تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد وسط توقعات علمية بأن المحيط الشمالي المتجمد قد يصبح شبه خاليًا من الجليد فى غضون العقد القادم نتيجة استمرار ظاهرة الاحترار الجوى ، بدات الدول الكبرى خاصة المتاخمة للدائرة القطبية الشمالية فى توجيه بوصلتها نحو هذا الاتجاه مما قد يخلق عما قريب صراع دولى حاد على النفوذ فى هذه المنطقة المتجمدة الباردة .. خاصة و أن القطب الشمالي يحتوي على نحو 13 في المائة من الاحتياطيات النفطية و30 في المائة من احتياطيات الغاز غير المكتشف في العالم. وقد بدات الولاياتالمتحدة السعى حثيثا لتوسيع عمليات الجيش في المياه الواسعة بالقطب الشمالي حيث ذوبان القمم الجليدية بدا يفتح ممرات بحرية جذبت منافسين لها مثل روسيا و كندا الذان بدا بالفعل فى خطوات عملية من اجل فرض وجودهم بالمنطقة الغنية بحقول النفط والغاز المربحة. ومن المتوقع ان تحتاج الخطط الامريكية لتمويل وموارد كبيرة لملء الفجوات الواسعة في تغطية الأقمار الصناعية والاتصالات، إضافة لوسائل النفاذ للمياه العميقة الذى يتطلب شراء وتصنيع المزيد من السفن التي يمكن أن تصمد أمام المياه المتجمدة .. وحتى الان لا يوجد تقديرات بالتكلفة أو الميزانية ولكن بحلول نهاية هذا العام، سوف تكون البحرية الامريكية قد انتهت من استكمال الخطط المالية الخاصة بتوفير وزيادة الاتصالات والسفن المناسبة فضلا عن البدء مع الدول الاخرى فى التفاوض حول اتفاقات دولية حول مستقبل القطب الشمالى . ولتاكيد الولاياتالمتحدة لسيادتها في منطقة القطب الشمالي، حذر وزير الدفاع تشاك هاجل كل من روسياوالصين والدول الأخرى التى لها مطالبات بحقوق فى المنطقة ، من توسيع استخدامهم للمياه الجليدية لاجل التدريبات العسكرية اوالعبور من خلالها مشيرا الى ضرورة تجنب الصراع على النفوذ فى القطب الشمالى . هاجل الذي كان يتحدث في منتدى أمني ، قال " ان استكشاف الطاقة في منطقة القطب الشمالي غير مستغلة إلى حد كبير يمكن أن يزيد من حدة التوتر الدولي، ويجب أن نعمل معا لتجنب الصراع، وسنظل على استعداد لكشف وردع ومنع وهزيمة التهديدات التي يتعرض لها وطننا وسنواصل ممارسة السيادة الأمريكية في ألاسكا و ما حولها" . واكد هاجل ان قضية تغير المناخ، وموارد الطاقة والقضايا الأمنية التي تدور حول القطب الشمالي تستمر في النمو من حيث الأهمية، لا سيما مع ذوبان الجليد الذى يفتح الطريق للبحر القطبي الجديد.. وان الولاياتالمتحدة ستعمل ستكمل خططها الخاصة بالحفاظ على حرية العبور عبر البحار، مع ترقيه سفنها المنطقة تدريجيا إلى أسطول كامل، وتحسين وضع الخرائط وفهم البيئة، وتوسيع العلاقات العسكرية مع الدول الأخرى في القطب الشمالي. وكان الرئيس باراك أوباما قد كشف النقاب في مايو الماضى عن استراتيجية بلاده الجديدة بشان المنطقة القطبية الشمالية ، الاستراتيجية التى تقع فى 13 صفحة تؤكد ان الولاياتالمتحدة ستعمل مع الدول الاخرى على حماية البيئة الهشة في المنطقة وإبقائها خالية من الصراعات، و في الوقت نفسه لا تترك الباب على مصرعيه مفتوحا للدول الاخرى مثل روسياوالصينوكندا والنرويج لرسم خطط بدء عمليات التنقيب عن الغاز والنفط او ولاجراء تدريبات عسكريةالمنطقة . ولقد زادت شهية الدول الباحثة عن النفط و الغاز