تجهيز 476 لجنة انتخابية ل«الشيوخ».. 12 مرشحا يتنافسون على 5 مقاعد فردي بالمنيا    وزير الإسكان يتفقد مشروع مرافق الأراضى الصناعية بمدينة برج العرب الجديدة    روسيا: تحرير بلدة "ألكساندرو كالينوفو" في دونيتسك والقضاء على 205 مسلحين أوكرانيين    نقابة الموسيقيين تعلن دعمها الكامل للقيادة السياسية وتدين حملات التشويه ضد مصر    عدي الدباغ على أعتاب الظهور بقميص الزمالك.. اللاعب يصل القاهرة غداً    تفاصيل القبض على سوزي الأردنية وحبس أم سجدة.. فيديو    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص بطريق "بلبيس - السلام" بالشرقية    «تيشيرتات في الجو».. عمرو دياب يفاجئ جمهور حفله: اختراع جديد لأحمد عصام (فيديو)    لا تتسرع في الرد والتوقيع.. حظ برج الجوزاء في أغسطس 2025    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 26 مليونا و742 ألف خدمة طبية مجانية خلال 17 يوما    استجابة ل1190 استغاثة... رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر يوليو 2025    استقبال شعبي ورسمي لبعثة التجديف المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    مبابي: حكيمي يحترم النساء حتى وهو في حالة سُكر    "قول للزمان أرجع يا زمان".. الصفاقسي يمهد لصفقة علي معلول ب "13 ثانية"    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    طعنة غادرة أنهت حياته.. مقتل نجار دفاعًا عن ابنتيه في كفر الشيخ    أمطار على 5 مناطق بينها القاهرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    الاستعلامات: 86 مؤسسة إعلامية عالمية تشارك في تغطية انتخابات الشيوخ 2025    رئيس عربية النواب: أهل غزة يحملون في قلوبهم كل الحب والتقدير لمصر والرئيس السيسي    60 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم أحمد وأحمد في دور العرض المصرية    رئيس جامعة بنها يعتمد حركة تكليفات جديدة لمديري المراكز والوحدات    "قومي حقوق الإنسان": غرفة عمليات إعلامية لمتابعة انتخابات الشيوخ 2025    وديًا.. العين الإماراتي يفوز على إلتشي الإسباني    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    الثقافة تطلق الدورة الخامسة من مهرجان "صيف بلدنا" برأس البر.. صور    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد من كل أسبوع بشارع قناة السويس بمدينة المنصورة    انخفاض الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 2 أغسطس 2025 (أرض المصنع والسوق)    وزير الرياضة يشهد تتويج منتخب الناشئين والناشئات ببطولة كأس العالم للاسكواش    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    ترامب: ميدفيديف يتحدث عن نووي خطير.. والغواصات الأمريكية تقترب من روسيا    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    مشاجرة بين عمال محال تجارية بشرق سوهاج.. والمحافظ يتخذ إجراءات رادعة    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتفال باليوم العالمى للسكان
نشر في أخبار مصر يوم 11 - 07 - 2007

تأتى احتفالات العالم اليوم الاربعاء ب "اليوم العالمى للسكان" والذى يُصادف 11 يوليه من كل عام، فى ظل تحديات لم تشهدها الكرة الأرضية من قبل، فهناك التحديات والصراعات التكنولوجية سواء من خلال إطلاق الأقمار الصناعية فى مختلف المجالات أو التطور فى مجال الاتصالات، أو الصراعات الاقتصادية فى ظل التكتلات الاقتصادية الدولية فى عصر" العولمة "، وهناك أيضاً ما يُسمى ب "صراعات الحضارات"، فكل دول العالم على مختلف أجناسها تعيش هذه الصراعات، فى تجاهل تام للمعاناة التى يعيشها بعض الشعوب، سواء الحرمان من بعض الموارد الطبيعية لمسايرة الحياة أو الحرمان من حق الشعوب فى الاستقرار والأمن، فى إشارة واضحة لبعض الدول، منها العراق وفلسطين والسودان ولبنان، والتى تشهد صوراً مختلفة من القلاقل والحروب واعمال العنف التى تؤدى الى انهيار الاقتصاد فى تلك الدول،وانخفاض دخل الفرد وبالتالى انخفاض مستوى معيشة الافراد والحياة تحت خط الفقر لعدد كبير من السكان.
