اختتمت منذ ايام فعاليات المؤتمر العلمي الاول حول الإعلام الالكتروني في الوطن العربي الذي عقد في طرابلس وقد التف في المؤتمر مجموعة من الخبراء والإعلامين والاكاديميين والحقوقيين العرب من جميع العواصم العربية.. وتمخض عنه الاعلان عن انشاء المنظمة العربية للاعلام الالكتروني كمنظمة كجتمع مدني تحاول وضع تقييم لمنظومة الإعلام الالكتروني في الوطن العربي.. علوم وتكنولوجيا القبس اجرت لقاءات على هامش المؤتمر مع مجموعة من الخبراء العرب.. لتحديد هوية الإعلام الالكتروني العربي.. ولوضع رؤى واسس مستقبلية للاعلام الالكتروني تردم هوة الابعاد (التقنية، والإعلامية، والقانونية له). فهذا الإعلام الناشىء (الإعلام الالكتروني) يعاني من تجاهل الإعلام الحكومي له.. ويعاني من افتراء الإعلام التقليدي عليه بأنه اعلام محرض وغير منضبط او ملتزم. سطوة الممكن :- يقول الدكتور حسين دعسه مستشار وخبير الإعلام في وزارة الثقافة الاردنية: 'اننا في البلاد العربية وبعض من الدول الافريقية، مازلنا طور التاسيس للفعل المعرفي - الانترنتي ذلك ان 'سطوة الممكن' هو ما يؤطر عملنا، و(الممكن) صنع من مؤسسات اعلامية وثقافية ذراعا مهما في مجالات الوعي الانساني .. وهذا ما يجعلني ابرز ثلاث قضايا تواجهنا عربيا واسلاميا في مجال الإعلام الالكتروني وثقافة الانترنت والتشابك والاتصال مع شبكة المعلوماتية.. وفي 'سطوة الممكن' (وهي ثورة الإعلام الالكتروني في هذا العصر) كان للمبدع والمثقف والاكاديمي العربي قدرته على صنع الممكن(التغيير) في هذا المجال عبر ثلاثة قضايا تواجه الإعلام الالكتروني وهو موقعنا من الإعلام الالكتروني من حيث: (الاصالة، والتكوين والطموح).. فمن هي المؤسسة الاقليمية او ذات المسؤولية الإعلامية والقانونية وبالتالي الاجتماعية السياسية عن شبكة المعلومات العربية وصورتها التي تكشف عن واقع الإعلام الالكتروني وما يمكن ان ينتج عنه سواء في الاطار العام او الاطار الخاص '.. من جهة ثانية وفي ضوء فكرة سطوة الممكن (التغيير) يتبادر لنا سؤال أليس احد حقوقنا في هذه السنوات هو أن تلعب مواقع الانترنت و الصحافة الرقمية العربية دورها الإعلامي الاقليمي والمحلي والعالمي خصوصا مع غياب وتغيب وسائل الإعلام التقليدية في لعب دور توصيل رسالة ونبض الشعوب العربية الى العالم .. معايير الإعلام الإلكتروني:- وعلى ما قاله الدكتور حسين دعسه فإن الإعلام الالكتروني العربي لم يشكل هويته بعد كما انه اعلام غير منضبط حتى الآن وغير ملتزم الى حد بعيد بالمعايير الاخلاقية والمهنية الإعلامية.. لكن اليس هناك من ابواب للنجاة اومخارج تجعل هذا الإعلام منضبطا ملتزما وحرا في الوقت نفسه. تشير الإعلامية الليبية هالة المصراتي رئيس المنظمة العربية للاعلام الالكتروني بقولها: - الإعلام الالكتروني ادى الى التعددية وعدم احتكار الإعلام لحزب او طائفة او اقلية فالإعلام الالكتروني متاح فيه تمرير جميع وجهات النظر دون رقابة او قيود امنية من اي جهة.. كما انه يخدم المعارضة وهيئات المجتمع المدني خصوصا الجمعيات المعنية بحقوق الانسان وبذلك خلق بيئة اعلامية مستقلة اساسها تحرر العقل والروح لكن هناك حالة من الفوضى سببها الإعلام الالكتروني للحكومات نظرا لعدم وجود قواعد مهنية ثابتة يمكن ان تنظم وتخضع هذا الإعلام للسيطرة ومع هذا فقد حاولت معظم الدول العربية عدة محاولات بائسة للسيطرة على الإعلام الالكتروني وحاولت تخريب المواقع المعارضة باختراقها وتدميرها واعتقلت وحاكمت العديد من كتاب الشبكة المعارضين للدولة كما انها احتكرت الشركات المزودة للانترنت.. ومع ذلك فلم تنجح الدول العربية في ان تسيطر على الإعلام الالكتروني او ان تمنع الكتاب من الكتابة ومع انتشار ظاهرة الاسماء المستعارة اصبح من الصعب تحديد هوية الكاتب او الوصول اليه كذلك لم تستطع الحكومات منع المواطنين من الدخول الى الانترنت فرغم حجب المواقع الا ان هناك طرقا عدة يمكن من خلالها رفع الحظر عن هذه المواقع ومتابعتها بل كلما تم حجب موقع زادت شعبية هذا الموقع واصبح له مريدون.. ومع ذلك يجب الا نغفل ان الإعلام الالكتروني الآن تشوبه العديد من الشوائب فنحن نواجه اعلاما بلاقيود ولا معايير ولا أطر تحدد مفاهيمه او مبادئه او مسؤولياته القانونية وامام هذه الحرية المطلقة وجدت الحكومات العربية انها في مازق كبير فهي من