التنمية المحلية تعتذر للزميلة هبة صبيح    وزارة «العمل» تنظم الحد الأقصى لتواجد العاملين يوميًا بمنشآت القطاع الخاص    دمشق تحذر من تصاعد التوتر مع الأكراد بسبب تأخر تنفيذ اتفاق الاندماج    علي ناصر محمد: مشروع الوحدة في مؤتمر القاهرة 2011 نموذج لاستقرار اليمن والرخاء    مصر تعبر جنوب أفريقيا بصعوبة وتعتلي صدارة المجموعة    الصين تتصدر إيرادات السينما العالمية فى 2025 بفيلم الرسوم المتحركة «نى زا 2»    وكيل الطب العلاجي يتابع أعمال التطوير بالسنبلاوين العام ويؤكد على سرعة الاستجابة للمرضى    خلال 3 أيام.. التفتيش على 1135 منشأة يعمل بها أكثر من 11 ألف عامل    القبض على 10 متهمين باستغلال الأطفال في التسول بالجيزة    ما هي حساسية الشتاء؟ وطرق علاجها والوقاية منها بالمنزل    الدولار يحافظ على استقراره أمام الجنيه في البنوك المصرية خلال تعاملات اليوم الجمعة    وزير المالية: ندعو الشركات الكورية لزيادة وتنويع أنشطتها الاستثمارية في مصر    مصر ضد جنوب أفريقيا.. ليفربول يوجه رسالة ل محمد صلاح بعد تأهل الفراعنة    مزاد علني لبيع محال تجارية ووحدات إدارية بحدائق أكتوبر    مؤتمر جوارديولا: انتصرنا في 7 مباريات متتالية لكننا لسنا في وضع جيد    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    15 ألف جنيه مخالفة تلويث الطريق العام.. العقوبات والغرامات في قانون المرور الجديد    الحكم على رمضان صبحي ومها الصغير والمتهمين بسرقة أسورة أثرية.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    تصعيد جوي إسرائيلي متواصل.. غارات تمتد من جنوب لبنان إلى الهرمل    بالصور.. كواليس مسلسل «تحت الحصار» بطولة منة شلبي | رمضان 2026    انطلاق الامتحانات العملية لطلاب برنامج الصيدلة الاكلينيكية بجامعة القاهرة الأهلية    اللجنة الطبية العليا والاستغاثات تؤمّن ماراثون زايد الخيري بمنظومة متكاملة واستجابة فورية للطوارئ    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    ياسر ثابت: تحييد أوكرانيا والعلاقة مع الناتو أبرز عقد التسوية المحتملة للحرب    وزارة العدل الأمريكية تكشف عن أكثر من مليون وثيقة مرتبطة بقضية جيفري إبستين وتأجيل الإفراج الكامل يثير جدلاً    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    قطع الكهرباء والمياه 5 ساعات في مطاي بسبب الصيانة    ضبط مناديَي سيارات لارتكابهما أعمال بلطجة بساحة انتظار بالجيزة    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    وزارة الداخلية: ضبط عنصر جنائي بالجيزة تخصص في تزوير الشهادات الجامعية وترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي    رسميا.. أحمد سامي مديرا فنيا لمودرن سبورت    محافظ الجيزة: انطلاق 36 قافلة طبية علاجية بالمراكز والمدن بدءًا من 2 يناير    عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    الصورة الأولى للفنان محمود حميدة بعد مغادرته المستشفى    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    الداخلية تضبط أكثر من 21 طن دقيق مدعم في حملات مكثفة على المخابز    النقل تناشد المواطنين المشاركة لمنع ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    موعد مباراة المغرب ومالي في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    باكستر: جنوب إفريقيا فرصتها أكبر في الفوز على مصر.. ونجحت في إيقاف صلاح بهذه الطريقة    كلية المنصور الجامعة تعزّز الثقافة الفنية عبر ندوة علمية    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    الكومي: صلاح أنقذ مصر أمام زيمبابوي.. وهدفنا صدارة المجموعة    متحدث الوزراء: مشروعات صندوق التنمية الحضرية تعيد إحياء القاهرة التاريخية    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتفال باليوم العالمى للسكان