مؤخرا نتيجة تقديرات الخبراء الجديدة بان مياه القطب الشمالي يمكن أن نصبح خالية من الجليد في وقت مبكر من عام 2030، ومع منتصف العشرينيات من هذا القرن قد تكون الظروف مهيئة و مناسبة حيث لن يكون هناك سوى 10 في المئة من المياه مغطاة بالجليد. وكانت حركة النقل البحري عبر مضيق بيرينج فى منطقة القطب الشمالى - الذى يربط بين سيبريا بقارة اسيا وآلاسكا فى قارة امريكا الشمالية - قد ارتفعت بنحو 50 في المئة بين عامي 2005 و 2012. حيث مرت في العام الماضي نحو 483 سفينة عبر المضيق.. ويقدر مسؤولون أن حركة مرور السفن من خلال المنطقة سوف تستمر في الزيادة بنسبة 10 الى 20 في المئة سنويا. الاميرال جوناثان وايت، مدير فرقة العمل البحرية بشأن تغير المناخ " نحن نبحث في سبل احداث زيادة كبيرة جدا في مجال النقل البحري، و طرق الاستجابة لحالات الطوارئ و البحث والإنقاذ " . واضاف " وايت " ان البحرية الأمريكية تحتاج إلى تحديد أوجهه الاستثمار الآن من حيث التدريب والعقيدة وأنواع السفن والطائرات والاتصالات. وقال انه اذا كانت الولاياتالمتحدة تريد أن تعمل مختلف السفن أو الطائرات في المنطقة بحلول عام 2025، يجب التخطيط والقيام باستثمارات طويلة الأجل . ومع الكمية الهائلة من الموارد في منطقة القطب الشمالي، بما في ذلك مخازن كبيرة من النفط والغاز ، بدات تحركات الدول الاخرى لفرض وجودها بالمنطقة ، ففي عام 2007، قامت سفينة أبحاث روسية بوضع العلم الروسي في قاع المحيط المتجمد الشمالي قرب القطب الشمالي في لفته رمزية على الوجود الروسى . وخطاب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي اكد فيه ان القطب الشمالي أساسي للمصالح الاقتصادية والأمنية في بلاده.. نقلت طائرات عسكرية روسية ما يزن أكثر من 30 طنّا من المواد والمعدات إلى المطار العسكري "تيمب" الجاري العمل في ترميمه وإعادة بنائه في جزيرة كوتيلي إحدى جزر مجموعة نوفوسيبيرسك في المحيط المتجمد الشمالي . ويقول الخبير السياسي العسكري الروسي الكسندر شارافين، رئيس معهد الدراسات السياسية والعسكرية، ان مطار "تيمب" بسيبريا ، كانت روسيا قد توقفت عن استخدامه منذ بداية التسعينات من القرن العشرين ، ولكن الان اصبح من الضروري، أن توطد روسيا وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي لحماية هذه المنطقة من أطماع الغرباء ولتأمين حدود روسيا الشمالية. كذلك فان الصين وعلى الرغم من أن حدودها لا تتاخم مع المنطقة القطبية الشمالية، فقد انضمت أيضا إلى ساحة المنافسة على ثروات القطب الشمالى ، حيث ارسلت العام الماضي أول سفينة كاسحة للجليد في القطب الشمالي .. و يعد فتح الممرات البحرية بالمنطقة القطبية ممرا بحريا جديدا للصين يمكنها للنفاذ للاسواق الاوربية و الامريكية . وقد ابحرت للمرة الأولى سفينة تجارية صينية إلى أوروبا فى اغسطس الماضى عبر الخط القطبي المختصر بفضل ذوبان الثلوج ، حيث ابحرت السفينة من مرفأ داليان (شمال شرق الصين) عبر الممر الشمالي الشرقي الذي يمر بمحاذاة سواحل سيبيريا الشمالية، لتصل الى ميناء روتردام فى اوربا .. وهذا الطريق سيسمح للصين باختصار فترة الرحلة بين 12 إلى 15 يوما مع تجنب التأخير في قناة السويس وخفض آلاف الكيلومترات من رحلاتها إلى أوروبا، أول شريك تجاري لها..