“إنها قصة حب وليست شهر عسل فقط”، بين الاحتلال عام 1948 وما يسمى “قيام إسرائيل” وهذا الاعتراف المتقد الصادر عن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” ايهود اولمرت في أيار/مايو، حيث شهدت فرنسا و”إسرائيل” علاقات قوية لكنها عاصفة مع فترات من التوتر والمصالحة. وفي آذار/مارس عشية استقبال نيكولا ساركوزي له في باريس لخص الرئيس “الإسرائيلي” شيمون بيريز الرابط المميز بين البلدين في مقابلة مع صحيفة “لو فيغارو” بقوله “لا اعرف بلدا آخر غير فرنسا ساعد “اسرائيل” بهذا الشكل”. ويزور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اعتبارا من اليوم الأحد “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية. ومنذ الاحتلال عام 1948 ظهرت باريس كأحد الداعمين الرئيسيين للكيان موفرة له كميات كبيرة من السلاح قبل أن تساعده في المجال العسكري النووي، هذه العلاقة الاستراتيجية الوثيقة ظهرت إلى العلن مع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 عندما تدخلت بريطانيا وفرنسا الى جانب جيش الاحتلال “الاسرائيلي”. وبعد عودته الى الحكم بعد سنتين أبقى الجنرال شارل ديغول على علاقات قوية مع “إسرائيل” لكن مع انتهاء حرب الجزائر بدأ عملية إحلال توازن وتقارب مع الدول العربية، وتحول هذا المنعطف إلى أزمة عندما فرض العام 1967 حظرا عسكريا على الكيان لم يمنعه من احتلال سيناء والضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان، وتفاقمت الأزمة عندما قال في تشرين الثاني/نوفمبر من السنة ذاتها خلال مؤتمر صحافي إن “الإسرائيليين” “شعب نخبوي واثق بنفسه ومهيمن”. ويقول خبير الشؤون السياسية فريدريك اينسيل واضع كتاب “أطلس “إسرائيل” الجيوسياسي”، “وكانت القطيعة، انطلاقا من هنا أصبحت فرنسا مؤيدة للعرب وجعلت “إسرائيل” من الولاياتالمتحدة حليفتها المميزة”. ومع الرئيسين جورج بومبيدو وفاليري جيسكار ديستان تأكد هذا التحول مع صدمتين نفطيتين، وتكرس مع التوقيع على عقود تسلح سخية مع دول مثل ليبيا والعراق، واستمر الفتور في العلاقة تغذيه حرب العام 1973 وفتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في باريس عام 1975 والاعتداء في شارع كوبرنيك عام 1980. وفي العام 1981 حان وقت إعادة التوازن مع انتخاب فرنسوا ميتران رئيسا للجمهورية الفرنسية، ودافع الرئيس الاشتراكي الجديد عن رؤية أكثر توازنا في العلاقة الفرنسية “الإسرائيلية” رسمها بعد سنة على ذلك أمام “الكنيست” داعيا إلى إقامة دولة فلسطينية ومتحدثا عن أراض فلسطينية “متنازع عليها” وليست “محتلة”. أما خلفه جاك شيراك فكان ينظر إليه في “إسرائيل” على انه مؤيد للعرب وللفلسطينيين بشكل عام، والحادث الشهير الذي تخلل زيارته عام 1996 عندما هدد بعدما استاء من أجهزة الأمن “الإسرائيلية” بالعودة إلى باريس، جسد هذا التشنج الجديد. وأصبحت العلاقات عاصفة مع وصول ارييل شارون إلى السلطة ودعوته يهود فرنسا في 2004 إلى الهجرة إلى “إسرائيل” هربا من “معاداة السامية الجامحة” وإدخال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إلى مستشفى في باريس حيث توفي في تشرين الثاني/نوفمبر من السنة ذاتها. وبعد بلوغ التوتر هذه الذروة عادت العلاقات لتشهد انفراجا، ففي العام 2005 أشاد شارون في فرنسا بالجهود التي يبذلها شيراك في إطار مكافحة معاداة السامية فيما أشاد الأخير ب “العلاقة القوية” بين البلدين “رغم سوء التفاهم”. ويقول فريدريك انسيل “رغم حصول هذه التوترات فان المبادلات بين البلدين في تلك الفترة تطورت بشكل مذهل” موضحا “نجح شيراك بتخليه عن أسطورة سياسة فرنسا في العالم العربي، في فصل العلاقة الفرنسية - “الإسرائيلية” عن العلاقات التي يقيمها مع بعض الدول العربية”. وكرس انتخاب نيكولا ساركوزي الذي يجاهر بصداقته ل “إسرائيل” في وقت يعقد فيه صفقات لبيع الجزائر أو ليبيا مفاعلات نووية، هذا الوضع الجديد.