نشر في أخبار مصر يوم 11 - 07 - 2007

تأتى احتفالات العالم اليوم الاربعاء ب "اليوم العالمى للسكان" والذى يُصادف 11 يوليه من كل عام، فى ظل تحديات لم تشهدها الكرة الأرضية من قبل، فهناك التحديات والصراعات التكنولوجية سواء من خلال إطلاق الأقمار الصناعية فى مختلف المجالات أو التطور فى مجال الاتصالات، أو الصراعات الاقتصادية فى ظل التكتلات الاقتصادية الدولية فى عصر" العولمة "، وهناك أيضاً ما يُسمى ب "صراعات الحضارات"، فكل دول العالم على مختلف أجناسها تعيش هذه الصراعات، فى تجاهل تام للمعاناة التى يعيشها بعض الشعوب، سواء الحرمان من بعض الموارد الطبيعية لمسايرة الحياة أو الحرمان من حق الشعوب فى الاستقرار والأمن، فى إشارة واضحة لبعض الدول، منها العراق وفلسطين والسودان ولبنان، والتى تشهد صوراً مختلفة من القلاقل والحروب واعمال العنف التى تؤدى الى انهيار الاقتصاد فى تلك الدول،وانخفاض دخل الفرد وبالتالى انخفاض مستوى معيشة الافراد والحياة تحت خط الفقر لعدد كبير من السكان.
وفى هذا اليوم العالمى للسكان من كل سنة ، تتزايد المطالب بتعزيز حقوق الإنسان وتحقيق الرفاهية للشباب، والعمل إلى جانبهم من أجل بناء عالم أفضل للجميع، ، وعلى مدار السنوات الست عشرة الأخيرة، استطاعت مكاتب صندوق الأمم المتحدة للسكان فى جميع أنحاء العالم أن تزيد الوعى بشأن القضايا المهمة المطروحة فى مجال السكان والتنمية من خلال إيجاد السُبل الإعلامية المبتكرة للاحتفاءبيوم السكان العالمى .
وعلى مدى السنوات الماضية ومن خلال وضع شعارات مختلفة مثل "الشباب – المساواة بين الرجل والمرأة" تم تسليط الضوء على التحديات التى تواجهها أعداد الشباب المُتزايدة فى مجتمعاتنا، خاصة وأن أعمار نصف سكان العالم تقريباً تقل عن 25 سنة، إلا أن أعداداً كبيرة منهم تواجه آفاقاً مُظلمة، وبغض النظر عن المكان الذى يُولد فيه هؤلاء الشباب فإن حياة بعضهم تتشكل بفعل قوى تتجاوز سيطرتهم، تتمثل فى انتشار الفقر وتزايد معدلات الجريمة، ومدى توافر التعليم والتدريب وفرص العمل اللائقة، وإمكانية الحصول على الخدمات الصحية الزهيدة التكلفة، ومع ذلك فإن شباب اليوم فى أغلبهم أصبحوا أيضاً أكثر وعياً بالحياة التى يعيشها نظراؤهم فى مختلف بقاع العالم، ونتيجة لذلك يُطالب الكثير منهم بالعمل على تضييق الفجوة بين الغنى والفقير وبتدابير لزيادة إتاحة الفرص أمام الجميع .
ففى هذه المناسبة العام الماضى، أصدرالأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفى أنان بياناً أكد فيه أن التركيز فى هذا اليوم على الشباب الذى يُشكل نحو نصف سكان العالم، أى أكثر من 3 مليارات شخص هم دون ال 25 من العُمر وأكثر مجموعة شابة فى تاريخ العالم حتى اليوم، مؤكداً على ضرورة توفير أفضل الفرص للشباب الذين يطالب معظمهم بتضييق الهوة بين الفقراء والأغنياء على اعتبار أن هذه الأمور ليست واجباً أخلاقياً فحسب، بل ضرورة اقتصادية مُلحة، وأشار إلى دراسات عدة تُظهر أهمية توفير العلم والعمل والصحة للعُنصر الشاب فى تحسين اقتصاديات العالم، وشدد على ضرورة إعطاء الأهمية الأولى للعُنصر الأنثوى من الشباب بشكل خاص بهدف التوصل إلى مُشاركة فعالة للمرأة فى مختلف ميادين الحياة .
