اختارت مؤسسة 'الفن فيما وراء النظر' ومتحف المتروبوليتان المتحف المصري ومديرته د. وفاء الصديق لتمثيل مصر ومتاحف الشرق الأوسط في الموتمر العالمي للمكفوفين.. الذي عقد مؤخرا في الولاياتالمتحدةالامريكية.. بمشاركة ممثلي 180 مؤسسة من جميع أنحاء العالم والمتاحف العالمية، والمدارس، والمكتبات والمؤسسات الثقافية الأخري وانتهي المؤتمر باعتبار شهر أكتوبر هوشهر المكفوفين.. بدءا من هذا العام .2007 والمؤتمر يهدف إلي لفت الانتباه لاحتياجات واهتمامات فاقدي البصر وتنمية قدراتهم ومواهبهم للتعرف علي الفن والثقافة المرئية خلال حاسة اخري هي اللمس بالاضافة لتبادل الخبرات في مجال زيارة المكفوفين للمتاحف والتعرف علي كل الفنون والثقافات المختلفة. وكانت البداية في متحف المتربوليتان للفن.. استضاف اكثر من 300 شخص من كبار علماء النفس والتربويين وعلماء الأعصاب المتخصصين ودارسي الفن واخصائيي المتاحف والمؤرخين والفنانين ومتخصصي الاعاقة.. علي هامش المؤتمر اقيمت ورش العمل عن طريق التليفون ليتواصل اطفال العالم اجمع خلال هذا الشهر 'اكتوبر' ويتعرفوا علي ثقافات الشعوب. تؤكد د. وفاء الصديق أن المتحف المصري يعتبر رائدا علي مستوي الشرق الأوسط في هذا المجال تبني انشطة وبرامج مكثفة للمكفوفين.. وفي العام الماضي تم تنفيذ عدد منها. عن هذه التجربة تقول 'تهاني نوح' مسئول التربية المتحفية لذوي الاحتياجات الخاصة ان البداية كانت بسيطة منذ 3 اعوام تحديدا في عام 2004 وأفرزت التجربة فريق عمل من المكفوفين والمبصرين يتولون الشرح داخل المتحف للأطفال المكفوفين بالمؤسسات المختلفة.. وتتنوع البرامج ما بين الشرح المتحفي بصفة عامة أوتخصيص موضوع بعينه مثل الزراعة او الصيد او الحياة اليومية، تقام بعده ورش فنية بخامات مختلفة لتشكيل ما قام الاطفال بلمسه وفهمه من الشرح للآثار باستخدام خامات مختلفة تتناسب مع قدرات المكفوفين كالخشب، الطين الأسواني، الفوم والخرز.. الخ، أو يقوم الفريق بسرد قصة من أساطير المصري القديم، للاطفال كقصة 'الملاح الغريق' والتي تولت التدريب عليها الامريكية 'بيري فاي' حيث هناك تعاون مشترك بينها وبين الاجانب في هذا المجال. كما اعد فريق العمل بطاقات لشرح اثارنا الفرعونية لهم بطريقة 'برايل' ويتم لصقها حاليا علي عدد من القطع الاثرية داخل المتحف المصري، ويجري حاليا اعداد دليل المتحف المصري بطريقة برايل وعدد آخر من الكتب الاثرية الي جانب شرائط كاسيت واسطوانات مدمجة لشرح القطع الأثرية وقد تم بالفعل تجميع المادة العلمية وايضا نماذج اثرية لبعض الموضوعات يتم الشرح من خلالها ولمسها من قبل المكفوفين للاستعانة بها في الورش المختلفة مثل 'الشادوف' للاستعانة به في ورش الزراعة والعديد من الادوات الزراعية، والحروف الهيروغليفية بالخشب للتعرف من خلالها علي الكتابة والحروف الهيروغليفية المستخدمة في الكتابة المصرية القديمة والمسلسلات مع الاستعانة بالمستنسخات الخاصة بمركز احياء الفن بالمجلس الأعلي للآثار. المربي الأثري 'عادل مصطفي' مربي أثري كيف هكذا سمي نفسه وأسميته انا مرشدا اثريا.. يلعب عادل دور همزة الوصل بين المرشد العادي وبين الكفيف.. رأيته علي الطبيعة وهو يشرح لاحد الاطفال المكفوفين الورشة 'علي مجسم للطائر حورس'.. الشرح هنا تحل فيه الأصابع محل النظر، حيث يتلمس الطفل بأنامله المجسم الذي امامه ويبدأ في التعرف عليه: هنا مخالب وهنا جناحان وهنا الريش اذن هذا تمثال لطائر. ولكن لماذا يضم بين ساقيه تمثالا لشخص وما هذا الذي يضعه علي رأسه انه تاج.. ولكن ماذا يعني اسئلة كثيرة يطلقها الطالب ومعلمه وكلاهما كفيف ولغتهما واحدة؟! يقول المربي هكذا فضل أن يسمي نفسه يبدأ عملي برصيد المعلومة التي سأشرحها لتلاميذي لكي أستوعبها انا اولا واهضمها.. ثم ابدأ في التفكير في اسلوب بسيط اوصل به المعلومة بعيدا عن اطارها الأكادمي الذي قد لا يكون مغريا له. العامل النفسي في التعامل مع المكفوف شديد الأهمية ولابد من ازالة الهيبة امام المكفوف من الخوف الداخلي بأنه سوف يرتطم بأي أثر.. عادل تخرج في كلية الآداب قسم الاجتماع وحصل علي كورسات متخصصة في المعهد الفرنسي في فنون التعامل مع المكفوفين وكيف يعرف حدود التمثال الذي أمامه.. ويارب يكون في مصر الآلاف مثله. أما زميله أحمد نجيب فهو حاصل علي ليسانس آداب من جامعة عين شمس قسم تاريخ فهو حريص علي أن يؤكد أن عمله هو وبقية زملائه قائم علي فكرة التطوع وتوصيل الرسالة لغيره من المكفوفين ويقول: عندما نقوم بجولة للشرح داخل المتحف المصري هناك قائمة بالآثار المسموح لنا بلمسها لكي يتعرف عليها الكفيف وهي المصنوعة من الجرانيت والبازلت والديوريت والرخام، وهناك آثار لا يمكن لمسها وهذه نقوم بعمل مستنسخات لها. وهنا يضيف زميلهم الثالث أحمد ناجي خذ عندك مثلا الخرطوش الملكي، لكي يتعرف الطالب الكفيف علي معناه ومحتوياته نقوم بعمل نموذج خشبي مجسم لكي يلمسه بنفسه أكثر من مرة. الورش تضم طلابا من الجنسين المرشدة الأثرية نجوي ابراهيم تقول ان عملي مع المكفوف اساسه الحب.. ابدأ بالنزول لمستواه والشرح بلغة يفهمها.. وأعرفهم بداية كيف يفرقون بين التمثال الملكي والتمثال العادي. محمود عادل تلميذ كفيف البصر تلميذ في الصف الثالث الاعدادي بالمركز النموذجي مدرسة طه حسين يقول: طول عمري اسمع عن الآثار وأقرأ عنها في كتب التاريخ، وأخيرا جاءتني الفرصة في الاقتراب من الاثار بل ولمسها والتعرف عليها.. أما زميله محمد سعد فيقول انه يشعر بنفس المتعة التي يشعر بها المبصر وهو يشاهد الآثار.. كل ما في الأمر أن اصابعه تقوم بدور العينين.