أفسدت السياسة عدداً من الدورات الأولمبية الدولية ويبدو أن دورة بكين التي من المقرر أن تعقد في أغسطس/ آب 2008 قد ينالها بعض التأثيرات السلبية للتداخل بين السياسة والرياضة. فقد تعالت أصوات تدعو إلى مقاطعة الدورة لتعيد إلى الأذهان ما حدث من مقاطعات سابقة بلغت أوجها عام 1980 عندما قاطعت عشرات الدول دورة موسكو احتجاجاً على الغزو السوفيتي لأفغانستان, وما تبع ذلك من مقاطعة دول "المعسكر الشرقي" لدورة لوس انجلوس في الولاياتالمتحدة. وركزت دعوات المقاطعة لدورة بكين على قمع الحكومة الصينية للصحفيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان وعلى سياستها إزاء التبت والسودان, إ لا أن هناك أطرافاً أخرى تؤكد بأن المقاطعة لن تحقق شيئاً وربما أدت إلى عكس المتوخى منها. وبين المجموعات المؤيده للمقاطعة والتى تصفها بالضرورية منها منظمة "مراسلون بلا حدود" التي تتخذ من باريس مقراً لها. والتى قالت إن الحكومة الصينية سجنت 27 صحفياً وأكثر من 60 مستخدما للإنترنت، مما جعل الصين "أكبر سجن للصحفيين في العالم." ومضت المتحدثة باسم منظمة "مراسلون بلا حدود"تقول إنه ينبغي على اللجنةالأولمبية الدولية التي تتخذ من سويسرا مقراً لها أن تمارس "مزيداً من الضغط"على الحكومة الصينية كي توقف إجراءاتها ضد الصحفيين. وأشارت إلى أنه في حال عدم تحسن الوضع فإن منظمتها ستؤيد مقاطعة الألعاب الأولمبية. وقد صدرت دعوات بالمقاطعة عن عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي يحثون الولاياتالمتحدة على مقاطعة دورة الالعاب الأولمبية ما لم تتخذ الحكومة الصينية إجراءات "تضع حداً لقيامها بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد مواطنيها. وأعلنت اللجنة الأولمبية الأميركية، عن الموقف نفسه بين الربط بالمقاطعة والسياسات الصينية إزاء السودان, لكن الناطق بلسان اللجنة الاولمبية الدولية إن الحركة الأولمبية "نشاط رياضي، لا سياسي." وأضاف في إشارة إلى عمليات مقاطعة دورات الألعاب الأولمبية التي حدثت في الأعوام 1956 و1976 و1980 و1984، أن "عمليات المقاطعة، كما ثبت في الماضي، لا تحقق شيئاً على الإطلاق سوى فرض عقوبة ظالمة على الرياضيين الذين أمضوا عقوداً في الاستعداد لتلك اللحظة." من جهة اخرى يدافع المسؤولون الصينيون عن الألعاب الأولمبية عن الإجراءات بالقول إن الحكومة تعمل على وضع قاعدة بيانات عن الصحفيين الأجانب لمساعدة وسائل الإعلام في تغطية الحدث ولا تحاول مراقبة الصحافة أو "تهديد أي كان." وقد اختلطت الرياضة بالسياسة حتى اصبحت الاولى وسيلة بيد الاخيرة، وحسمت الرياضة الكثير لصالح المستضعفين والمضطهدين . وهناك مثال على اتخاذ الالعاب الاولمبية كمنبر سياسي، اذ اعلن رياضي امريكي، وهو يرفع قبضة يده في تضامنه مع حركة تحرير العبيد في الولاياتالمتحدة الاميركية، وكان ذلك قد حدث خلال الاحتفال بتقليد الفائز من الميداليات المستحقة في مكسيكو سنة 1968. ومن امثلة تداخل الرياضة بالسياسة رفض الحكومة الكندية استقبال بعثة تايوان، للمشاركة في الدورة الأولمبية التي استضافتها مدينة "مونتريال" عام 1976م ، بسبب تعهد الصين ببيع القمح لكندا، على الرغم من تعهد رئيس وزراء كندا في عام 1970 بمراعاة لوائح ونظم اللجنة الأولمبية الدولية. وكذلك مقاطعة أمريكا وحلفائها(43دولة) لدورة "موسكو1980 م"بسبب غزو السوفيت لأفغانستان،والاتحاد السوفيتي وحلفائه (15دولة)، لدورة "لوس أنجلوس 1984م"، رداً على مقاطعةأمريكا لدورة "موسكو عام 1980. وفي دورة "سيول عام 1988م"، كانت هناك محاولة إسرائيلية لاستثارة العرب، إذ ظهر اسم مدينة "القدس" كعاصمة لاسرائيل، ولم تنتبه لها اللجنة المنظمة للدورةالأولمبية، إلا بعد أن وصلهم احتجاج الاتحاد العربي للألعاب الرياضية. وقدم رئيس اللجنة المنظمة للدورة "بارك سيه جيك" اعتذاراً رسمياًًً وجهه للاتحاد العربي للألعاب الرياضية، أوضح فيه أن الخطأ غيرمقصود وحدث عفواً. وورغم كل هذه الدورات مازالت الآراء متباينة فالبعض يذهب الى ان الالعاب الرياضية الاولمبية انما اقيمت اساساً للتقريب بين الشعوب، وان هذه الالعاب تزيل سبب الانقسام. والبعض الاخر يعتقد انه من العبث التفكير بأن حدثاً عالمياً بهذا القدر من الاهمية يمكن عزله عن اطار السياسة العالمية.