أسباب المشكلة :
لم تكن مُشكلة الزيادة السكانية فى الماضى كما هى الآن، مُشكلة نقص فى الماء أو الغذاء أو سوى ذلك من ضرورات الحياة اليومية، بمعنى عدم وجود ما يكفى البشرية منها على سطح الأرض، بل كانت وما تزال مشكلة الخلل الكبير فى توزيع موارد الأرض، وسيطرة فئة محدود العدد عليها، وحرمان الفئة الأكبر منها، حيث أن نحو15 فى المائة من البشرية يسيطرون على أكثر من 80 فى المائة من الموارد الطبيعية فى الأرض، ولم يتغير هذا الوضع مع مرور الأعوام.
ومن المُلاحظ أن الدراسات المستقبلية حول تعداد البشرية تستند استناداً رئيسياً إلى متوسط أعمار الأمهات اللواتى ينجبن لأول مرة، وإلى متوسط عدد أطفال كل أسرة، حيث تتراوح نسبة الولادة قبل بلوغ الثامنة عشرة من العمر، بين واحد فى المائة فى اليابان، وثلاثة وخمسين فى المائة فى النيجر، وتتراوح نسبة الإجهاض ما بين ثلاثة فى الألف بألمانيا وستة وثلاثين فى الألف فى الولايات المتحدة الأمريكية للنساء الشابات بين الخامسة عشرة والتاسعة عشرة من العُمر، وما يزال متوسط عدد الأطفال فى الأسرة فى البُلدان النامية فى حدود أربعة أطفال، وانطلاقا من هذه الأرقام وأمثالها تقول التقديرات إن عدد البشرية يمكن أن يزيد إلى ثلاثة أضعافه خلال خمسين عاما، أما إذا أمكن الهبوط بمتوسط عدد أطفال الأسرة الواحدة إلى طفلين فقط، فيمكن ابطاء معدل هذه الزيادة، وقد يصل عدد سكان العالم آنذاك إلى ثمانية مليارات نسمة عام 2025 م، وترى الدراسات أيضاً أن فئة الأعمار بين الخامسة عشرة والرابعة والعشرين من العُمر، والتى تُعد أكثر من مليار نسمة فى العالم، هى التى ستقرر حجم الزيادة البشرية فى العقود المقبلة، على حسب ما تختارالاسرة لنفسها على صعيد الإنجاب المُبكر أو المتأخر، وعدد الأطفال الذين ترغب الأسرة فى إنجابهم، ويكمن محور المشكلة فى أن دعوات "الحد من زيادة سكان الأرض" أصبحت تطلب من الدول النامية ، أن تعمل للحد من الإنجاب، بينما تمارس الدول الصناعية سياسة توزيع الدعم المالى الرسمى بالمليارات وتشريع مزيد من القوانين لدعم إنجاب الأطفال، وبعملية حسابية بسيطة يتبين، أن كل مولود جديد فى بلد كألمانيا، يستهلك بين ولادته ووفاته، من موارد الأرض، مثل ما يستهلكه 65 طفلا يولدون فى مصر.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إن عدد سكان العالم وصل فى الحادى عشر من يوليو عام 1987م إلى خمسة مليارات نسمة، وكان هذا هو سبب اختيار ذلك اليوم ليكون يوما عالميا للسكان، ومع وصول العدد إلى ستة مليارات نسمة عام 1999م، أصبح سكان العالم قضية تُثار حولها ضجة كبيرة، تجلت خاصة بانعقاد أول مؤتمر دولى عملاق عام 1994م فى القاهرة، ولكن لم يعد "اليوم العالمى لسكان الأرض" فى هذه الأثناء يثير ضجة كبيرة، على النقيض من سنوات سابقة قبيل قمة القاهرة ، وليس هذا من باب "المُصادفة"، فنحن نرصد كيف تستفيد الأمم المتحدة والقوى الدولية الرئيسية فيها عادة، من مثل هذه المناسبات، لنشر أفكار معينة، وإعطائها الصبغة "العالمية" المشتركة، فما الذي أضعف إذن تلك الضجة الكبرى التى كنا نرصدها خلال النصف الأول من التسعينيات الميلادية، وأضعف الحملة الواسعة النطاق للحيلولة دون زيادة البشرية، والحديث المتكرر عن أرقام مُثيرة للرعب، وعن مولود جديد كل ثلاث ثوان أو ربع مليون إنسان يحتاجون إلى طعام وغذاء وماء ودواء وكساء ومسكن، يولدون يوميا في أنحاء الأرض، وعلى وجه التحديد في "الجنوب" من الكرة الأرضية، ففى الشمال يتناقص عدد سكان معظم الدول بدلا من أن يتزايد.