ناحية وجب عليها الا توقف موجة الإعلام الجديد ومن ناحية ثانية هي مدركة ان السيطرة على المواقع غير ممكنة وان كل محاولاتها قد تؤدي في الغالب الى نتائج عكسية تخالف كل توقعاتها.. ولذللك فإن كل المؤتمرين في طرابلس في المؤتمر الاول للاعلام الالكتروني قد أجمعوا على ان الحاجة ماسة في عالمنا العربي لحركة تشريعية وفقهية واكاديمية واعلامية صحيحة تستوعب الواقع الالكتروني والرقمي مع الاخذ في الاعتبار ضرورة توسيع حق الرأي وهو الاتجاه المتمثل في التنظيم القانوني والاقتصادي للعالم الافتراضي، مع التدقيق على ان انترنت حرة مبدأ لازم يتضمن منطق احترام الكرامة الانسانية لاي فرد وان قواعد المسؤولية القانونية والرقمية يجب ان تبنى على اساس هذا المبدأ. ما بعد التفاعلية:- ولأن الانترنت لاتثبت على حال، فإن الحال الاخير لها لم يعد فقط التفاعلية والتشاركية في البث الإعلامي على الشبكة ولكن تلوح الانترنت بسرعتها المضطردة انها في مرحلة 'ما بعد التفاعلية'.. لذلك يشير الباحث بمجال الإعلام الالكتروني والمشرف على وحدة البحوث والتطوير بموقع اسلام اون لاين وسام فؤاد بقوله 'المعروف ان سنة واحدة من عمر شبكة الانترنت تساوي اربع سنوات من العمر الزمني الارضي لغيرها من وسائل الإعلام ولذلك فانا اريد للاعلام العربي الالكتروني ان يتنبه لمفهوم وخطوات 'مابعد التفاعلية' كمدخل لتطور العمل الإعلامي على الانترنت.. فما بعد التفاعلية post interactivty هو مفهوم اصطلاحي يصف مجمل تلك المراحل الجديدة التي ولجت اليها شبكة الانترنت منذ عام 2006 اعتمادا على ما اضافته تقنيات ويب ،2 وويب 3.،. اي ان مصطلح ما بعد التفاعلية من خلال الدلالة المباشرة له نجده يعني تجاوز تلك المرحلة التفاعلية من مراحل النت.. ففلسفة ويب 2 الانترنتية تهدف الى تسهيل عملية التواصل والتشارك بين الجمهور في المواد الإعلامية.. وبذلك فهي فلسفة لاتقوم فقط على اعتبار ان الانترنت هي منصة معلومات في الاساس وليس مستودع نشر بل تتجاوز ذلك، الى عدة اهداف أخرى أهمها ان البيانات هي التي تقود عملية التجديد والابتكار عبر التشارك المقصود بين مجموعة كبيرة من مطوري البرامج المنتشرين في انحاء العالم من خلال اتسامهم بدرجة عالية من الاستقلالية في عملهم دون تبعية مؤسساتية اي ان الاساس في حقبة ويب 2 هو ربط التطبيقات المختلفة بالشبكات والسماح للمستخدم باستعمالها لاغراض التواصل العميق وليس الاتصال فقط!! مع اضافة عنصر مهم في كون المحتوى الالكتروني ايا ما كان يعد ملكا لمن بثه اون لاين ويمكن له التعديل في خصائص عرضه كيفما شاء اضافة لخاصية الديموقراطية التي تتيح لمتلقي اي محتوى التعاطي معه ايجابيا. من جانب ثان فإن الجيل الثالث للانترنت ويب 3 ظهر في عام 2006 من خلال مقال منشور باحدى المدونات للخبراء الناشطين في مساحة الانترنت. وحيث ويب 3 ما هي الا مجموعة من التطبيقات المجمعة في اطار واحد، تحمل مجموعة من الخصائص، المتمثلة في، الصغر النسبي لحجم التطبيقات، ومع ذلك فهي تستوعب طوفان من البيانات اكبر من تطبيقات الانترنت السابقة.. حيث ترى طائفة مهمة من الخبراء ان ويب 3 هي جيل جديد بمفهوم 'نوعية المحتوى'.. وليس بمفهوم 'نوعية التقنية'.. مدللين على احد امثلة تطبيقات ويب 3 وهي ثورة سيكند لايف او موقع الحياة الثانية والذي يعد من تطبيقات ويب 3، وليس ويب 2. لذلك فإن الإعلام أصبح متعدد الاتجاهات حيث الانترنت الآن في عالم ما بعد التفاعلية نقلت زوار الانترنت من حقبة استهلاك المحتوى الإعلامي الى حالة انتاج هذا المحتوى فتحول نمط التدفق الإعلامي من نمط تدفق في اتجاه واحدone to many الى نمط تدفق متعدد الاتجاهات many to many وبذلك ظهر مصطلح المواطن الصحلفي puplic or participatory journalism وهو دور يؤديه المواطن الذي يلعب دورا فعالا في عملية جمع وتصنيف وتحليل وصياغة المعلومات والاخبار.. ووفقا لتقريرwe media نصف السنوي الذي يصدره مركز الإعلام media center التابع للمعهد الاميركي للصحافة the American press institute فمفهوم المواطن الصحافي يعني تلك الكيفية التي يصوغ بها الجمهور مستقبل تداول الاخبار والمعلومات.. وبذلك فقد تراجعت امكانية التعتيم بفضل تطور خريطة تدفق العمل الصحفي الشخصي!!'. والسؤال الآن هل الإعلام العربي ذائب في التفاعلية حتى يلحق بقفزات اعلام ما بعد التفاعلية؟