ماذا يعني خفض نسبة المكون الإسرائيلي في منتجات المناطق المصرية المؤهلة للتصدير للولايات المتحدة الموقع بين مصر وإسرائيل في فبراير2005' الكويز' من11.7% إلي10.5% وهل يعني ذلك أن إسرائيل ستسعي لتعويض هذا الخفض في مجال آخر'. كان هذا هو السؤال الأول الذي افتتحت به الحديث والذي يتناسب مع الصفة الوزارية لإلياهو يشاي وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي خلال زيارته مؤخرا لمصر للتوقيع علي التعديل علي بروتوكول الكويز. وقد جاءت إجابة الرجل كالتالي: التعديل يقضي بخفض نسبة المكون الإسرائيلي في المنتج المصري وهو ما يعني زيادة حجم الصادرات المصرية من هذه المناطق لأمريكا كما بحثت مع نظيري المصري مد البروتوكول ليشمل ثماني مناطق صناعية خاصة بالمنسوجات في صعيد مصر وهو ما سيعود علي مصر بمزيد من الصادرات. السؤال الأول : جاء فنيا ليتناسب مع صفة يشاي الفنية كوزير للصناعة والتجارة في حين أن بقية الأسئلة جاءت سياسية لتتناسب مع كون الرجل نائبا لرئيس الوزراء وزعيما لحزب شاس أكبر حزب ديني في إسرائيل ناهيك عن كونها تتناسب مع البعد السياسي الواضح في بروتوكول الكويز حيث أن كثيرا من الأبواب الاقتصادية تخفي من وراءها مقاصد سياسية وهو ما لا يقلل من أهمية الصفة الاقتصادية لهذه الأبواب. فبوابة الكويز علي سبيل المثال- رفعت صادرات المنسوجات المصرية لأمريكا إلي1275 مليون دولار سنويا كما أن التعديل الأخير سيضيف علي أرباح مصر السنوية من هذه الصادرات نحو15 مليون دولار سنويا. والحديث عن البعد السياسي في بروتوكول الكويز يدفعنا للتذكير بشبه تعمد الولاياتالمتحدة تعطيل التوصل إلي إتفاقية تجارة حرة مع مصر لدفعها إلي استخدام الاتفاقية الإسرائيلية للتجارة الحرة مع أمريكا. ذلك البعد السياسي الذي يفرض السؤال التالي: فببساطة وبعد28 عاما من ابرام اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ألا يعني تدخل الولاياتالمتحدة عمليا لفرض تعاون اقتصادي بين البلدين مثل اتفاق الكويز أن السلام بين البلدين يجوز وصفه بسلام' منزوع الدسم أو منزوع الكافين' إجابة نائب رئيس وزراء إسرائيل في تقديرنا أكدت الطرح الذي تضمنه السؤال بأكثر مما نفته حيث قال إن تعبير سلام' منزوع الكافيين' يمكن استخدامه علي مجالات أخري غير مجال التعاون الاقتصادي والصناعي بين البلدين فالمصنعون والمصدرون المصريون يستفيدون من اتفاقية الكويز مستغلين في ذلك منطقة التجارة الحرة القائمة بين إسرائيل وأمريكا. الإنقسام الفلسطيني يعوق السلام: شبح الابتسامة علي وجه نائب رئيس وزراء إسرائيل إزاء وصف السلام بين البلدين بأنه' سلام منزوع الكافيين' دفعني أن أساله عن أسباب عدم إدراك بلاده أن هذا السلام سيظل خاليا من الدسم طالما لم تدرك تل أبيب أن الرأي العام المصري متوحد مع الرأي العام العربي إزاء رفض سلام كامل طالما بقيت إسرائيل محتلة للاراضي العربية. إجابة يشاي لم تحمل جديدا علي المنطق الإسرائيلي الذي طالما يرمي بالكرة في ملعب الغير حيث قال:'... نحن نؤمن بأن السلام مع مصر يعد أهم أعمدة السلام في