================ تشكل قضية اقليم التبت التى شهدت عاصمتها اعمال عنف شديدة في الايام الاخيرة ، احد مناطق النزاعات السياسية الكبرى التى تشهدها الصين منذ نصف قرن . والتبت هو المملكة الدينية البوذية التى تبلغ مساحتها 2,1 مليون كيلو متر مربع وتضم 7,2 مليون نسمة ، وحاليا تشهد عاصمة الاقليم "لاسا"الاضطرابات الأسوا اضطرابات فيما حددت بكين "مهلة استسلام" لمثيري الشغب املا في عودة الهدوء والاستقرار الى الاقليم من جديد. وفى تصريحات من مصدر قريب من حكومة التبت الموالية لبكين أكد ان خمسة محتجين على الاقل قتلوا برصاص القوات الحكومية ، كما زعمت جماعات أخرى تساند استقلال التبت سقوط المزيد من القتلى، وقد أعلنت وكالة الصين الجديدة للانباء (شينخوا) أن عشرة "مدنيين أبرياء" لقوا حتفهم حرقا خلال الاشتباكات الاخيرة بلاسا، وأضافت أنه لم يلق أي أجنبي حتفه، ولم تدل الوكالة بالمزيد من التفاصيل . والصين كانت قد اتهمت أتباع الزعيم الروحي المنفي للتبت الدالاي لاما بأنه الرأس المدبر وراء أعمال الشغب التي تأتي في الوقت الذي تستعد بكين لاستضافة دورة الالعاب الاولمبية، مما بدأ يثير بالفعل أحاديث عن مقاطعتها رغم انه من المقرر أن تصل شعلة الاولمبياد الى لاسا خلال أسابيع. وقد هاجمت حشود من التبت- في مدينة لاسا- مكاتب حكومية، وأشعلوا النيران في العديد من السيارات والمتاجر، وألقوا حجارة على الشرطة في مواجهات دموية تسببت في سقوط العديد من الجرحى. وبعد ان استضافت الولاياتالمتحدة والمانيا الدالاي لاما خلال الشهور المنصرمة، انتقدت الصين زعيمي كلا البلدين؛ واصفة هذه الاعمال بأنها تعزز الاهداف "الانفصالية"، وحثت أيضا الهند على وقف الاحتجاجات التي يقوم بها أفراد من التبت يعيشون في المنفى. وبالرغم من أنه لم يتضح ما اذا كانت الاشتباكات ستستمر الا أن بكين أوضحت بالفعل أنها لا ترى مبررا لتغيير سياستها في التبت حيث يرفض الكثير من السكان المحليين وجود الصينيين من عرق هان وهي أكبر جماعة عرقية صينية. نبذة تاريخية اقليم التبت كان دولة مستقلة لما يقرب من ألفي عام حتى غزته الصين وأحتلته في عام 1949، ويقع التبت في قلب آسيا بين الصين والهند وتبلغ مساحته حوالي 2.5 مليون كيلومتر مربعا، ويسكن فيه شعب له ثقافته الخاصة ونمط حياته المميزة التي تختلف تماما عن ثقافة وأسلوب الحياة للشعوب المقيمة في البلدان المجاورة لها، وتعتبر الحضارة التبتية مساهمة قيمة وعظيمة في التراث الإنساني.وهناك اتهامات لبكين انها تسعى لطمس هذه الحضارة ، حيث تشير هذه الاتهامات لادعاءات الصين بأن لها حق في "ملكية"الأقليم .ويذكر ان ما يزيد على 12 مليون تبتي ماتوا منذ عام 1949 بالاقليم نتيجة مباشرة للغزو والإحتلال الصيني وتم تحطيم حوالي 6 ألاف مركز ثقافي وديني . فاضطر "الدلاي لاما" الزعيم الروحي والسياسي إلى مغادرة التبت في عام 1959 وإلتماس لجوء سياسي إلى الهند واتبعه حوالي 80 ألف تبتي لاجئين في ذلك الحين وفي البداية، طلبوا ملاجئهم في الهند ونيبال و بوتان. تاريخ اقليم التبت ووفقا للتاريخ فان أول ملك لاقليم التبت كان في عام 127ق.م.و في القرن السابع الميلادى ظهرت التبت كدولة موحدة تحت الملك سنج سين جامبو وكانت التبت من أكبرالقوى في آسيا لثلاثة قرون ممتالية .وقامت الإتفاقية الموقعة على السلام بين التبت والصين في عام 821 م، بتحديد الحدود بين البلدين وتعهد الطرفان بالتصالح، وكانت نصوص هذه الإتفاقية مكتوبة على ثلاثة اعمدة من الأحجار وأقيم أولها في لاسا حيث لا تزال منصوبة حتى الآن والثاني عند حدود التبت – الصين بجونجو ميرو، كما نصب ثالثها في العاصمة الصينية وقتئذ . وبين الفترة الممتدة من عام 1911 حتى عام 1950 ، تجنب التبت أي تدخل أجنبي ودافع عن إستقلاله الكامل في مواجهة اى إعتداء صيني ، وكان التبت يملك كل صفات الدولة المستقلة ومعترفا بها في القانون الدولي إلا وهي أرض محددة، سكان يعيشون في تلك البقعة وحكومة تستطيع إقامة العلاقات الدولية. الغزو الصيني للتبت: وشهد تاريخ التبت منعطفا في عام 1949، عندما شن جيش التحرير الشعبي الصيني هجوما عسكريا على التبت.