وفى هذا اليوم العالمى للسكان من كل سنة ، تتزايد المطالب بتعزيز حقوق الإنسان وتحقيق الرفاهية للشباب، والعمل إلى جانبهم من أجل بناء عالم أفضل للجميع، ، وعلى مدار السنوات الست عشرة الأخيرة، استطاعت مكاتب صندوق الأمم المتحدة للسكان فى جميع أنحاء العالم أن تزيد الوعى بشأن القضايا المهمة المطروحة فى مجال السكان والتنمية من خلال إيجاد السُبل الإعلامية المبتكرة للاحتفاءبيوم السكان العالمى .
وعلى مدى السنوات الماضية ومن خلال وضع شعارات مختلفة مثل "الشباب – المساواة بين الرجل والمرأة" تم تسليط الضوء على التحديات التى تواجهها أعداد الشباب المُتزايدة فى مجتمعاتنا، خاصة وأن أعمار نصف سكان العالم تقريباً تقل عن 25 سنة، إلا أن أعداداً كبيرة منهم تواجه آفاقاً مُظلمة، وبغض النظر عن المكان الذى يُولد فيه هؤلاء الشباب فإن حياة بعضهم تتشكل بفعل قوى تتجاوز سيطرتهم، تتمثل فى انتشار الفقر وتزايد معدلات الجريمة، ومدى توافر التعليم والتدريب وفرص العمل اللائقة، وإمكانية الحصول على الخدمات الصحية الزهيدة التكلفة، ومع ذلك فإن شباب اليوم فى أغلبهم أصبحوا أيضاً أكثر وعياً بالحياة التى يعيشها نظراؤهم فى مختلف بقاع العالم، ونتيجة لذلك يُطالب الكثير منهم بالعمل على تضييق الفجوة بين الغنى والفقير وبتدابير لزيادة إتاحة الفرص أمام الجميع .
ففى هذه المناسبة العام الماضى، أصدرالأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفى أنان بياناً أكد فيه أن التركيز فى هذا اليوم على الشباب الذى يُشكل نحو نصف سكان العالم، أى أكثر من 3 مليارات شخص هم دون ال 25 من العُمر وأكثر مجموعة شابة فى تاريخ العالم حتى اليوم، مؤكداً على ضرورة توفير أفضل الفرص للشباب الذين يطالب معظمهم بتضييق الهوة بين الفقراء والأغنياء على اعتبار أن هذه الأمور ليست واجباً أخلاقياً فحسب، بل ضرورة اقتصادية مُلحة، وأشار إلى دراسات عدة تُظهر أهمية توفير العلم والعمل والصحة للعُنصر الشاب فى تحسين اقتصاديات العالم، وشدد على ضرورة إعطاء الأهمية الأولى للعُنصر الأنثوى من الشباب بشكل خاص بهدف التوصل إلى مُشاركة فعالة للمرأة فى مختلف ميادين الحياة .
أسباب المشكلة :
لم تكن مُشكلة الزيادة السكانية فى الماضى كما هى الآن، مُشكلة نقص فى الماء أو الغذاء أو سوى ذلك من ضرورات الحياة اليومية، بمعنى عدم وجود ما يكفى البشرية منها على سطح الأرض، بل كانت وما تزال مشكلة الخلل الكبير فى توزيع موارد الأرض، وسيطرة فئة محدود العدد عليها، وحرمان الفئة الأكبر منها، حيث أن نحو15 فى المائة من البشرية يسيطرون على أكثر من 80 فى المائة من الموارد الطبيعية فى الأرض، ولم يتغير هذا الوضع مع مرور الأعوام.
