تباينت اسعار النفط فى الأسبوع الثاني من مارس/ آذار 2008 بين ارتفاع وانخفاض، فقد عاودت أسعار النفط للعقود الاجلة الثلاثاء الصعود عقب تراجعها من مستوياتها القياسية الاثنين نتيجة توقعات بأن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة على الدولار الامريكي مما يحفز الطلب على النفط. وارتفع الخام الامريكي الخفيف 2.83 دولار الى 108.51 دولار للبرميل بعد ان نزل أكثر من 4 % الاثنين في أكبر هبوط ليوم واحد من حيث النسبة المئوية منذ أكثر من سبعة أشهر. وصعد خام القياس الاوروبي مزيج برنت 2.58 دولار الى 104.33 دولار للبرميل. وكانت العقود الاجلة للنفط الخام الأمريكي تراجعت الاثنين عن الارقام القياسية التى حققتها متأثرا بعمليات بيع لجني الأرباح سادت أسواق السلع الأولية وسط مخاوف متزايدة من تباطوء اقتصادي واستمرار عدم التيقن المصرفي والائتماني. جاء انخفاض عقود الخام بعدما بلغت ذروة قياسية قرب 112 دولارا مدعومة بضعف الدولار، وأغلقت عقود المنتجات المكررة على تراجع حاد. وهبط الخام تسليم ابريل نيسان في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) الاثنين 4.53 دولار ليتحدد سعر التسوية عند 105.68 دولار للبرميل. وبلغ اجمالى الارتفاع فى اسعار النفط الخام من بداية العام حتى مارس/ آذار 2008 نحو 16 % مدفوعة جزئيا بضعف الدولار وهو ما يجعل المواد الخام المسعرة بالعملة الامريكية رخيصة نسبيا، مع بحث مديري الصناديق عن ملاذ امن من التضخم. ويرى محللون ان لعبة الدولار ربما بدأت تفقد زخمها ويساورهم القلق أيضا من أن ضعف الاقتصاد الامريكي قد يمتد الى اقتصادات أخرى ويقوض الطلب على السلع الاولية. وشهد الدولار هبوطا عاما الى مستويات قياسية غير مسبوقة الاثنين بعدما اتفق "جيه.بي مورجان تشيس اند كو على شراء بنك الاستثمار المنافس "بير ستيرنز" بثمن بخس لا يتجاوز دولارين للسهم (القيمة الاجمالية 236 مليون دولار فقط). وفي غضون ذلك توسع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) في الاقراض لشركات الاوراق المالية وذلك للمرة الاولى منذ الكساد الكبير في محاولة لتعزيز الثقة. وخفض مجلس الاحتياطي سعر الخصم الذي يفرضه على القروض المباشرة الى البنوك وأعلن برنامج اقراض جديدا من أجل توفير الائتمان للشركات الكبرى الاخرى في وول ستريت. من جهتها تركت اوبك انتاجها دون تغيير اثناء اجتماعها فى وقت سابق من شهر مارس 2008 رغم دعوات الدول المستهلكة لضخ المزيد من النفط لوقف الارتفاع القياسى. وقال وزراء منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ان ارتفاع أسعار النفط لا يتربط بالعوامل الاساسية لكنه ناجم عن المضاربة وتراجع الدولار الامريكي، وتدفق الاستثمار الى السلع، لذلك فان ضخ اوبك للمزيد من النفط لن يؤثر على موجة ارتفاع الاسعار. وصرح القائم بأعمال وزير النفط الكويتي محمد العليم لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه من ناحية المخزون العالمي لا توجد مشكلة على الاطلاق. ويرى الرئيس التنفيذي لشركة رويال داتش شل جيرون فان دير فير انه من الناحية الفعلية ليس هناك ما يبعث على القلق، وانه من الصعب فهم سبب ارتفاع اسعار النفط الى هذه المستويات. وتوقع ان يستمر تقلب الاسعار نظرا لوجود الكثير من عدم التيقن في حين أن التدفق الفعلي لم يتغير في جوهره عما كان عليه عندما كان سعر النفط أقل بكثير. وقال محللون ان أسعار الخام قد تتعرض لمزيد من الضغوط مع انخفاض أسعار المنتجات المكررة بشدة وهو ما يقلل هامش الارباح لمصافي التكرير عند تحويل النفط الى وقود. وبالرغم من هذه الظروف المتقلبة فان "اوبك" ابقت فى تقريرها لشهر مارس 2008 على توقعاتها بشأن زيادة الطلب على النفط الى (2.1 مليون برميل فى اليوم) ليصل الى 97.86 مليون برميل، وقالت ان تراجع الطلب فى الدول الصناعية بسبب الاسعار المرتفعة سيتم التعويض عنه فى مناطق استهلاكية اخرى.