أرجو من القراء ألا يستغربوا أن أتحدث اليوم عن زيارة ماكين لمصر في الأسبوع قبل الماضي، فلقد كشفت زيارة "جون ماكين " وليزلي جراهام وتصريحاتهما غير المقبولة عن الدور الذي يلعبه هذا الشخص في منطقتنا العربية ومدى علاقاته بالمجموعات الإرهابية فيها والمخططات التي تحاك لمنطقتنا وإذا نظرنا للوراء ثلاثة أو أربعة أشهر سوف نتذكر زيارته إلى المناطق التي تحتلها المعارضة الإخوانية السورية ودخوله إليها بمباركة وحماية من المخابرات الأمريكية رغم إدعاء البيت الأبيض أن الرئيس أوباما لم يكن على علم بها، وكيف اسهمت هذه الزيارة لمناطق القتال في تسريع قرار الإدارة الأمريكية بضرورة تسليح المعارضة السورية، وكان ذلك بعد أن أدرك أن هذه المعارضة على وشك أن تخسر الحرب ضد النظام السوري . وإذا نظرنا إلى الماضي أبعد قليلا سوف نتذكر زيارة "جون ماكين "إلى المقر العام لجماعة الإخوان قبل ثلاثة اشهر من ثورة 25 يناير 2011 وبالتحديد في أكتوبر 2010 ولقاءاته مع المرشد العام بديع وخيرت الشاطر وسعد الكتاتني ، وحفل التكريم الذي اقاموه على شرفه وتسليمه درع الجماعة . وجاءت زيارة "ماكين وجراهام" تزامنا مع زيارة الوساطة التي يقوم بها مساعد وزير الخارجية الأمريكي "وليام بيرنز" الذي كان من المستغرب جدا أن نجده لايطلب إلا زيارة حليفيه الأساسيين "خيرت الشاطر " و "سعد الكتاتني" المديران الحقيقيان لحركة الأحداث في مصر خلال حكم المعزول "مرسي" وبعد زيارة "السيدة كاثرين اشتون" التي إلتقت فيها مع المعزول لمدة ساعتين. وزيارته "للشاطر" بالتحديد تكاد تؤكد ماتناقلته الأنباء في الأسابيع الماضية عن المبالغ التي دفعتها الإدارة الأمريكية للشاطر لتنفيذ مخططاتها في مصر ومنطقة الشرق الأوسط بعد إجتياح التيارات الإرهابية لمقاعد الحكم في تونس ومصر وهيمنتها على مجرى التوتر في ليبيا واليمن وإدارتها للحرب الأهلية في سوريا. لم يكن أيضا مستغربا التصريحات سيئة السمعة والمقصد في المؤتمر الصحفي الذي عقده "ماكين" والتي وصف فيها ثورة "30 يونيو " بأنها "إنقلاب عسكري "مرددا ومتبنيا لوجهة نظر التيارات التي يدعمها. وتصريحاته الأكثر سوءا لشبكة "CBS " الإخبارية الأمريكية والتي تنبأ فيها بأن " مصر أمامها ايام أو أسابيع لتنزلق في حمام دم، وهي تصريحات تنبيء أكثر ما تنبيء عن سوء نوايا هذا الشخص المدعو " ماكين وحلفائه الذين قابلهم ليؤكد لهم دعمه لتصرفاتهم الإرهابية ضد مصر . لكن لماذا هذه اللقاءات وهذه التصريحات التي تمت بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية والشريك الثالث أو الضلع الثالث في المؤامرة، ألا وهي "شبه جزيرة قطر" ممثلة في وزير خارجيتها الذي ظهر في المشهد فجأة فجر يوم الأحد " 4 أغسطس" حاملا معه ما حمل على متن طائرته الخاصة التي هبط بها في مطار القاهرة. الأسباب كما نراها تتلخص فيما يلي: 1- محاولة الإدارة الأمريكية -بصورة غير مباشرة - إنقاذ ما تبقى من مشروعها لتمزيق مصر وتفتيت كيانها كما كانت تخطط له في مشروعها للشرق الأوسط الكبير. لأن ثورة شعب مصر في 30 يونيو قد أسقطت الجزء الأهم في المخطط الأمريكي ، حيث كانوا يعولون كثيرا على حكم الإخوان الذي قسم مصر سياسيا في أن يستمر لتمزيقها دينيا وجغرافيا ويقود لتفتيت الأمة العربية وإعادتها لعهد الدويلات والإمارات الصغيرة ضمانا لأمن إسرائيل ولسيطرة أمريكا على حكام هذه الدويلات بعد إنهاء وجود دول إقليمية كبرى. 2- إظهار دعم الكونجرس أو بعض اطرافه للتيارات الحليفة في مصر وذلك مما يؤدي لتشدد هذه الأطراف في مواقفها من الحكومة المصرية. 