القرارات المناسبة الكتاب الصديق القراءة السريعة المدير القارئ أكثر تأثيرا وفعالية من المدير الذي لا يحب القراءة. والمتأمل في صور بعض القياديين البارزين المنشورة في الصحف وعلى شاشات التلفزة يجد أنهم يشتركون في قوة الطرح التي يأتي جزء أساسي منها من شغفهم الملحوظ بعادة القراءة، التي تجعلهم مؤثرين في أعمالهم ومجتمعهم. ومن فوائد القراءة للمدير والموظفين بشكل عام أنها تقوي لديهم قوة الارتجال، فلا يجدون صعوبة في الاستعانة بمفردات كلامية في أحاديثهم إلى زملاء العمل أو في المحاضرات العامة أو الجمعيات العمومية أو المؤتمرات الصحفية لما يتمتعون به من قوة في التعبير عن أفكارهم وطروحاتهم. كما نرى كثيرا من الموظفين المبدعين في أعمالهم ولكنهم لا يحظون بنصيب عادل من التقدير لأنهم لايحسنون التعبير عن إنجازاتهم خاصة في المنظمات ذات الهياكل التنظيمية الكبيرة. الدفاع عن الموظفين:- وكلما كان المدير قارئا جيدا صارت لديه القدرة على الدفاع عن موظفيه أمام الإدارة العليا، والقدرة أيضا على إبراز ما حققته الإدارة من أنشطة طوال العام. وربما يقول قائل أنه ليس بالضرورة أن كل قارئ لديه القدرة على حسن التعبير، وهو ما نتفق معه، ولكن تبقى حقيقة واحدة وهي أن كثرة القراءة تمنح المدير ثقة بالنفس ومقدرة جيدة على ترتيب أفكاره، فلا تربكه كلمات غير متوقعة من مسؤوله، كالنقد اللاذع المفاجئ، بحيث تنسيه تلك الانتقادات ما أتى من أجله. ووصف أحد الفلاسفة تأثير القراءة على مهارات التواصل مع الناس فقال «إذا امتنعت عن القراءة ثلاثة أيام، لا أحسن محادثة الناس» وهو يشير إلى أهمية أن يواصل الفرد المعرفة والاطلاع والقراءة ليستطيع التأثير في الآخرين. والمدير القارئ يكشف بعض ألاعيب الموظفين لأنه يتعلم بوتيرة أسرع بفضل القراءة، فيفهم أكثر من غيره، ويكتشف بسهولة قصور البعض، مثلا، في كتابة التقارير أو الرسائل، الأمر الذي يدفعهم إلى أن يعدوا أعمالهم على أكمل وجه قبل تقديمها للمدير الذي يتمتع «بعين الصقر» الحاذقة التي تبصر دقائق الأمور. القرارات المناسبة:- وكلما كانت لدى المدير معلومات أكثر من قراءاته تصبح لديه المقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في العمل. فأي قرار رشيد لابد أن يبنى على قاعدة متينة من المعلومات ذات الصلة ليكون قرارا أقرب إلى الصواب. وتساعد القراءة المدير على حسن التأمل في وجهات نظر الموظفين، وتثير لديه روح النقد، وتمده بالمعلومات الضرورية المعينة على حل المشكلات التي يواجهها، كما تشجعه على التفكير العميق وحب الاستطلاع. ومن الملاحظ أن المدير القارئ لا يضيق من مخالفة الآخرين له في الرأي لأنه يجد لديه، دائما، ما يحتاج من الحجج المقنعة. والقراءة المقصودة هي حب قراءة الكتب لأن من أحبها أحب قراءة كل شيء في العمل وخارجه. ومن مزايا هذه العادة الحميدة أنها تولد لدى المسؤولين أفكارا ربما غابت عن أذهانهم. ويذكر أن الرشيد دخل على المأمون، وهو ينظر في كتاب، فقال: ما هذا؟ فقال: كتاب يشحذ الفكرة، ويحسن العشرة. فقال: الحمد لله الذي رزقني من يرى بعين قلبه أكثر مما يرى بعين جسمه. فالاختلاء بالكتاب يشحذ الهمم والأفكار ولذا ينصح دائما بأن يضع الفرد إلى جانبه، أثناء القراءة، ورقة وقلما حتى يدون ما يرد إلى خاطره من أفكار. الكتاب الصديق:- ووصف شهيد الكتاب الجاحظ، الذي روي أنه مات حينما سقطت عليه كومة كبيرة من الكتب فيقول: «لا أعلم جارا أبر، ولا خليطا أنصف، ولا رفيقا أطوع، ولا معلما أخضع، ولا صاحبا أظهر كفاية، وأقل جناية، ولا أقل إملالا وإبراما، ولا أقل خلافا وإجراما، ولا أقل غيبة، ولا أبعد من عضيهة، ولا أكثر أعجوبة وتصرفا، ولا أقل صلفا وتكلفا، ولا أبعد من مراء، ولا أترك لشغب، ولا أزهد في جدال، ولا أكف عن قتال، من كتاب». يضيف الجاحظ الذي صار علامة عصره بفضل الكتاب قائلا: «ولا أعلم قرينا أحسن مواتاة، ولا أعجل مكافأة، ولا أحضر معونة، ولا أقل مؤونة، ولا شجرة أطول عمرا، ولا أجمع أمرا، ولا أطيب ثمرة، ولا أقرب مجتنى، ولا أسرع إدراكا في كل أوان، ولا أوجد في غير ابان، من كتاب». ولأن «خير جليس في الأنام كتاب» كما يقول المتنبي، فإنه حري بالمدير والموظف الذي يتطلع إلى أن يكون قياديا فعالا أن يجالس الكتاب حتى يدمن على عادة القراءة، لكي يحسن التعبير عن أفكاره وطموحاته فيؤثر بالآخرين .. لأنه صار أفقه. كاتب متخصص في الإدارة القراءة السريعة عندما يكون المدير قارئا نهما للكتب فإن مقدرته على قراءة تقارير العمل والرسائل وغيرها سوف يكون أمرا يسيرا. وذلك لأن عينه قد اعتادت على رؤية الحروف وفهم الكلمات بسرعة، الأمر الذي يساعده على سرعة القراءة التي تعد أمرا مهما في عالم الأعمال الذي يعاني فيه المديرون قلة الوقت وكثرة المشاغل. كما أن القارئ لديه القدرة على التصفح السريع للمادة بحثا عن مسألة معينة بكل سهولة ويسر، بخلاف المدير الذي لايقرأ.