ومن المُلاحظ أن الدراسات المستقبلية حول تعداد البشرية تستند استناداً رئيسياً إلى متوسط أعمار الأمهات اللواتى ينجبن لأول مرة، وإلى متوسط عدد أطفال كل أسرة، حيث تتراوح نسبة الولادة قبل بلوغ الثامنة عشرة من العمر، بين واحد فى المائة فى اليابان، وثلاثة وخمسين فى المائة فى النيجر، وتتراوح نسبة الإجهاض ما بين ثلاثة فى الألف بألمانيا وستة وثلاثين فى الألف فى الولايات المتحدة الأمريكية للنساء الشابات بين الخامسة عشرة والتاسعة عشرة من العُمر، وما يزال متوسط عدد الأطفال فى الأسرة فى البُلدان النامية فى حدود أربعة أطفال، وانطلاقا من هذه الأرقام وأمثالها تقول التقديرات إن عدد البشرية يمكن أن يزيد إلى ثلاثة أضعافه خلال خمسين عاما، أما إذا أمكن الهبوط بمتوسط عدد أطفال الأسرة الواحدة إلى طفلين فقط، فيمكن ابطاء معدل هذه الزيادة، وقد يصل عدد سكان العالم آنذاك إلى ثمانية مليارات نسمة عام 2025 م، وترى الدراسات أيضاً أن فئة الأعمار بين الخامسة عشرة والرابعة والعشرين من العُمر، والتى تُعد أكثر من مليار نسمة فى العالم، هى التى ستقرر حجم الزيادة البشرية فى العقود المقبلة، على حسب ما تختارالاسرة لنفسها على صعيد الإنجاب المُبكر أو المتأخر، وعدد الأطفال الذين ترغب الأسرة فى إنجابهم، ويكمن محور المشكلة فى أن دعوات "الحد من زيادة سكان الأرض" أصبحت تطلب من الدول النامية ، أن تعمل للحد من الإنجاب، بينما تمارس الدول الصناعية سياسة توزيع الدعم المالى الرسمى بالمليارات وتشريع مزيد من القوانين لدعم إنجاب الأطفال، وبعملية حسابية بسيطة يتبين، أن كل مولود جديد فى بلد كألمانيا، يستهلك بين ولادته ووفاته، من موارد الأرض، مثل ما يستهلكه 65 طفلا يولدون فى مصر.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إن عدد سكان العالم وصل فى الحادى عشر من يوليو عام 1987م إلى خمسة مليارات نسمة، وكان هذا هو سبب اختيار ذلك اليوم ليكون يوما عالميا للسكان، ومع وصول العدد إلى ستة مليارات نسمة عام 1999م، أصبح سكان العالم قضية تُثار حولها ضجة كبيرة، تجلت خاصة بانعقاد أول مؤتمر دولى عملاق عام 1994م فى القاهرة، ولكن لم يعد "اليوم العالمى لسكان الأرض" فى هذه الأثناء يثير ضجة كبيرة، على النقيض من سنوات سابقة قبيل قمة القاهرة ، وليس هذا من باب "المُصادفة"، فنحن نرصد كيف تستفيد الأمم المتحدة والقوى الدولية الرئيسية فيها عادة، من مثل هذه المناسبات، لنشر أفكار معينة، وإعطائها الصبغة "العالمية" المشتركة، فما الذي أضعف إذن تلك الضجة الكبرى التى كنا نرصدها خلال النصف الأول من التسعينيات الميلادية، وأضعف الحملة الواسعة النطاق للحيلولة دون زيادة البشرية، والحديث المتكرر عن أرقام مُثيرة للرعب، وعن مولود جديد كل ثلاث ثوان أو ربع مليون إنسان يحتاجون إلى طعام وغذاء وماء ودواء وكساء ومسكن، يولدون يوميا في أنحاء الأرض، وعلى وجه التحديد في "الجنوب" من الكرة الأرضية، ففى الشمال يتناقص عدد سكان معظم الدول بدلا من أن يتزايد.
