تسببت توقعات ببلوغ محاصيل القمح والأرز مستويات قياسية خلال موسم 2008- 2009، في توقع انفراجه قريبة - وإن كانت طفيفة - في ازمة غلاء تكاليف الطعام التي تزعج الأسر وجماعات مكافحة الجوع علي مستوى العالم علي حد سواء . وأدت التكهنات بأن محصول القمح سيكون وافيرا، إلي انخفاض أسعاره في الولاياتالمتحدة اكبر دولة مصدرة في العالم بنسبة 42% منذ سجل سعرا قياسيا في 27 فبراير/ شباط 2008، بالرغم من أن الاسعار ما زالت أعلي منها قبل عام بنسبة 64%. وفي سياق متصل، انخفضت أسعار الارز الامريكي بنسبة 15% منذ الاسبوع الاخير من ابريل/ نيسان 2008، لكن ما زال سعرها يتجاوز مثلي مستوياته قبل عام. وانخفض مؤشر جمعته منظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة (الفاو) في ابريل/ نيسان للمرة الاولي خلال 15 شهرا وهو دليل اخر على أن موجة تضخم أسعار الغذاء ربما تقترب من نهايتها. وهو ما أكده عبد الرضا عباسيان الخبير الاقتصادي المتخصص في الحبوب في المنظمة قائلا ان العالم تجاوز المرحلة الاسوأ في الأزمة. لكن محللين قالوا ان أسعار القمح والارز والسلع الرئيسية الاخرى التي تستهلك في أنحاء العالم قد ترتفع اكثر من هذا عند ظهور أي بوادر على تعطيل الامدادات بما في ذلك الظروف الجوية. وأعرب توم جاكسون الخبير الاقتصادي بمؤسسة جلوبال انسايت ومقرها فلادلفيا، عن توقعه محصول قمح جيدا الى حد ما لكن الوقت ما زال مبكرا جدا في 2008 فالكثير من محصول القمح لهذا العام لم يزرع بعد. وتعتمد أسعار اللحوم بدرجة كبيرة على الذرة التي تستخدم لتغذية الماشية والتي سجلت أسعارها ارتفاعا قياسيا تجاوز 6 دولارات للبوشل (مكيال للحبوب يساوي 8 أجولة أو نحو 32 لترا ونصف اللتر) اوائل هذا الشهر حيث عطلت الامطار نثر البذور في الولاياتالمتحدة اكبر دولة مصدرة في العالم. ويحاول المزارعون الاسراع من وتيرة عملية البذر والضغط من أجل زيادة الاسعار في مجلس التجارة بشيكاجو. وانخفضت أسعار فول الصويا بمقدار 17% منذ ارتفاعها الى مستوى قياسي في مارس/ اذار لكنها ما زالت أعلى بنسبة 73% عن سعرها قبل عام، وانخفضت الاسعار انخفاضا حادا الخميس 15 مايو/ ايار 2008، وسط مؤشرات علي احتمال انتهاء اضراب للمزارعين في الارجنتين احدى اكبر الدول المصدرة للمحصول. ومتى ينتهي الاضراب في الارجنتين ستتوزع الامدادات في ثالث اكبر دولة مصدرة لفول الصويا في العالم في أرجاء العالم لاطعام الماشية والدواجن التي تعتمد على هذه البذرة الزيتية الغنية بالبروتين. وعلي الوجه الآخر للعملة، ستتأثر شركات اللحوم تأثرا كبيرا بهذا الارتفاع في اسعار الاعلاف، فقد تكهنت شركة تايسون فودز يوم الخميس تراجع كميات الدجاج في المتاجر الكبيرة خلال 2008، فضلا عن ارتفاع اسعارها للمستهلكين نتيجة الزيادة في ارتفاع أسعار الاعلاف. وقال بيل لاب رئيس مؤسسة ادفانسد ايكونوميك سوليوشنز الاستشارية، انه يبدو جليا أن الزيادة في أسعار السلع لها تأثير مباشر على تضخم الغذاء، مضيفا أن التكاليف التي زادت لم تضف إلي أسعار السلع للمستهلك بشكل كامل ولسوء الحظ فانه من المرجح بشدة أن ترتفع الاسعار اكثر خلال عامي 2008 و2009. وتشير تقارير لمنظمة الفاو الي أن أسعار الغذاء ارتفعت بمقدار نحو 40% عام 2007، وتقول المنظمة التابعة للامم المتحدة ان 37 دولة تواجه أزمات غذائية، ومع نمو دخل الفرد خاصة في الصين والهند يتزايد الطلب على منتجات مثل اللحوم. اما في الولاياتالمتحدة فان ازدياد الطلب علي الذرة من قبل صناع الايثانول أدى بمنتجي اللحم البقري ولحم الخنزير والدجاج الى خفض الانتاج لان أسعار الذرة القياسية قللت من هامش الربح. في حين ينتظر زيادة امدادات الذرة بنحو 4% نحو مستوي 109.7 مليون طن فان من المتوقع عودتها للانخفاض بنسبة تقرب من 10% خلال 2009، الي 99 مليون طن هذا بافتراض أن الظروف الجوية ستكون طبيعية وهو افتراض ينطوي على مجازفة. وأدى جموح أسعار الغذاء الى احتجاجات في عدة مناطق من العالم وتسبب في الاطاحة بحكومة في هايتي. وحصل برنامج الاغذية العالمي خلال مايو/ ايار علي نحو 60% من مبلغ 775 مليون دولار اضافية كان قد طلبها لتغطية تبرعات مقررة من المساعدات ل2008. ويواجه البرنامج ارتفاعا لم يسبق له مثيل في أسعار الغذاء الذي يوفره لمن هم بحاجة إلي الغذاء علي مستوى العالم. وفي المكسيك حذرت جماعة صناعية الاربعاء من زيادة بنسبة 18% تلوح في الافق في أسعار التورتيا ولهذه المسألة حساسية سياسية في البلاد التي يقبل فيها الناس على أكل هذه الكعكات المصنوعة من دقيق الذرة اكثر من الخبز. وقال مارك روزجرانت المدير في المعهد الدولي لابحاث سياسات الاغذية في العاصمة الأمريكيةواشنطن إن كل المؤشرات تنبيء بأنه من غير المرجح أن تنخفض الاسعار عما قريب بل انها قد ترتفع اكثر ويتوقف هذا علي قرارات الدول بشأن الوقود الحيوي. (رويترز)