وافق مجلس الشورى على استخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية لمجلس النواب المقبل هذا القرار الغريب سوف يؤدى إلى تكريس الانقسام الحاد الذى يشهده المجتمع المصرى الآن وسوف يشعل الخلافات السياسية والعنف الطائفى لدرجة غير مسبوقة وكيف لا وهو المجلس المنتخب وفق الضوابط المطعون فى شرعيتها أسوة بمجلس الشعب المنحل بحكم الدستورية العليا؟ ومجلس الشورى الحالى الذى تسيطر على تشكيله تيارات الإسلام السياسى الذى تم انتخابه بنسبة 7% بغرض استكمال الديكور البرلمانى ولم يكن فى الحسبان أن يتولى هذا المجلس التشريع وسن القوانين ولكن تداعيات الأحداث السياسية أوقع الشعب المصرى فى هذا الفخ الكبير. مجلس الشورى يقر استخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية فى سابقة ليس لها مثيل فى التاريخ المصرى والعالمى وهو يعنى خلط الدين بالسياسة فى فجاجة واضحة فالدين مطلق والسياسة نسبية الدين يعبر عن القيم العليا بينما السياسة تتعامل مع الواقع المتغير الدين يعنى الصدق والحق والكمال فى حين تستخدم السياسة الكذب والنفاق والمراوغة والميكيافيلية التى ترى أن الغاية تبرر الوسيلة. يرتبط محتوى الرسالة الإعلامية عادة بالقدرة على الإقناع واستخدام الكلمات البليغة فقد كان أفلاطون يعرِّف البلاغة بأنها «كسب عقول الناس بالكلمات» وكان أرسطو يرى البلاغة فى «القدرة على كشف جميع السبل الممكنة للإقناع فى كل حالة بعينها». وحين تتحدث عن الدعاية الانتخابية سوف تكتشف أن المرشح الانتخابى عليه اتخاذ عدة قرارات مثل: تحديد الأدلة التى يستخدمها وتلك التى يستبعدها والحجج التى يسهب فى وصفها، وتلك التى يجب أن يختصرها ونوعية الاستمالات التى يستخدمها ومدى قوتها، فكل رسالة إقناعية هى نتاج للعديد من القرارات بالنسبة لشكلها ومحتواها وأغلب تلك القرارات لا يمليها الهدف الإقناعى للرسالة فقط ولكن تمليها أيضاً خصائص المتلقى ومهارات المرشح الانتخابى. وتندرج الشعارات الدينية ضمن الاستمالات العاطفية التى تستهدف التأثير فى وجدان المتلقى وانفعالاته وإثارة حاجاته النفسية والاجتماعية ومخاطبة حواسه بما يحقق أهداف المرشح الانتخابى. ويعتمد الشعار بوجه عام على خاصية التبسيط المخل لعملية التفكير واختزال مراحله المختلفة عن طريق إطلاق حكم نهائى فى شكل مبسط ما يجعل الناخب يحفظ هذه الشعارات دون أن يمر بمرحلة التفكير فى دلالتها ومغزاها وقدرة المرشح على تطبيق هذا الشعار على أرض الواقع. وتشير الشعارات إلى العبارات التى يطلقها المرشح لتلخص هدفه فى صيغة واضحة ومؤثرة بشكل يسهل حفظها وترديدها وتصبح مشحونة بمؤثرات عاطفية تثار فى كل مرة تستخدم فيها، وتستخدم الشعارات الكلمات البراقة التى تحظى باحترام المتلقى دون أن تحدد الموقف الدقيق لها فى الواقع الفعلى. إن استخدام الشعار الدينى يستهدف وضع هالة من القداسة على المرشح الانتخابى وفى الوقت ذاته لا يلزم المرشح الانتخابى بتقديم برنامج مدروس وواقعى يتعامل مع المشكلات المثارة وأساليب علاجها وتوقيت هذا العلاج فبدلاً من الاستشهاد بالمعلومات والوثائق الواقعية وبدلاً من تقديم الأرقام والإحصاءات وبناء النتائج على مقدمات منطقية وابتكار حلول واقعية وآليات تنفيذ موقوتة يكون الأسهل اختيار شعار دينى مستوحى من آيات القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة ويتم تفسير الأمر وكأن من يرفض المرشح الانتخابى إنما يرفض تطبيق الآية الكريمة أو الحديث النبوى الشريف فالمرشح الانتخابى فى هذه الحالة هو المؤمن بينما المنافس كافر رغم أنه ينتمى إلى الديانة ذاتها المرشح الانتخابى هو الذى على الحق بينما المنافس على الباطل المرشح الانتخابى يسعى إلى تطبيق شرع الله بينما المنافس رِجْسٌ من عمل الشيطان. نقلا عن صحيفة الوطن