وفي 7 اكتوبر عام 1950، هاجم أربعون ألف جندي على "شامدو" عاصمة منطقة التبت الشرقية وهزموا جيش التبت القليل، وتم إحتلال "شامدو" بعد يومين إثنين وألقى القبض على نغاوانغ جيغمي حاكم الإقليم وقتل مايزيد على أربعة ألاف مقاتل .. "الدلاى لاما " الزعيم الروحى لاقليم التبت الدلاي لاما او "بحر الحكمة" تينزن كيستو يعتبر رئيس الاقليم والرئيس الروحي للشعب التبتي، وقد ولد في 6 يوليو عام 1935 في أسرة مزارعة في قرية تكسور في شمال التبت الشرقي، وإسم الدلاي لاما معناه " بحر الحكمة " . وينظر كثيرون في العالم للدلاى لاما باعتباره زعيما يجسد الأمن والسلام ولذا لم يكن غريبا ان يمنح جائرة " نوبل" للأمن والسلام في عام 1989من أجل محاولته لتحرير التبت عن طريق اللاعنف واستمراره في تاييد سياسة اللاعنف مع حكومة الصين ، وأصبح أول شخص حاصل على جائزة " نوبل" إعترافا بفكرته عن المشاكل البيئية الدولية، وقد سافر إلى أكثر من 52 بلدا والتقى بالعديد من رؤساء البلدان ،، و من 1959- 1999 تلقى 57 شهادة دكتورة فخرية ومنح جوائز مختلفة و غير ذلك إعترافا برسالة السلام و اللاعنف التي يحملها، وقد ألف أكثر من 50 كتابا تشيع فيها مبادئ الحب والعطف والسماحة.وقد اعلن الدالاي لاما في 16 - 3 2008 بانه سيوجه نداء إلى نبذ العنف بعد الاضطرابات الاخيرة بالإقليم. الحكومة التبتية في المنفى والديمقراطية وفي عام 1959أعاد الدلاي لاما تأسيس حكومة التبت في المنفى على مبادئ ديمقراطية حديثة في الهند، وفي 2 من شهر سبتمبر عام 1960، تم تشكيل هيئة منتخبة من ممثلي الشعب أو البرلمان التبتي في المنفى، وفي عام 1963 ، تم إعلان مشروع دستور من أجل التبت المستقبلية. وفي عام 1990، جعل الدلاي لاما حكومته أكثر ديمقراطيا من خلال زيادته في عدد البرلمانيين ليصل 46 عضوا ومنحهم سلطة في إنتخاب "كشاج"( مجلس الوزراء)، وتم إختيار ميثاق جديد للشعب التبتي بالمنفى لإدارة أعمال حكومة التبت في المنفى.وفي فبراير لعام 1992، أعلن الدلاي لاما المبادي التوجيهية الخاصة بحكومة التبت المستقبلية وصورتها الأساسية . الوضع السياسي الحاضر في التبت وبعد ان غزت الصين التبت في عام 1949 قامت بتقسيمه إلى ثلاثة أقاليم يوتزانغ وكهام، وأمدو. و تسمي الصين " منطقة التبت المتمتعة بالحكم الذاتي"وهى أقل من نصف المساحة الحقيقية للتبت ويسكن ثلثا أهالي التبت في إقليمي "كهام" و " أمدو" الواقعين في شرق وشمال شرق التبت وقد تم ضم أكثر أجزاء أمدو وجزء قليل من " كهام" لتشكل منطقة كينغهائي بينما تم ضم بقية أمدو وأكثر اجزاء " كهام" إلى الإقاليم الصينية جانسو، وسيجوان، ويونان. الديانة والهوية القومية لم تسمح الصين بشئ من الحرية الدينية في التبت منذ عام 1979، وقامت بالعديد من عمليات تدمير الديانة والثقافة . لكن بوشونغ هو نائب رئيس المؤتمر الشعبي ل إقليم التبت الذاتي اعترف في 17 من شهر يوليو عام 1987، بأنه تم تحطيم ما بقي من المعابد والأديرة خلال الثورة الثقافية، بعد ان تضمن البيان المقدم في عام 1960، من لجنة المحامين الدولية، والتبت وجمهورية الشعب الصينين تقارير مكتوبة عن الأعمال اللإنسانية التي مورست ضد الديانة بما فيها التدمير الشامل، ابان غزو الصين وإحتلالها للتبت، ولم يبق من أصل تعداد 6259 معبد وديرالا ثمانية معابد في عام 1976. ومن بين 592,558 راهب وراهبة، أجريت عمليات التعذيب وقتل أكثر من 110,000 راهب وراهبة وأجبر أكثر من 250,000 راهب أن يظلوا عرايا..ولكن رغم كل هذه السنوات عادت قضية "التبت"مرة اخرى وبقوة الى الساحة السياسية العالمية..