وسط حالة الغليان التي يعانيها سوق الاسمنت في مصر، يأتي قرار الحكومة المصرية بحظر تصدير الاسمنت الكلنكر والبورتلاندي الرمادي من 29 مارس/ اذار، وحتي أول أكتوبر/ تشرين 2008، في اطار السعي نحو ضبط الاسواق بعد أن سجلت اسعار مواد البناء زيادة غير مسبوقة. وقال وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد إن المخالفين يقعون تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها بالقانون رقم 95 لسنة 1945 وهي الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 300 جنيه ولا تتجاوز ألف جنيه والمصادرة والغلق لمدة لا تتعدي 6 أشهر فضلا عن الغاء رخصة المصدر. ويعد القرار إجراءً مؤقتا لمواجهة الزيادة الموسمية في الطلب على مواد البناء اثناء الصيف، في الوقت الذي يشهد فيه قطاع التشييد في مصر إنتعاشا ملحوظا مع نقص المعروض من الحديد والاسمنت. واشتعلت أسعار مواد البناء بالأسواق المصرية بشكل غير مسبوق بنسبة زيادة تصل الي 70% لحديد التسليح و50% للاسمنت والطوب وتصل النسبة الي 100% لمواد العزل وهو ما انعكس علي اسعار الشقق في الاحياء الشعبية تحت التشطيب لتسجل 350 الف جنيه .. مقابل 250 الف جنيه قبل عام . ويرجع الخبراء ان بعض هذه الزيادات الي ارتفاع الاسعار العالمية، فضلا عن جشع التجار وغياب رقابة قوية قادرة علي ضبط السوق. يذكر، أن معظم شركات الاسمنت في مصر جنت زيادة بلغت أكثر من 19% في ارباحها الصافية في 2007، فيما يواجه 20 مسؤولا بشركات محلية للاسمنت محاكمة بتهمة الاتفاق للتلاعب بالاسعار. وشهدت أسعار الاسمنت في مصر قفزات متتالية وسط توقعات الخبراء باستمرار الارتفاع خاصة بعد أن وصل سعر الطن للمستهلك إلى أكثر من 410 جنيهات (74.5)، بزيادة 40 جنيها مرة واحدة، نتيجة ارتفاع أسعار المازوت بنسبة 100% والذي يمثل 10 % من تكلفة الإنتاج. تشير الأرقام الرسمية، إلى أن إنتاج مصر من الإسمنت يبلغ نحو 37 مليون طن سنويا، مرتفعا عن مستوي 24 مليون طن في 2000 ثم 28 مليون عام 2005، بينما بلغ حجم الاستهلاك 29 مليون طن عام 2007 بما يعني أن الإنتاج يحقق فائضا يبلغ 8 ملايين طن بنسبة 17% من اجمالي الانتاج، وتتوقع وزارة التجارة والصناعة ارتفاع حجم الاستهلاك المحلى من الاسمنت إلى نحو 55 مليون طن عام 2011. وأرجع تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، الزيادة الأخيرة في أسعار الاسمنت إلى سيطرة عدد من الشركات الأجنبية على السوق، ووجود اتفاق شبه احتكاري بينها لرفع الأسعار، في إشارة إلى أن متوسط تكلفة إنتاج الطن من بين متوسطات أكبر ثلاث شركات كبرى، هي السويس والمصرية والقومية نحو 182 جنيهاً (33 دولاراً)، بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، بينما يباع الطن بنحو 410 جنيهات. وأشار التقرير إلى تتمتع مصر بميزات نسبية عن بقية دول العالم المنتجة للإسمنت، إذ ينخفض متوسط أجر العامل، إضافة إلى انخفاض أسعار مصادر الطاقة المستخدمة مقارنة ببقية الدول، خصوصاً الغاز الطبيعي والمازوت والكهرباء، وتمثل هذه المصادر 24 % من التكلفة الاجمالية للإنتاج ومازالت مصادر هذه الطاقة مدعومة من الدولة بنحو 5.9 مليار جنيه. وحذر التقرير من خطورة استمرار الوضع الراهن لسوق الأسمنت في البلاد، خاصة في ظل رفع أسعار الغاز والمازوت والكهرباء نحو مستوى التكلفة الحقيقة بما يعني تجاوز أسعار هذه السلعة الخطوط الحمر. جاء قرار إيقاف الاستيراد بعد عدد من الاجراءات لضبط السوق منها موافقة الحكومة علي منح 13 رخصة لانشاء مصانع اسمنت غير ملوثة للبيئة علي مرحلتين في اكتوبر 2007 ويناير /كانون الثاني 2008 وسط توقعات بأن تضيف المصانع الجديدة طاقة انتاجية قدرها 20 مليون طن مما يرفع اجمالي الانتاج السنوي الي 55 مليون طن. كما منعت الوزارة مصانع الاسمنت والصلب من وقف انتاجها دون الحصول على تصريح، في محاولة لإعادة التوازن الي السوق ويمكن معه إلغاء الحظر علي التصدير. وبالنسبة لهيكل صناعة الإسمنت، أشار التقرير إلى أن عدد الشركات المنتجة للاسمنت 12، يملك القطاع الخاص منها 11، بينما تتبع شركة واحدة قطاع الاعمال وهي القومية للأسمنت. ودفع ارتفاع الاسعار في السوق المحلية الوزارة سابقا إلي فرض رسوم تصدير علي الاسمنت قدرها 65 جنيها مصريا للطن في فبراير/ شباط 2007 ثم رفعت الحكومة الرسوم الي 85 جنيها للطن في اغسطس /اب، وتلا ذلك زيادة في رسوم تصدير بعض منتجات الصلب ردا على زيادة في الاسعار العالمية. وأدت الرسوم الي خفض صادرات الاسمنت بنسبة 36 % في الفترة من مارس/اذار الي ديسمبر/ كانون الاول 2007 قبل أن تبدأ الصادرات في الزيادة مرة اخرى في فبراير 2008 لتجبر الحكومة على اتخاذ قرار بوقف التصدير لمدة 6 أشهر. (الدولار يساوي 5.45 جنيه مصري)