وصحيح أنّ نسبة "التسارع" في زيادة تعداد البشرية قد انخفضت، ولكن جزئيا فقط، وما تزال هذه الزيادة في حدود ثمانين مليون نسمة سنويا، وربّما تبقى على ذلك في المستقبل المنظور. ولم يكن هذا الانخفاض نتيجة تغيير يستحق الذكر في واقع الحياة البشرية وواقع الأسرة في المجتمعات المختلفة، فلا تقول الإحصاءات والتقديرات لدى "هيئة صندوق سكان الأرض"، ما يؤخذ منه مثلا أنّ متوسط عدد الأطفال في الأسرة في البلدان النامية قد انخفض، أوأنّ الإقبال على الإنجاب في سنّ مبكرة قد اضمحلّ، إلاّ في عدد محدود من بلدان العالم، ومع ذلك فالبيانات الصادرة عن الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي لسكان الأرض، توجه المديح لما يُنفّذ من إجراءات، وتؤكّد أنّ تطوّر الزيادة البشرية لم يعد يثير القلق كما كان، وأنّه يعتبر "مستقرّا" بالمقارنة مع الارتفاع الملحوظ لمتوسط عمر الفرد نتيجة تحسّن مستوى الرعاية الطبية والصحية عموما.
فإذا كان التغيير ضئيلا إلى هذه الدرجة بالمقارنة مع عام انعقاد القمة الأولى لسكان الأرض في القاهرة عام 1994م، فما الذي جعل "الضجة" الكبرى التي رافقت تلك القمة تخفت الآن؟..
يبدو أنّ انخفاض حدّة مطالبة الدول الصناعية بالحدّ من الإنجاب في الجنوب يعود فى رأى بعض المحللين لعدّة أسباب، منها:
1- في مؤتمر السكان العالمي عام 1994م في القاهرة، كان حجم النفقات التي قدّرها المؤتمر لتمويل سلسلة من المشاريع لتنفيذ هدف الحدّ من الإنجاب، يعادل ستة عشر مليارا وخمسمائة مليون دولار، وتعهّدت الدول الصناعية بتقديم ثلث المبلغ والدول النامية بتوفير الثلثين، وذلك قبل حلول عام 2000م، ولكن "صندوق السكان العالمي" التابع للأمم المتحدة يقول، إنّ الدول الصناعية تراجعت عن تعهّداتها في السنوات الخمس التالية لقمّة القاهرة بشكل ملحوظ، فسدّدت مليارين بدلا من 7 مليارات دولار، وبالمقابل قامت الدول النامية الأفقر بتأمين القسط الأعظم ممّا تعهّدت به، وهو ما وصل خلال السنوات الخمس الأولى بعد قمة القاهرة إلى 7 مليارات من أصل تسعة مليارات وخمسمائة مليون دولار، وفي المقارنة بين هذه الأرقام تبدو أحد أسباب إقدام الدول الصناعية على "خفض صوتها"!..
