الاهرام 19/3/2008 تكليف الرئيس حسني مبارك لجهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة ووزارة الداخلية للتدخل الفوري في أزمة رغيف العيش يعني أن الرئيس أعلن حالة الطواريء الخاصة لمواجهة هذه الأزمة التي راحت تتزايد بصورة تبدو غير مفهومة. فبحسب كميات الدقيق التي توفرها الدولة فإن هذه الكميات بالارقام تكفي لانتاج210 ملايين رغيف عيش يوميا بمتوسط3 أرغفة لكل مواطن بما في ذلك الأطفال الرضع!. فهل يحدث فعلا انتاج هذه الملايين؟ من البداية لا يحدث لسبب بسيط وهو أن جوال الدقيق الذي يباع للمخبز ب16 جنيها ثمنه العالمي260 جنيها وبالتالي فلابد أن يكون صاحب المخبز ملاكا كي لا يقع تحت تأثير اغراء بيع نصف حصته علي الأقل بسعر220 أو حتي200 جنيه لأن صافي ما يحققه أكبر كثيرا من دخل أي تجارة غير مشروعة.. ولابد منطقيا أن هناك أيادي كثيرة تكون مافيا كبيرة من هذه التجارة بخبز الملايين.. وتدخل جهاز الخدمة الوطنية يضمن بلا شك ذهاب الدقيق الي الغرض الذي تحملت خزانة الدولة الدعم الذي دفعته فيه.. ومع ذلك تبقي بعد ذلك مشكلة وصول هذا الدقيق في شكل منتج بسعر الرغيف خمسة قروش إلي الملايين التي تنتظره دون أن تضطر للوقوف في طوابير تصحو فجرا من أجلها أو تقاتل بعضها للوصول إلي يد البائع.. هذا يعني أن القضية لها شقان الأول عملية الانتاج وهذه في رأيي مقدور عليها من خلال مخابز القوات المسلحة ووضع خطة مستقبلية سريعة لمخابز مدنية بطاقات أكبر, والشق الثاني وصول الرغيف إلي مشتريه وهو لا يقل أهمية عن الشق الأول بل إنه عنق الزجاجة. وفي النظرة السريعة يمكن تحقيق ذلك عن طريق نشر أكشاك سريعة متنقلة وأيضا عن طريق موزعين من الشباب علي طريقة باعة الصحف وعلي أساس تعبئة الخبز في أكياس ومنح الشاب الموزع ثمن رغيف من العبوة التي يبيعها وبذلك نضمن عدم تلوث الخبز في عملية التوزيع وفي الوقت نفسه ايجاد فرص عمل جديدة لآلاف الشباب في كل مصر.. وأهم من ذلك وصول الرغيف إلي مشتريه بسهولة وإغلاق أبواب المافيا التي لابد أن تقاتل كما قاتلت طوابير العيش ولكن هذه الطوابير الغلبانة تقاتل من أجل بضعة أرغفة أما طوابير الحيتان فمن أجل المليارات التي كانت تهبرها!