3- إطالة أمد الوساطة بما يكفل خلق رأي عام عالمي وداخلي متعاطف مع إعتصاماتهم وهو ما يزيد من صعوبة إقدام الحكومة المصرية على فض هذه الاعتصامات وبما قد يؤدي للرضوخ لبعض مطالبها بالخروج الآمن لقيادتها، سواء من كانوا داخل مناطق الإعتصام أو داخل السجون رهن التحقيقات. 4- إنقاذ مشروع تأجيج صراع طائفي سني شيعي في منطقة الشرق الأوسط لهدم القوى الإسلامية الكبرى في مصر وسوريا وإيران لتلحق بالعراق، ويكون هذا الصراع وسيلة لإشغال القوى الإسلامية الجهادية عن الغرب وأمريكا . ويكون في نفس الوقت تفتيت لقواها وفرصة لتدخل أمريكي لضرب القوى التي تراها مهددة لأمنها القومي في وسط هذا الصراع . 5- تأجيج صراع طائفي داخلي في مصر بين المسلمين والمسيحين تقوده أطراف متطرفة من الجانبين بما يمهد الطريق لتدخل أمريكي غربي في شئون مصر . وهذا ما حاولت هذه القوى إثارته في المنيا يوم الإثنيين 5 أغسطس ، وهو نفس يوم وصول ماكين وجراهام إلى مصر. وبعد فض الشرطة المصرية لإعتصامي "رابعة العدوية والنهضة غير السلميين " إتضحت أكثر وأكثر معاني كلمات وإيحاءات "ماكين " -الذي لا أجد له وصفا أفضل من "سفير جهنم " . فهاهي بحور الدماء التي توعدنا بها "ماكين" تبدأ في الفيضان وهاهي التنظيمات الإرهابية تكشف عن وجهها القبيح الدموي الفاشيستي . هاهم أبناء إبليس يخرجون آلاتهم الجهنمية لكي يدمروا مصر ويحرقوا فيها الأخضر واليابس ويدمروا دور العبادة إسلامية ومسيحية ومظاهر الحضارة العريقة فيدمروا المتاحف وينهبوها ليبيعها لتجار الآثار الغربيين وحتى مظاهر الحضارة الحديثة كمكتبة الإسكندرية لم تسلم من أحقادهم. وكل مظاهر الدولة القائمة هبوا كالجراد لتدميرها "مجالس بلدية ومباني محافظات ووزارات وعقارات . وماذا كنا ننتظر من هذا الجراد الوحشي أو هذه الضباع المفترسة !!!؟؟؟ . لقد سمحت أمريكا لهم بالحصول على ملايين من قطع الأسلحة المهربة عبر ليبيا والسودان وساندوهم أثناء وبعد الثورة الليبية المسلحة التي كانوا مشاركين فيها قولا وفعلا. وحين نقول سمحوا لهم بالتسلح فلانقصد إلا كلمة السماح بكل معانيها التآمرية فهم كانوا يعرفون أن السلاح المهرب سوف يذهب لتيار العنف الإرهابي في مصر سواء في سيناء أو في القاهرة. ولو كانوا لايريدون هذا لأبلغوا مصر بمساراتها التي إلتقطتها أقمارهم التجسسية كما فعلوا مع شحنات الأسلحة التي أرسلتها إيران لحماس عبر السودان وقامت الطائرات الإسرائيلية بتدميرها قرب الخرطوم بمباركة ودعم أمريكي مباشر. أما وأن السلاح سوف ينقل لتنفيذ المخطط الأميركو-إخواني-إرهابي لتدمير مصر فالكل عنه ساكت وعيونهم الفضائية ترى ولاتفشي سرا.إنها مؤامرة غربية كبرى متشابكة الخيوط متواصلة الخطوط واضحة المعالم.. رسمتها أمريكا وينفذها إرهابيون محترفون في تنفيذ المؤامرات دون فهم.. حقا إنهم لايفهمون إنهم مجرد أدوات في مخطط سوف يحرقهم هم أيضا في النهاية سواء فازوا أو خسروا. لكن الله تعالى لن يخذل مصر وشعبها وجيشها وشرطتها ، لن يخذل مصر بمسلميها ومسيحييها وسوف ننتصر في معركتنا ضد الإرهاب والمؤامرات الخارجية ولن نصبح سوريا جديدة أو عراق جديدة أبدا مادامت فينا الحياة فمصر أعرق حضارة في الدنيا، ومصر رعاها الله هي الحامي الأول لكل الأديان السماوية يهودية ومسيحية وإسلام. وشعبها المؤمن بالفطرة الموحد بالله، واثق أن نصر الله قريب .