وصحيح أنّ نسبة "التسارع" في زيادة تعداد البشرية قد انخفضت، ولكن جزئيا فقط، وما تزال هذه الزيادة في حدود ثمانين مليون نسمة سنويا، وربّما تبقى على ذلك في المستقبل المنظور. ولم يكن هذا الانخفاض نتيجة تغيير يستحق الذكر في واقع الحياة البشرية وواقع الأسرة في المجتمعات المختلفة، فلا تقول الإحصاءات والتقديرات لدى "هيئة صندوق سكان الأرض"، ما يؤخذ منه مثلا أنّ متوسط عدد الأطفال في الأسرة في البلدان النامية قد انخفض، أوأنّ الإقبال على الإنجاب في سنّ مبكرة قد اضمحلّ، إلاّ في عدد محدود من بلدان العالم، ومع ذلك فالبيانات الصادرة عن الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي لسكان الأرض، توجه المديح لما يُنفّذ من إجراءات، وتؤكّد أنّ تطوّر الزيادة البشرية لم يعد يثير القلق كما كان، وأنّه يعتبر "مستقرّا" بالمقارنة مع الارتفاع الملحوظ لمتوسط عمر الفرد نتيجة تحسّن مستوى الرعاية الطبية والصحية عموما.
فإذا كان التغيير ضئيلا إلى هذه الدرجة بالمقارنة مع عام انعقاد القمة الأولى لسكان الأرض في القاهرة عام 1994م، فما الذي جعل "الضجة" الكبرى التي رافقت تلك القمة تخفت الآن؟..
يبدو أنّ انخفاض حدّة مطالبة الدول الصناعية بالحدّ من الإنجاب في الجنوب يعود فى رأى بعض المحللين لعدّة أسباب، منها:
1- في مؤتمر السكان العالمي عام 1994م في القاهرة، كان حجم النفقات التي قدّرها المؤتمر لتمويل سلسلة من المشاريع لتنفيذ هدف الحدّ من الإنجاب، يعادل ستة عشر مليارا وخمسمائة مليون دولار، وتعهّدت الدول الصناعية بتقديم ثلث المبلغ والدول النامية بتوفير الثلثين، وذلك قبل حلول عام 2000م، ولكن "صندوق السكان العالمي" التابع للأمم المتحدة يقول، إنّ الدول الصناعية تراجعت عن تعهّداتها في السنوات الخمس التالية لقمّة القاهرة بشكل ملحوظ، فسدّدت مليارين بدلا من 7 مليارات دولار، وبالمقابل قامت الدول النامية الأفقر بتأمين القسط الأعظم ممّا تعهّدت به، وهو ما وصل خلال السنوات الخمس الأولى بعد قمة القاهرة إلى 7 مليارات من أصل تسعة مليارات وخمسمائة مليون دولار، وفي المقارنة بين هذه الأرقام تبدو أحد أسباب إقدام الدول الصناعية على "خفض صوتها"!..