المنطقة كما أننا نعتبر الرئيس حسني مبارك راعيا لعملية السلام. أما إسرائيل فإنها تبذل جهدها لتتوصل لسلام مع الفلسطينيين إلا أن المشكلة حاليا تتمثل في غياب السلام فيما بين الفلسطينيين أنفسهم وهو ما يعطل استئناف عملية السلام فمن المستحيل أن يتم التوصل إلي اتفاق مع نصف الشعب الفلسطيني فقط. وبالطبع فإن كلام المسئول الإسرائيلي عن إستحالة التوصل لسلام مع نصف الشعب الفلسطيني من دون نصفه الآخر في قطاع غزة يعد كلاما منطقيا إلا أن اللامنطقي هو أن إسرائيل هي التي دبرت وسعت ونجحت في شق الصف الفلسطيني بهذا الشكل وذلك قبل أن يأتي الرجل لكي يقول بإستحالة تحقيق السلام مع وجود هذا الإنقسام الفلسطيني! عندما طرحت علامة الاستفهام الكبيرة تلك علي الوزير يشاي أجاب بمنتهي الهدوء:'... ولكن إسرائيل لم تدعم هذا الصدع الفلسطيني. في الوقت ذاته فإنني لا أرغب في أن أتعامل مع مشكلات الفلسطينيين ولكن دعني أقول بأنه عليهم وقف عمليات التحريض وأن يسعوا إلي شراكة اقتصادية مع إسرائيل أو الأوروبيين أو مصر وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلي المضي قدما معهم...!'. إجابة الرجل إن كان جادا وقد كان يبدو جادا بالفعل توحي بأن الوقت القصير المتبقي علي عقد مؤتمر الخريف في الولاياتالمتحدة لن تكفي للتوصل إلي سلام ولا حتي إلي إعلان مباديء وهو ما دفعنا لطرح الشكوك إزاء الأهداف الحقيقية من وراء المؤتمر وهل سيكون تغطية علي عدوان ضد إيران. وبالرغم من طول فترة المداولات بين الوزير الإسرائيلي ومترجمه فقد بدت الإجابة ليس لها علاقة بالسؤال حيث قال الرجل:'...إن فكرة استئناف عملية السلام جاءت من رئيس الوزراء إيهود أولمرت الذي يسعي لإتفاقية سلام مع الفلسطينيين إلا أن وزراء إسرائيليين أعربوا عن مخاوفهم من المضي قدما من دون أن يلتزم الفلسطينيون بدورهم في منع هجمات صواريخ القسام ضدنا. إلا أن إجابة الوزير الإسرائيلي التي لم تجب علي السؤال دفعتنا لطرح تناقضا آخر بدا جليا في الإعداد لمؤتمر الخريف للسلام والذي يتمثل في العدوان الإسرائيلي الأخير علي سوريا من ناحية والموافقة الضمنية علي حضور دمشق المعتدي عليه مؤتمرا للسلام من ناحية أخري! رد يشاي بدا لنا غير مختلف عن ردود كافة المسئولين الإسرائيليين إزاء معضلة السلام مع سوريا حيث قال:'...إن إسرائيل تسعي بصدق لسلام مع سوريا ولكنها لاتري بوادر مماثلة من جانب سوريا...'. إجابة الرجل استفزت سؤالا' للأهرام' بشأن ماهية المبادرات الإسرائيلية العملية لتبيان رغبتها الصادقة في سلام مع سوريا وهل هذه المبادرات من قبيل الخطاب فقط في حين أن الزعم بشأن الرد السلبي السوري من قبيل الكلام المرسل الوزير الإسرائيلي أجاب عن السؤال وكأنه يستطرد في إجابة السؤال السابق حيث قال إن إسرائيل تسعي للسلام مع سوريا في حين أن الأخيرة لديها قناعة بحتمية تدمير دولة إسرائيل وهو ما يمنعنا من المضي قدما في عملية السلام معها. وبالرغم من أن سوريا لم تتحدث عن تدمير دولة إسرائيل سواء بالتلميح أو بالتصريح إلا أن الوزير يشاي قال:'... إن تفسيرنا لرغبة سوريا في تدمير إسرائيل ينطلق من التعاون القائم بينها وبين إيران وحزب الله اللبناني وقيامها بتسليح الأخير...!'