2- ولكنّ الأمر أبعد من مجرّد "الحياء بسبب التقصير"، فالدول النامية التي أصبحت منذ زمن طويل تدفع للدول الصناعية سنويا، لسداد الديون القديمة، أكثر ممّا تحصل عليه من قروض جديدة، لم تكن تؤمّن المال المطلوب لتمويل الانخفاض بعدد سكانها، إلاّ تحت الضغوط، فمن قبل انعقاد مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة بدأت الدول الصناعية في ممارسة سياسة "إلزامية" تربط بين تقديم القروض للدول النامية، وبين شروط جديدة، منها تنفيذ مشاريع الحدّ من الإنجاب، ودعم أوضاع المرأة بالمفهوم الغربي للكلمة، والأخذ بما تنادي به الدول الغربية تحت عنوان "القيم" ومعظمها في ميدان الأخلاق ، وهذا ما يجري تنفيذه بهدوء، بينما لم تحمل مقرّرات المؤتمر الدولي صفة "الإلزام"، إذن أصبح عدم الصخب مقصودا، ليحلّ مكانه التركيز على تحقيق الأهداف نفسها، ولكن عبر العلاقات الثنائية المباشرة، بصورة تتجنّب ردود فعل الرأي العام كما اتضح في تجربة مؤتمر دولي كمؤتمر القاهرة، ويعني ذلك "الالتفاف" على ردود الفعل الاجتماعية الصادرة عن الالتزام بقيم أخرى وعقائد أخرى في البلدان النامية بدلا من مواجهتها.
3- ومن أسباب تجنّب الضجيج أيضا أنّ كلّ حديث عن سكان العالم يمكن أن يقترن بمزيد من الشكوى، من جانب الدول النامية، ومن جانب المنظمات العالمية المستقلة، ضدّ سياسات البلدان الصناعية التي أدّت إلى ترسيخ الخلل القائم بين الشمال والجنوب بدلا من تخفيفه، ومضاعفة المخاطر المستقبلية الإضافية التي تنتظر الدول الأفقر من سواها، نتيجة "ظاهرة العولمة" بدلا من العمل على مواجهتها. وتكفي الإشارة على سبيل المثال، أنّ متوسط الأعمار في العالم قد ارتفع فعلا، ووصل إلى أكثر من 66 عاما، ولكن يعود هذا إلى ارتفاعه ارتفاعا كبيرا في البلدان الصناعية بالدرجة الأولى، وليس في البلدان النامية، بل يوجد في الجنوب 16 دولة، يقطنها نحو300 مليون إنسان، انخفض فيها متوسط الأعمار بدلا من أن يرتفع، فاقترب من 50 عاما، أي كما كان عليه عام 1960م، عندما كان سكان الأرض في حدود 3 مليارات نسمة.

استبداد "العولمة"
إنّ هذه الزيادة الاعتيادية الطبيعية، ولا نقول: المرتفعة أو الكبيرة أو الفاحشة، في البلدان النامية، تعود إلى نسبة الأطفال في الأسر، في الوقت نفسه لم يعد يوجد أثر يستحق الذكر للجهود التي قيل على امتداد عدّة عقود، إنّها كانت تبذل لتخفيف الهوّة بين الفقر والثراء، والتخلّف والتقدّم، بين الشمال والجنوب، فحتّى القروض الإنمائية التي كانت توصف بالسبيل الرئيسي لمساعدة الدول النامية، أسقطت من الحسابات الغربية، إلاّ في حدود ما يكفي لربط دولة نامية بدولة معطية، والمفروض أن تزيد حسب الأرقام الدولية، فقد كان20 في المائة من البشرية يعيشون دون الحدّ الأدنى الفقر، وارتفعت النسبة إلى 25 في المائة، ثلثيهم، أي 800 مليون نسمة، لا يجدون ما يكفي من الغذاء أصلا، كما أنّ ثلث البشرية لا يتجاوزمتوسط دخل الفرد منهم دولارا واحدا في اليوم.
إنّ هذه الأوضاع مقترنة بانتشار ظاهرة "العولمة" هي المشكلة الحقيقية التي يجب العمل على مواجهتها عند النظر في أوضاع البشرية، فالمشكلة ليست "كميّة" بقدر ما هي مشكلة نوعية، تتطلّب من الدول النامية، مواجهتها على كلّ صعيد،سواء في ميدان القيم وترسيخها، أوفي ميدان التطوير اعتمادا على الإمكانات الذاتية أولا، أوفي ميدان ربط الزيادة البشرية بالحفاظ على المجتمع من خلال الحفاظ على الأسرة، وكذلك في ميدان إزالة الخلل القائم في توزيع الموارد، داخل البلد الواحد، وفي إطار العلاقات بين الدول النامية، فضلا عن مواجهة خلل الارتباط بالقوى الدولية اقتصاديا وماليا بما يخدم مصالحها على حساب المصالح الذاتية والمصالح الإقليمية.
