الأهرام 1/05/2008 في تصريحات لأحد المسئولين بالحزب الحاكم أشار إلي أن عدد من يتلقون الدعم ارتفع من40 مليونا في الحكومة الحالية إلي50 أو55 مليون نسمة في الواقت الراهن, والحقيقة أن تعبير المستحقين للدعم يتردد دائما عند أي حديث عن إصلاح أو إعادة هيكلة الدعم وإيصاله لمستحقيه, بما يطرح ضرورة تحديد المستحقين للدعم كأساس لتحسين كفاءة الدعم وتوجيهه في مساره الصحيح الي مستحقيه. واذا كان الفقراء والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطي هم أكثر المستحقين للدعم السلعي, فإن ذلك يجعل كل من يعيشون بأقل من دولارين للفرد يوميا, أول المستحقين للدعم, فضلا عن الفقراء فقرا مدقعا الذين يعيشون بدولار واحد للفرد يوميا. وللوصول الي العدد الواقعي للفقراء ومستحقي الدعم, ونسبتهم من السكان, فإن هناك طريقة غير تقليدية تقوم علي تحديد نصيب الفرد من شريحة اجتماعية معينة, من الدخل, بناء علي أسس واقعية ترتبط بالأجور السائدة ومعدل الإعالة في مصر, واذا كان عدد السكان قد بلغ75 مليون نسمة في منتصف عام2007, وبلغ عدد العاملين فعليا نحو20,1 مليون عامل حسب البيانات المنشورة في النشرة الإحصائية للبنك المركزي, فإن ذلك يعني أن معدل الإعالة في مصر قد بلغ3,73 شخص, أي أن كل شخص يعمل يعول2,73 شخص الي جانب إعالته لنفسه, ويبلغ عدد العاملين في الزراعة والصيد نحو30,9% من قوة العمل المصرية عام2005, حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء, أي ما يوازي نحو6,2 مليون عامل في الوقت الراهن, لكن قسما مهما منهم يتكون من ملاك قزميين يعملون في القطع ذات المساحة الصغيرة والمتناهية الصغر التي يمتلكونها, ويعملون أيضا لدي الغير, فضلا عن العمال الزراعيين الأجراء الذين لا يملكون أي أراض, ويبلغ أجر العامل الزراعي30 جنيها يوميا, بواقع750 جنيها شهريا في الوقت الحالي, ووفقا لمعدل الإعالة(3,73 شخص لكل عامل), يبلغ نصيب الفرد من العمال الزراعيين ومن يعولونهم نحو201 جنيه في الشهر, أي نحو36,6 دولار للفرد شهريا, بما يعادل1,2 دولار للفرد يوميا, أي يمكن اعتبار العمال الزراعيين الأجراء جميعا حول خط الفقر المدقع, وللعلم فإن هناك اتجاها لتغيير خط الفقر المدقع ليصبح نحو1,2 دولار للفرد يوميا, وخط الفقر ليصبح2,3 دولار للفرد يوميا, لأنه لم يعد منطقيا أن تظل القيم المحددة لخطوط الفقر ثابتة لأكثر من عقد من الزمن برغم ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية لمختلف عملات العالم, ويمكن أيضا اعتبار صغار المزارعين ممن يملكون فدانا واحدا فأقل ضمن الفقراء فقرا مدقعا, حيث إنه بافتراض عائد قدره ستة آلاف جنيه للفدان سنويا في الزراعات التقليدية التي تغطي الجانب الأعظم من الأراضي الزراعية في مصر, فإن ذلك يعني وفقا لمعدل الإعالة أن نصيب الفرد في مثل هذه العائلة الزراعية يبلغ نحو1609 جنيهات سنويا, أي نحو134 جنيها شهريا, أي نحو24,4 دولار شهريا, أي نحو0,8 دولار يوميا, وهناك2,374 مليون مالك زراعي تقل حيازة كل منهم عن فدان واحد, ويمكن اعتبارهم اجمالهم ومن يعولونهم الذين يبلغون وفقا لمعدل الإعالة نحو8,8 مليون