2- ولكنّ الأمر أبعد من مجرّد "الحياء بسبب التقصير"، فالدول النامية التي أصبحت منذ زمن طويل تدفع للدول الصناعية سنويا، لسداد الديون القديمة، أكثر ممّا تحصل عليه من قروض جديدة، لم تكن تؤمّن المال المطلوب لتمويل الانخفاض بعدد سكانها، إلاّ تحت الضغوط، فمن قبل انعقاد مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة بدأت الدول الصناعية في ممارسة سياسة "إلزامية" تربط بين تقديم القروض للدول النامية، وبين شروط جديدة، منها تنفيذ مشاريع الحدّ من الإنجاب، ودعم أوضاع المرأة بالمفهوم الغربي للكلمة، والأخذ بما تنادي به الدول الغربية تحت عنوان "القيم" ومعظمها في ميدان الأخلاق ، وهذا ما يجري تنفيذه بهدوء، بينما لم تحمل مقرّرات المؤتمر الدولي صفة "الإلزام"، إذن أصبح عدم الصخب مقصودا، ليحلّ مكانه التركيز على تحقيق الأهداف نفسها، ولكن عبر العلاقات الثنائية المباشرة، بصورة تتجنّب ردود فعل الرأي العام كما اتضح في تجربة مؤتمر دولي كمؤتمر القاهرة، ويعني ذلك "الالتفاف" على ردود الفعل الاجتماعية الصادرة عن الالتزام بقيم أخرى وعقائد أخرى في البلدان النامية بدلا من مواجهتها.
3- ومن أسباب تجنّب الضجيج أيضا أنّ كلّ حديث عن سكان العالم يمكن أن يقترن بمزيد من الشكوى، من جانب الدول النامية، ومن جانب المنظمات العالمية المستقلة، ضدّ سياسات البلدان الصناعية التي أدّت إلى ترسيخ الخلل القائم بين الشمال والجنوب بدلا من تخفيفه، ومضاعفة المخاطر المستقبلية الإضافية التي تنتظر الدول الأفقر من سواها، نتيجة "ظاهرة العولمة" بدلا من العمل على مواجهتها. وتكفي الإشارة على سبيل المثال، أنّ متوسط الأعمار في العالم قد ارتفع فعلا، ووصل إلى أكثر من 66 عاما، ولكن يعود هذا إلى ارتفاعه ارتفاعا كبيرا في البلدان الصناعية بالدرجة الأولى، وليس في البلدان النامية، بل يوجد في الجنوب 16 دولة، يقطنها نحو300 مليون إنسان، انخفض فيها متوسط الأعمار بدلا من أن يرتفع، فاقترب من 50 عاما، أي كما كان عليه عام 1960م، عندما كان سكان الأرض في حدود 3 مليارات نسمة.

استبداد "العولمة"
إنّ هذه الزيادة الاعتيادية الطبيعية، ولا نقول: المرتفعة أو الكبيرة أو الفاحشة، في البلدان النامية، تعود إلى نسبة الأطفال في الأسر، في الوقت نفسه لم يعد يوجد أثر يستحق الذكر للجهود التي قيل على امتداد عدّة عقود، إنّها كانت تبذل لتخفيف الهوّة بين الفقر والثراء، والتخلّف والتقدّم، بين الشمال والجنوب، فحتّى القروض الإنمائية التي كانت توصف بالسبيل الرئيسي لمساعدة الدول النامية، أسقطت من الحسابات الغربية، إلاّ في حدود ما يكفي لربط دولة نامية بدولة معطية، والمفروض أن تزيد حسب الأرقام الدولية، فقد كان20 في المائة من البشرية يعيشون دون الحدّ الأدنى الفقر، وارتفعت النسبة إلى 25 في المائة، ثلثيهم، أي 800 مليون نسمة، لا يجدون ما يكفي من الغذاء أصلا، كما أنّ ثلث البشرية لا يتجاوزمتوسط دخل الفرد منهم دولارا واحدا في اليوم.