بيان بمناسبة اليوم العالمي للسكان 2007
صادر عن ثريا أحمد عبيد المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان:
إن اليوم العالمي للسكان هو مناسبة للتركيز على الالتزام بكفالة أن يكون كل حمل مرغوباً، وكل ولادة مأمونة، وكل شاب وشابة خالياً من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وكل فتاة وامرأة تُعامل بكرامة واحترام. وهو أيضاً مناسبة للتركيز على العمل على تحقيق ذلك. وموضوع اليوم العالمي للسكان هذا العام هو الرجال كشركاء في الصحة الإنجابية.
فحالياً تموت نساء كثيرات للغاية بلا داعٍ من جراء مضاعفات الحمل والولادة. وفي كل دقيقة، تفقد امرأة أخرى حياتها. وفي كل دقيقة، يؤدي فقدان أم إلى تحطيم أسرتها وإلى تعريض رفاه أطفالها الذين تركتهم وراءها للخطر. وفي مقابل كل امرأة تموت تعاني 20 امرأة أو أكثر من مضاعفات خطيرة.
وقد التزم قادة العالم بتحسين الصحة الإنجابية والنهوض بالمساواة بين الجنسين. وباستطاعة الرجال تقديم مساهمة هائلة في هذا الصدد باستخدام نفوذهم لإحداث تغيير إيجابي. إذ يتمتع الرجال بنفوذ في حالات واسعة التباين تبدأ من اتخاذ القرارات الشخصية والأسرية إلى اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسات والبرامج على جميع مستويات الحكومة.
ويؤيد صندوق الأمم المتحدة للسكان مبادرات الأمومة السالمة في مختلف أنحاء العالم. فنحن نعمل مع الحكومات والشركاء الآخرين عل كفالة أن تتوافر لكل امرأة إمكانية الحصول على خدمات الصحة الإنجابية الثلاث التي تنقذ حياة المرأة. وهذه الخدمات هي تنظيم الأسرة الطوعي، وإشراف أشخاص مهرة على الولادة، ورعاية التوليد الخاصة بالحالات الطارئة في حالات نشوء مضاعفات أثناء الولادة.
وفي البلدان التي تتوافر فيها هذه الخدمات على نطاق واسع، يبقى على قيد الحياة عدد أكبر من الأمهات والأطفال الرضع .ويتضح من التجربة أنه يمكن لإشراك الرجال ومشاركتهم أن يُحدثا فارقاً هائلاً. فبالثني عن الزواج المبكر، والدعوة إلى تعليم البنات، وتشجيع العلاقات المنصفة، ودعم صحة المرأة وحقوقها الإنجابية، يتحقق التقدم.
واليوم، بمناسبة اليوم العالمي للسكان، آن أوان أن يصبح جميع الرجال سواء كانوا آباءً أو أشقاءً أو أزواجاً أو زعماء مجتمعيين ودينيين، أو مسئولين حكوميين شركاء في الصحة الإنجابية. ونستطيع معاً أن نجعل هذا آخر يوم تموت فيه 440 1 امرأة أثناء الحمل والولادة. ودعونا نمضي قدماً في تحقيق رسالة: أن ما من امرأة ينبغي أن تموت وهي تهب الحياة. ودعونا نبذل كل ما في وسعنا للنهوض بحق كل امرأة في أن تتمتع بحياة مليئة بالصحة والكرامة والفرصة المتكافئة.
11/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.