فقراء فقرا مدقعا اذا لم يكن لهم مصدر آخر مشروع أو غير مشروع للدخل, أو مدخرات من العمل في الخارج, وهناك580,1 ألف حيازة تتراوح مساحتها بين1:2 فدان, ومن يحوزونها وعائلاتهم يعتبرون من الفقراء أيضا, وإن كان من الضروري الإشارة الي أن بعض أصحاب الحيازات القزمية يعملون في نفس الوقت في الجهاز الحكومي, أي أن هناك ازدواجا في مصدر الدخل ينقل قسما منهم من مصاف الفقراء فقرا مدقعا الي الفقراء. ومن بين5,58 مليون شخص يعملون في الجهاز الحكومي, تعتبر الغالبية الساحقة في حالة فقر أو فقر مدقع بسبب جمود الأجور وانهيار قدرتها الشرائية بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات بمعدلات زيادة هذه الأجور, وعلي سبيل المثال فإن حالة الموظف الذي عمل منذ عام1977 حتي الآن أي لأكثر من30 عاما وحصل علي امتياز دائما وأصبح مديرا عاما ثم مديرا للإدارة, وأصبح راتبه730 جنيها شهريا بعد ثلاثة عقود من العمل, فإنه وفقا لمعدل الإعالة يصبح دخله الشخصي ومتوسط دخل كل فرد ممن يعولهم نحو195,7 جنيه شهريا, أي نحو35,6 دولار شهريا, أي أقل من1,2 دولار للفرد يوميا, أي أنه وهو في قمة الجهاز الإداري للدولة يعيش هو ومن يعولهم في فقر مدقع, ووفقا لمعدل الإعالة, فإن تعداد العاملين في الجهاز الحكومي ومن يعولونهم يزيد علي20,8 مليون, يمكن اعتبار20 مليونا منهم في حالة فقر مدقع اذا لم يكن لهم أي مصدر آخر مشروع أو غير مشروع للدخل أو مدخرات من العمل في الخارج. وتشير البيانات الرسمية الي أن عدد العاملين في القطاع الخاص بلغ14,04 مليون عامل, ونظرا لفساد نظام الأجور وعدم عقلانية الحد الأدني وآليات التدرج فيه, وهو أمر تقع المسئولية عنه علي الدولة التي ينبغي لها حتي في أكثر النظم الاقتصادية تحررا أن تضع حدا أدني للأجر له علاقة بتكاليف المعيشة وانتاجية العامل, فإن القطاع الخاص يبدو مطلق اليد في تحديد أجور شديدة التدني للعاملين لديه, خاصة أنه يستخدم مخزون العاطلين الضخم في الضغط علي الأجور التي تضع معظم العاملين في هذا القطاع تحت خط الفقر أو الفقر المدقع وتجعلهم مستحقين للدعم, ما عدا قلة من العمالة العالية المهارة فنيا وإداريا, وترتيبا علي كل ما سبق فإن رقم ال55 مليون نسمة من مستحقي الدعم هو رقم قريب أكثر عقلانية من الأرقام السابقة, لكنه يبلقي أقل من مستحقي الدعم الفعليين في مصر, وفي كل الأحوال فإن ضخامة عدد المستحقين للدعم تفرض ضرورة الإسراع بوضع حد أدني جديد للأجر له علاقة بتكاليف المعيشة وبتطور انتاجية العاملين كما أشرنا علي هذه الصفحة من قبل, كما أن هناك ضرورة لتقديم اعانات للعاطلين علي غرار ما تفعله الهند الأفقر كثيرا من مصر والتي تقدم ما يوازي أجر100 يوم عمل في العام لكل متعطل كنوع من الضغط علي الحكومة لإيجاد فرص عمل لهم وتحسين بيئة الأعمال الصغيرة والمتوسطة والكبيرة بصورة تساعد علي تأسيس المشروعات الجديدة وتشغيل العاطلين, كما أن هناك ضرورة لدعم المزارعين الصغار وتقديم مدخلات الإنتاج الزراعي لهم بأسعار معتدلة, وضمان أسعار عادلة لمحاصيلهم وحمايتهم من استيلاء التجار والوسطاء علي الجانب الأعظم من الناتج الزراعي.