حاول الرئيس الأمريكي جورج بوش فى خطابه السنوي الاخيرعن حالة الاتحاد، إقناع مواطنيه بضرورة استمرار ثقتهم به خلال الاشهر المتبقية له في المكتب البيضاوي ، فى وقت وصلت فيه شعبيته الى ادنى مستوى حسب استطلاعات الرأى.. الرئيس الأمريكي جورج بوش، وجّه عدّة رسائل سياسية متعددة الاتجاهات اوضح فيها ان العالم شهد على مدى السنوات السبع الماضية لحظات مثيرة من تاريخ التحرر من جورجيا إلى أوكرانيا ثم من لبنان إلى أفغانستان فالعراق. واستعرض بوش صورا محزنة لحشود العزاء في لبنان وباكستان وهم يحملون نعوش أحبابهم ممن خطفتهم يد الاغتيال وأفراح تتحول إلى جنائز غارقة في الدماء في الأردن وأفغانستان وعراقيين ينسفون في المساجد والأسواق وقطارات تفجر في لندن ومدريد وآلاف الأمريكيين يغتالون في وضح نهار 11 سبتمبر. وتعهد بوش من جديد بمواصلة الحرب على هؤلاء المتطرفين والإرهابيين حتى ينال أعداء أمريكا عقابهم العادل على حد وصفه .. وفى محاولة للبقاء على صلة بنبض الشارع الامريكي في عامه الاخير سعى بوش لتهدئة مخاوف الامريكيين بشأن الاقتصاد الامريكى في الوقت الذي يحل فيه شبح الركود محل حرب العراق كأبرز مخاوف الولاياتالمتحدة حيث اعترف بوش بأن النمو يتباطأ ولكنه أصر على أن أسسه على المدى الطويل ستظل قوية. داعيا الكونجرس للتحرك سريعا بخصوص حزمة الحوافز المالية وحجمها 150 مليار دولار والتي تم الاتفاق عليها الاسبوع الماضي وعدم اثقالها باجراءات اضافية. فيما يقول اقتصاديون ان الاجراءات المتعلقة بالحوافز قد تشتري بعض الوقت ولكنها لن تكون كافية لحل المصاعب التي أثارت أسواق المال العالمية. كما تعهد بوش أيضا بتقديم ملياري دولار لصندوق دولي جديد لتشجيع تكنولوجيا الطاقة النظيفة ومكافحة التغير المناخي. يذكر ان بوش كان قد واجه انتقادات دولية لرفضه المتكرر لوضع حد أقصى لانبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الولاياتالمتحدة. وكانت ابرز النقاط التى تناولها بوش بشان السياسة الخارجية أمام الكونجرس.. دعوته لتمويل القوات الامريكية في العراق وافغانستان بشكل كامل موضحا ان القوات الاضافية ساعدت في خفض العنف ومكنت الحكومة العراقية من اتخاذ اجراءات سياسية. واعترف بوش بأن هناك حاجة الي ارسال 3200 جندي اضافي من مشاة البحرية الي افغانستان للمساعدة في قتال طالبان وتدريب الجيش والشرطة الافغانيين. فيما تعهد بالعمل مع المجتمع الدولي لمنع ايران من الحصول على قدرات لتطوير اسلحة نووية لكنه حذر من أن "امريكا ستتصدى لاولئك الذين يهددون جنودها" وعرض بوش دعما للاسرائيليين والفلسطينيين في محاولتهما التفاوض على اقامة دولة فلسطينية. كما طالب بتشريع دائم يسمح لاجهزة الاستخبارات الامريكية بمراقبة الاتصالات الهاتفية المحلية دون اذن. يشار الى ان هذه الخطوة التي تهدف الى احباط هجمات ارهابية تثير قلقا بين الديمقراطيين من ان حقوق الخصوصية للامريكيين قد تنتهك. وجدد بوش الدعوة الي اصلاحات ديمقراطية في كوبا وميانمار وزيمبابوي. وفي الوقت الذي ضعف فيه بوش سياسيا بسبب حرب العراق التي لا تلقى تأييدا من الامريكيين وأفل نجمه بسبب السباق الجاري على من يخلفه في مقعد الرئاسة لم يطرح مقترحات جديدة جريئة ،الا أنه حث الامريكيين على التحلي بالصبر فيما يتعلق بالمهمة في العراق بعد نحو خمسة أعوام من الغزو بقيادة الولاياتالمتحدة للعراق.وتحدث عن مكاسب أمنية في العراق نسب الفضل فيها الى ارسال قوات اضافية الى هناك في يناير من العام الماضي ولكنه لم يشر لاي خفض اخر في عدد القوات هناك مؤكدا أن مثل هذه القرارات ستعتمد على توصيات قادته. وبعد نجاحه في عرقلة خطط الكونجرس بقيادة الديمقراطيين إزاء إنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة خمسة أعوام فى العراق وبدء سحب القوات الأمريكية وعودتها إلى ديارها، جدد بوش تأييد ما وصفه بنجاح قراره بتعزيز عدد القوات الأمريكية ب30 ألف جندي إضافي العام الماضى . وبالرغم من الأصوات المنتقدة لعدم تحقق الأهداف المرجوة من الحملة الأمريكية حول توصل القادة العراقيين إلى مصالحة سياسية، إلا أن بوش أكد أن القادة العسكريين الأمريكيين والسياسيين "يرون بعض المؤشرات الإيجابية" في هذا الشأن، منها موقف قادة العشائر السنّة أو ما يعرف بمجالس الصحوة ضد المتشددين المسلحين الموالين لتنظيم القاعدة. وفي شأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، جدد الرئيس الأمريكي جورج بوش تأكيد أهدافه بالتوصل إلى تسوية، من ضمنها إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية مسالمة مع نهاية العام الحالى 2008. وفي الشأن الإيراني، دعا الرئيس الأمريكي الجمهورية الإيرانية الإسلامية إلى تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم محذرا إياها بعدم التدخل في العمليات الأمريكية في الشرق الأوسط، معلنا ان أمريكا ستواجه أولئك الذين يهددون قواتها ومؤكدا انه سيدافع عن المصالح الحيوية في الخليج الفارسي" وفق تعبيره . وفى محاولة لاعطاء بعداً دولياً لتحركاته اشار بوش إلى أن أميركا تعارض الإبادة في السودان وتدعم الحرية في الدول من كوبا إلى زمبابوي إلى بيلاروس وبورما. ثم دعا إلى معالجة مشاكل الهجرة غير الشرعية بطريقة تعزز تطبيق القوانين واحترام المثل الأميركية العليا. داعيا الكونجرس إلى ايجاد وسائل إنسانية لحل وضع ملايين المهاجرين غير الشرعيين في الولاياتالمتحدة. وهكذا يبدو ان خطاب بوش السابع عن حالة الاتحاد كان فرصة لتحديد لغة الخطاب للفترة التي بقيت له في البيت الابيض ومحاولة انقاذ ارثه البالي قبل أن تنتهي فترة رئاسته في يناير 2009 ..