. العنصرية في المناهج الدراسية: وحيث أن لأهرام كان له السبق في إثارة قضية المواد العنصرية ضد العرب في مناهج التعليم الحكومي الإسرائيلي في حوار مطول مع وزيرة التعليم الإسرائيلية يولي تامير وذلك قبل أن يتصادف أن تبادر الوزيرة بعد الحوار بأسبوعين بإجراء بعض التعديلات المنصفة للعرب علي هذه المناهج فقد كان السؤال التالي حول منطلقات مشاركة الوزير يشاي في الهجوم العنيف الذي تتعرض له هذه الوزيرة الشجاعة التي أقدمت- ضمن ما أقدمت عليه- علي عرض وجهة النظر العربية لقيام إسرائيل بأنها نكبة وبعد مداولات اشترك بها بعض الحضور الذين شاركوا في الترجمة للعبرية لزعيم حزب شاس قال الأخير:'... إن الجدل والخلاف الشديدين اللذين نحن بصددهما مع الوزيرة تامير يدور حول قيم وتاريخ الشعب اليهودي الذي نري نحن أنه يتحتم أن نقدمه للطلبة في المدارس وهو الأمر الذي لا تراه الوزيرة تامير. وحتي لا تحتمل كلمات الوزير يشاي أي تأويل من البعض فقد كان يجب توجيه سؤال لا يقل مباشرة عن إجابته وقد كان السؤال:'... هل يعني هذا أن الوزير يري أن إسرائيل دولة أحادية الدين والعقيدة ويجب أن تستمر كذلك وقد جاءت إجابة الرجل سريعة وحاسمة وفي كلمة واحدة حيث قال: نعم. الحاخام الأكبر.. والعرب!: ولعل الحديث عن موقف وزيرة التعليم الإسرائيلية الشجاع من بعض محتويات المناهج الدراسية الإسرائيلية وموقف العديد من الزعامات الحزبية المناويء لها هو الذي دفع' الأهرام' لطرح التصريحات المتكررة للحاخام عوفاديا يوسف الزعيم الروحي لحزب شاس الذي يرأسه يشاي والتي وصف فيها العرب بأنهم' صراصير' و'ثعابين' وحول المسافة التي تفصل بين الرجل وتصريحات الحاخام عوفاديا وحيث أن إجابة الوزير يشاي بأنه آسف إزاء فهم العرب الخاطيء لتصريحات الحاخام عوفاديا يوسف لم تبد كافية فقد كان لابد من التأكيد علي أن هذه التصريحات نقلت حرفيا من علي لسان الزعيم الروحي لشاس وهو ما دفع الوزير لكي يقول:'... لقد استدعي الحاخام الصحفيين الإسرائيليين لكي يشرح لهم ماذا عناه بالضبط حيث قال لهم إن الإرهابيين فقط الذين يقتلون المدنيين العزل هم الذين تنطبق عليهم هذه الأوصاف...'. وقد كانت هذه الإجابة مغرية لطرح سؤال حول مدي إنطباق هذه الأوصاف اللا إنسانية علي اليهود الذين قتلوا آلاف المدنيين الأبرياء العزل علي مدي تاريخ إسرائيل. مرة أخيرة جاءت إجابة يشاي شديدة العمومية وقابلة للعديد من التفسيرات حيث قال:'... خلال الإنتفاضة قتل أكثر من ألف إسرائيلي معظمهم مدنيون... أيا كان القتيل البريء يهوديا كان أم عربيا مسلما أو مسيحيا فإن قتله مرفوض...'. ولكن أليس من الغريب أن إسرائيليا يهوديا قتل بطلا قوميا إسرائيليا مثل رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين ولم يتم وصفه بتلك الصفات الدونية! وقد بادر سفير إسرائيل بالإجابة عن هذا التساؤل أثناء إسراع الجميع للحاق بطائرة الوزير حيث قال:' بل تم وصف قاتل رابين بصفات أخري سيئة.!'.