي أحد بانتاج كميات على نطاق تجاري من الوقود كما يجري ارجاء مواعيد طرحه الى المستقبل. وقال رئيس شركة لانتاج الايثانول من السلولوز عن الموعد الذي تعتزم فيه الشركة بدء انتاج هذا الوقود "لم نعد نقوم بالتكهنات بعد الآن." واقتراح مكين برفع الحظر عن التنقيب عن النفط قبالة السواحل الذي يدعمه الرئيس الامريكي جورج بوش سيضيف ما بين مليون ومليوني برميل يوميا الى امدادات النفط العالمية. وعلي الوجه الآخر للعملة يري محللين ان تطوير الابار الجديدة قد يستغرق 10 سنوات حين يتوقع أن يبلغ الطلب العالمي 100 مليون برميل يوميا علي الاقل أي أكثر من المستويات الحالية بمقدار نحو 15 مليون برميل يوميا. وقال تيم ايفانز المحلل في مؤسسة سيتي فيوتشرز بيرسبيكتيف في نيويورك، ان التنقيب عن النفط المحلي قد لا يكون عاملا كبيرا حتى بعد سنوات بسبب كم الانتاج الضئيل ولان بالامكان استخراج النفط بتكلفة أرخص كثيرا من مناطق أخرى في العالم. ويضيف ايفانز أنه مع الرغبة في فطام امريكا من النفط الاجنبي لم يركز المرشحان للانتخابات الرئاسية بالقدر الكافي على خطط تحسين العلاقات مع الدول المنتجة للنفط على مستوى العالم. ويقول فيل فيرليجر المحلل والاستشاري النفطي المستقل في كولورادو ان من بين المشاكل الاخرى التي يمكن أن تظهر على المدى القريب ولم يثرها أي من المرشحين مقايضة الخام منخفض الكبريت عالي الجودة من الاحتياطي الاستراتيجي الامريكي للبترول بالخام علي الكبريت الذي يقل سعر البرميل منه بنحو 7 دولارات. ويشير ايفانز الى أن فرض ضريبة علي البنزين سيكون مؤلما على الصعيد السياسي لكنه من الممكن أن يقلل الطلب مضيفا أن من بين الخطوات الاخرى التي يمكن اتخاذها تطبيق القانون للتقليل من القيادة المسرعة. ويبدو أن الناخبين تقبلوا أن هناك حاجة الى تغيير الامور على الصعيدين السياسي والشخصي، ففي اريزونا يقود بيني بيلوسي سيارة ضخمة من طراز فورد اكسبيديشن. وهذه السيارة الرياضية المهيبة واحدة من 3 سيارات يملكها، لكن بيلوسي اثناء ضخه البنزين في السيارة الفورد قال انه يعتزم استبدالها بسيارة تستخدم كميات قليلة من البنزين ليجوب بها أنحاء البلدة. (رويترز)