ما يشهده العالم من كوارث طبيعية مدمرة مثل الأعاصير والسيول وموجات الجفاف القاسية أو الفيضانات المهلكة ليس سوي البداية, أما الفصل الأخطر والأسوأ في هذا السيناريو المرعب فلم يبدأ بعد, وهذه الحقيقة يعرفها المهتمون والمتخصصون في ظاهرة التغيرات المناخية في العالم,أحد هؤلاء هو الدكتور محمد العشري كبير المستشارين في صندوق الأممالمتحدة بواشنطن, والرئيس التنفيذي السابق لصندوق البيئة العالمي, وهو احد الخبراء العالميين المتخصصين في تلك القضية وله عشرات من الدراسات والأبحاث المنشورة, ونال العديد من الجوائز العالمية. مصر في دائرة الخطر * هل يمكن أن تسبب3 أو4 درجات فقط كل تلك التأثيرات؟ ** بالتأكيد.. وعلينا أن نتذكر أن الزيادة الحالية في درجة الحرارة لم تتعد7, درجة مئوية ومع ذلك هناك تأثيرات لها مثل الجفاف الذي حدث في استراليا وأدي إلي زيادة أسعار القمح وهو ما ينبهنا إلي بعد آخر للتغييرات المناخية هو ارتباطها بأزمة الغذاء العالمية. * البعض في مصر يتحدث عن التغيرات المناخية ومخاطرها باعتبارها مسألة تخص العالم الخارجي ليست لنا علاقة بها, إلي أي حد نحن في مأمن من التأثيرات المدمرة التي تتحدث عنها؟ ** المواطن العادي في مصر يدرك أن هناك تغيرا مناخيا قد حدث, فموجة الحر التي شهدتها البلاد الشهر الماضي ليست أمرا معتادا في هذا التوقيت. للأسف الخطر يقترب منا ولا بد من مواجهته, والدراسات المنشورة والمعروفة تقول إن ثلث الدلتا معرض للغرق تماما إذا ارتفع سطح البحر نصف متر, وسيكون هناك ستة ملايين شخص مجبرين علي الرحيل. هذا سيحدث ولا نعرف هل سيكون خلال خمسة أعوام أو عشرة أو أكثر ولكنه سيحدث بالتأكيد لان هناك مساحات جليد شاسعة في القطبين بدأت في الذوبان, لابد من الاستعداد لذلك ولكن للأسف هناك حركة بناء نشيطة بلا دراسة في الساحل الشمالي والأفضل هو الاتجاه للصحراء مع إعداد دراسات وخطط للتنمية والزراعة والطاقة حتي لا تفاجئنا المشكلة. * وبالنسبة لمصر هل هناك حلول معينة؟ ** الأهم بالنسبة لنا هو الاهتمام بالطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح. وفضلا عن دورها في الحد من التلوث فإنها يمكن أن تكون ذات عائد اقتصادي مهم حيث يعني التوسع في هذا المجال وتصنيع المعدات المستخدمة فيه تشغيل المزيد من الشباب, وفي ألمانيا أوجد هذا القطاع وحده نحو2,1 مليون فرصة عمل. * الحديث عن انبعاث الغازات يعني تلقائيا الحد من التصنيع كما يفهمه كثيرون في العالم الثالث وهو ما يجعلهم غير متحمسين لتلك الجهود.. هل هذا الفهم صحيح؟ ** هذا خطأ تماما. ربما كان صحيحا في بداية القرن العشرين. أما الآن فان التكنولوجيا النظيفة تضمن استمرار التوسع الصناعي دون الإضرار بالبيئة. * ولكن التكلفة ستكون باهظة لتطبيق معايير الحفاظ علي البيئة؟ ** هذا أيضا غير صحيح وهناك الدراسة الشهيرة التي أعدها الخبير البريطاني السير نيكولاس استيرن حول اقتصاديات تغير المناخ واثبت فيها أن التكلفة لن تزيد علي1% من الناتج المحلي الإجمالي, كما أن برامج التمويل الدولية تتولي مساعدة الدول الفقيرة. * ما دامت التكلفة بسيطة هكذا فما هو سبب المعارضة الأمريكية التقليدية لاتفاقيات الحد من الارتفاع الحراري؟. ** الإدارة الأمريكية تحاول أن توهم العالم بان دوافعها اقتصادية بعد أن اثبت العلم أن النتائج الوخيمة لارتفاع الحرارة مؤكدة, غير انه لا توجد دوافع اقتصادية حقيقية خاصة الآن للموقف الأمريكي المتشدد في هذا الصدد وفقا للدراسات أيضا, السبب الحقيقي هو أن المحافظين الأمريكيين يرفضون دائما أي تدخل من جانب الأممالمتحدة أو غيرها في أمور تكون بلادهم طرفا فيها, هذه الغطرسة الأمريكية هي السبب الحقيقي لموقفهم, ونتوقع أن يتغير الموقف إذا فاز رئيس ديمقراطي في الانتخابات المقبله