فى نتيجة تعكس رغبة التايوانيين فى اقامة علاقات اقتصادية وثيقة مع الصين، فاز مرشح المعارضة ما ينج جيو فى الانتخابات الرئاسية التى اجريت فى تايوان .. حملة ما ينج جيو كانت قد تركزت على تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال اقامة علاقات أفضل مع الصين وتوسيع العلاقات الاقتصادية معها وفى الوقت نفسه حماية الجزيرة من الناحية السياسية. وجاء فوز مرشح المعارضة التايوانية ما ينج جيو المؤيد للتقارب مع الصين في الانتخابات الرئاسية بفارق كبير على خصمه المؤيد للاستقلال من الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم فرانك هسيه ، ليعود بذلك حزب "كومينتانج القومي" الى السلطة بعد ثماني سنوات. انتخاب ما ينج يمثل انتهاء قبضة الحزب التقدمي الديموقراطي على السلطة في الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي والبالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة وذلك بعدما انزل حزب الكومينتانج هزيمة ساحقة بالحزب المؤيد للاستقلال في الانتخابات البرلمانية التي اجريت في يناير الماضي. كان موضوع العلاقات مع الصين قد هيمن على الحملة الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها.. كما طغت أحداث التبت الأخيرة على الانتخابات الرئاسية في تايوان، وحاول زعماء المعارضة استغلالها للدفع نحو الابتعاد عن بكين.. حيث حذر المرشح المنافس فى الانتخابات " هسيه "من امكان تكرار ما حدث في التبت لتايوان إذا ما تقربت من بكين أكثر، وهو الامر الذى عارضه الفائز ما ينج ،مؤكدا ان تايوان ليست التبت ولا هونج كونج، وانها دولة ديمقراطية ذات سيادة. وتعتبر بكين أن تايوان مقاطعة متمردة رغم مرور حوالي ستين عامًا على إعلان استقلال الجزيرة، وقد تعرّض الحزب الديمقراطي التقدمي لخسارة قاسية في الانتخابات التشريعية في يناير الماضي التي شهدت فوز حزب كومينتانج بغالبية المقاعد في البرلمان كما أنه عانى من فضائح فساد كبيرة طالت حتى زوجة الرئيس. انتخابات الرئاسة تزامنت مع استفتاءين، يتعلق الأول بمبادرة للحزب الديمقراطي التقدمي تدعو الناخبين إلى إبداء رأيهم حول احتمال انضمام الجزيرة إلى الأممالمتحدة تحت اسم تايوان، أما الاستفتاء الثاني الذي اقترحه الحزب المعارض فيطلب من الناخبين ما إذا كان ينبغي على البلاد الانضمام إلى الأممالمتحدة وتحت أي اسم. وأعلنت اللجنة الانتخابية فشل الاستفتاءين وذلك نتيجة عدم حصول الحد الأدنى من المشاركة وهو 50%. مايعكس عدم اهتمام المواطنين بالشأن الخارجى وانشغالهم باحوالهم الداخلية ومن ابرزها الحالة الاقتصادية .. يشار الى ان الاستفتاءان اثارا غضب بكين، فيما أعربت الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا عن عدم موافقتهم على هذا الاستفتاء. وكانت الصين تخشى من تحول الاستفتاء إلى استفتاء على استقلال الجزيرة التى توجد قبالة السواحل الصينية وتعتبرها جزءا لا يتجزأ من أراضيها منذ انتهاء الحرب الأهلية الصينية عام 1949 وتلوح أحيانا باستخدام القوة لإخضاعها لسيطرتها. وخسرت جمهورية الصين (وهو الاسم الرسمي لتايوان) في عام 1971 مقعدها في الاممالمتحدة الذي تشغله منذ ذلك الحين جمهورية الصين الشعبية. فيما عطلت الصين في كل مرة محاولات تايبه (حوالى عشر محاولات) لاستعادة هذا المقعد باستخدام حق النقض " الفيتو" .. الرئيس الجديد تعهد بتحسين التجارة مع الصين وفتح سوق مشتركة بما في ذلك انهاء حظر قائم منذ عقود على الرحلات الجوية المباشرة والصلات البحرية بين الجزيرة والبر الرئيسي حتى تستطيع تايوان ان تستفيد بشكل اكبر من الازدهار الاقتصادي الذي حققته الصين. سيرة ذاتية .. ولد ماينج جيو فى هونج كونج فى يوليو 1950 من أبوين من مقاطعة هونان بالبر الرئيسى الصينى . وتخرج من إدارة القانون فى جامعة تايوان ، ثم حصل على درجة الماجستير فى القانون من جامعة نيويورك ، ودرجة الدكتوراة فى القانون من هارفارد. عمل مترجما إنجليزيا لشيانج تشينج- كوه ، الزعيم الراحل لحزب الكومينتانج فى تايوان. شغل منصب نائب الأمين العام للجنة المركزية لحزب الكومينتانج فى الفترة من 1984 إلى 1988 وانتخب كعمدة لتايبيه فى ديسمبر 1998 ثم عيد انتخابه فى 2002. وانتخب نائبا لرئيس الحزب فى مارس 2003. وفي أول تصريح له عقب إعلان النتائج توجه الرئيس الجديد البالغ من العمر 57 عاما بدعوة الى الصين لتفكيك صواريخها الموجهة نحو الجزيرة، مؤكد أن هذا التصرف يرهن توقيع أي اتفاق سلام مع بكين.مشددا على رغبته في تطبيع العلاقات التجارية وتعزيز الروابط الاقتصادية مع الصين مثلما فعلت تايوان مع دول أخرى، مضيفا انه سيواصل الحوار مع الصين حول مواضيع عديدة مع ضمان هوية تايوان وأمنها، متجنبا بحذر التطرق إلى مسألة إعادة التوحيد الشائكة. واعتبر ما ينج جيو أن فوزه هو انتصار لشعب تايوان "الذي يريد الإصلاح والتغيير"، متعهدا بترجمة رغبات الشعب إلى سياسات ملموسة وتحسين مستوى حياته. ومن المقرر ان يجرى مراسم تسلم السلطة فى مايو القادم وذلك بعد ان يغادر الرئيس المنتهية ولايته شين شوي-بيان المؤيد للاستقلال السلطة في 20 مايو بعد ان تدهورت شعبيته ..كما انه ملاحق من القضاء الذي وجه التهمة رسميا حتى الان الى زوجته بالفساد واستخدام وثائق مزورة.