يثير الدور الإيراني في العالم العربي حالياً، العديد من علامات الاستفهام أبرزها عن أسباب هذا التدخل ومداه، وعن تأثيرات مخططات طهران علي الوضع الإقليمي والدولي، فضلا عن تداعيات تلك التدخلات علي الأمن المصري. وتبدو التدخلات الإيرانية واضحة للغاية في العديد من القضايا العربية، غير أن أبرزها بلا شك القضية العراقية، حيث تتحالف إيران مع غالية القوي الشيعية وتمدها بالسلاح وبالأموال وهو ما يسمح لها بمساحة متزايدة للتأثير علي مجري الأحداث في بغداد. ويلاحظ أن إيران تلعب هنا علي التحالف مع تيار الصدر بالأساس، حيث تستغله في إثارة الاضطرابات في العراق، متي رأت أن ذلك من مصلحتها، بينما تدفع التيار للتهدئة في حالة اتفاق ذلك مع مصالحها. ولا تقتصر تحالفات إيران علي القوي الشيعية في العراق فحسب، بل إنها تمتد - وفقا لبعض السنة العراقيين- لتشمل التحالف والتنسيق مع تنظيم القاعدة في العراق، حيث تعتبر طهران القاعدة بمثابة أداة رئيسية لتغييب الاستقرار عن العراق، ومن ثم الحفاظ علي حالة الفوضي القائمة بالفعل في بغداد، وهو ما يصعب من احتمالات استهداف طهران من قبل الولاياتالمتحدة المشغولة ب«ورطتها العراقية». ويبرز الدور الإيراني أيضا في لبنان، حيث يتهمها فريق الموالاة اللبناني، باستخدام حزب الله وحلفائه لتعطيل الحياة السياسية في لبنان، والحيلولة دون انتخاب رئيس لبناني، وبالتالي عودة الاستقرار إلي لبنان، وهو ما قد يفتح الحديث الداخلي في لبنان عن سلاح حزب الله مجددا، والذي تعتبره إيران مساندا لها في مواجهتها مع الولاياتالمتحدة. ولا يقتصر التأثير الإيراني في المنطقة العربية علي لبنان والعراق، بل إنه يمتد أيضا ليشمل فلسطين من خلال مساندة طهران لحماس، التي تعتبرها إيران بمثابة الحليف الطبيعي لها في فلسطين، وذلك ليكون لها موطئ قدم بالقرب من الأراضي الإسرائيلية، يساعدها علي العمل ضد إسرائيل من داخل الأراضي الفلسطينية. وتبدو سلبيات التدخلات الإيرانية واضحة للغاية علي المشهد العربي، فعلي الرغم من أن غالبية تلك التدخلات تسعي لمعادلة النفوذ الأمريكي في المنطقة، فإنها أدت لزيادة التدخلات الأمريكية في المنطقة لمواجهة المحور التي تؤكد واشنطن أن طهران تسعي لتدعيمه (محور طهران- دمشق- حزب الله- حماس) ومن ثم تصبح المنطقة محوراً لصراع بين مشروعين متضادين يسعي كل منهما لتحقيق أهدافه بغض النظر عن المصالح العربية. ولاشك أيضا أن المشاريع الإيرانية تؤثر سلبا علي الدور المصري في العالم العربي، حيث تراجعت أهمية الدور المصري في العديد من الملفات بفعل التدخلات الإيرانية لاسيما في الملفين اللبناني والعراقي حيث اختفي التأثير المصري تقريبا في الملفين، هذا فضلا عن تراجع وزن مصر الإقليمي بشكل عام في مواجهة المخططات الإيرانية التي تستخدم الشيعة في غالبية الدول العربية - ولاسيما الخليجية- كأداة تمكنها من التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، وتستخدم طهران في ذلك العباءة الدينية -متمثلة في المرجعية- التي تحاول من خلالها استقطاب الأقليات الشيعية وباستخدام الشعارات الدينية باستخدام نظرية ولاية الفقيه التي ترفضها الكثير من المدارس الفكرية الشيعية. والمؤكد أن المخططات الإيرانية تسعي بوضوح، إلي جعل المعارك المقبلة (المحتملة) بينها وبين واشنطن خارج الأراضي الإيرانية، بحيث تضطر واشنطن لتقليم «الأظافر» الإيرانية ويبدو أن الدول العربية -وعلي رأسها مصر- هي من سيدفع ثمن سياسة تصدير الصراع الإيرانية للخارج.