إنّ هذه الأوضاع مقترنة بانتشار ظاهرة "العولمة" هي المشكلة الحقيقية التي يجب العمل على مواجهتها عند النظر في أوضاع البشرية، فالمشكلة ليست "كميّة" بقدر ما هي مشكلة نوعية، تتطلّب من الدول النامية، مواجهتها على كلّ صعيد،سواء في ميدان القيم وترسيخها، أوفي ميدان التطوير اعتمادا على الإمكانات الذاتية أولا، أوفي ميدان ربط الزيادة البشرية بالحفاظ على المجتمع من خلال الحفاظ على الأسرة، وكذلك في ميدان إزالة الخلل القائم في توزيع الموارد، داخل البلد الواحد، وفي إطار العلاقات بين الدول النامية، فضلا عن مواجهة خلل الارتباط بالقوى الدولية اقتصاديا وماليا بما يخدم مصالحها على حساب المصالح الذاتية والمصالح الإقليمية.
بيان بمناسبة اليوم العالمي للسكان 2007
صادر عن ثريا أحمد عبيد المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان:
إن اليوم العالمي للسكان هو مناسبة للتركيز على الالتزام بكفالة أن يكون كل حمل مرغوباً، وكل ولادة مأمونة، وكل شاب وشابة خالياً من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وكل فتاة وامرأة تُعامل بكرامة واحترام. وهو أيضاً مناسبة للتركيز على العمل على تحقيق ذلك. وموضوع اليوم العالمي للسكان هذا العام هو الرجال كشركاء في الصحة الإنجابية.
فحالياً تموت نساء كثيرات للغاية بلا داعٍ من جراء مضاعفات الحمل والولادة. وفي كل دقيقة، تفقد امرأة أخرى حياتها. وفي كل دقيقة، يؤدي فقدان أم إلى تحطيم أسرتها وإلى تعريض رفاه أطفالها الذين تركتهم وراءها للخطر. وفي مقابل كل امرأة تموت تعاني 20 امرأة أو أكثر من مضاعفات خطيرة.
وقد التزم قادة العالم بتحسين الصحة الإنجابية والنهوض بالمساواة بين الجنسين. وباستطاعة الرجال تقديم مساهمة هائلة في هذا الصدد باستخدام نفوذهم لإحداث تغيير إيجابي. إذ يتمتع الرجال بنفوذ في حالات واسعة التباين تبدأ من اتخاذ القرارات الشخصية والأسرية إلى اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسات والبرامج على جميع مستويات الحكومة.
ويؤيد صندوق الأمم المتحدة للسكان مبادرات الأمومة السالمة في مختلف أنحاء العالم. فنحن نعمل مع الحكومات والشركاء الآخرين عل كفالة أن تتوافر لكل امرأة إمكانية الحصول على خدمات الصحة الإنجابية الثلاث التي تنقذ حياة المرأة. وهذه الخدمات هي تنظيم الأسرة الطوعي، وإشراف أشخاص مهرة على الولادة، ورعاية التوليد الخاصة بالحالات الطارئة في حالات نشوء مضاعفات أثناء الولادة.
وفي البلدان التي تتوافر فيها هذه الخدمات على نطاق واسع، يبقى على قيد الحياة عدد أكبر من الأمهات والأطفال الرضع .ويتضح من التجربة أنه يمكن لإشراك الرجال ومشاركتهم أن يُحدثا فارقاً هائلاً. فبالثني عن الزواج المبكر، والدعوة إلى تعليم البنات، وتشجيع العلاقات المنصفة، ودعم صحة المرأة وحقوقها الإنجابية، يتحقق التقدم.
واليوم، بمناسبة اليوم العالمي للسكان، آن أوان أن يصبح جميع الرجال سواء كانوا آباءً أو أشقاءً أو أزواجاً أو زعماء مجتمعيين ودينيين، أو مسئولين حكوميين شركاء في الصحة الإنجابية. ونستطيع معاً أن نجعل هذا آخر يوم تموت فيه 440 1 امرأة أثناء الحمل والولادة. ودعونا نمضي قدماً في تحقيق رسالة: أن ما من امرأة ينبغي أن تموت وهي تهب الحياة. ودعونا نبذل كل ما في وسعنا للنهوض بحق كل امرأة في أن تتمتع بحياة مليئة بالصحة والكرامة والفرصة المتكافئة.
11/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.