من المنتظر تصديق الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال الأسابيع القليلة المقبلة علي مشروع قانون العمليات الخارجية لعام2008 والذي يتضمن برنامج المساعدات الأمريكية لمصر خلال نفس العام, وذلك بعد أن انتهت المداولات بين الجمهوريين والديمقراطيين بالكونجرس إلي صياغة نهائية للمشروع خففت الصياغة التي كان قد وضعها مجلس النواب وتضمنت احتجار200 مليون دولار من المساعدات العسكرية لحين قيام مصر بإصلاحات قضائية وأمنية, وخفض المشروع المبلغ إلي100 مليون دولار ومنح وزيرة الخارجية حق إسقاط العمل بذلك إذ رأت أن ذلك يخدم اعتبارات الأمن القومي الأمريكي. وقد رفضت مصر الصياغة السابقة وكذلك الصياغة الجديدة إنطلاقا من رفض التدخل في شئونها الداخلية, ونبهت الإدارة إلي تداعيات المشروطية في المساعدات السلمية علي العلاقات الثنائية خلال اتصالات وجهود بذلها وزير الخارجية أحمد أبوالغيط والسفير المصري في واشنطن نبيل فهمي, وبعد إقرار مشروع القانون تنتظر مصر المواقف التي ستتبناها الادارة في إطار تنفيذ برنامج المساعدات خلال الفترة القادمة. برنامج المساعدات: * يرجع برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر إلي عام1979 بعد توقيع إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل, حيث إلتزمت الولاياتالمتحدة وقتذاك بتزويد مصر ب1.5 مليار دولار في شكل قروض طويلة المدي لشراء معدات عسكرية ونظم أسلحة أمريكية, وذلك في إطار صفقة مساعدات عسكرية لكل من مصر وإسرائيل حددتها الإدارة الأمريكية في خطاب أرسله وزير الدفاع الأمريكي هارولد براون إلي وزيري الدفاع المصري والإسرائيلي. * منذ ذلك الحين تراوح متوسط حجم المساعدات العسكرية لمصر عند مبلغ1.3 مليار دولار سنويا لتصبح مصر ثاني أكبر متلقي للمساعدات العسكرية الأمريكية بعد إسرائيل, وذلك في شكل قروض طويلة الأجل حتي عام1989 حين تحولت المساعدات إلي منح لا ترد. ثم جاء قرار إدارة بوش( الاب) في سبتمبر1990 بإلغاء الديون العسكرية لمصر, حيث وافق الكونجرس حينذاك علي الطلب الذي تقدمت به الإدارة بإعفاء مصر من الديون العسكرية التي كانت تقدر ب6.7 مليار دولار تقديرا لمشاركتها في حرب تحرير الكويت. * استثمرت مصر هذه المساعدات في إطار برنامج طموح لتحديث وتطوير قوتها المسلحة, حيث أتاحت لمصر الحصول علي أحدث نظم الأسلحة الأمريكية لتحقيق أهداف التطوير العسكري, وبصفة خاصة استبدال المعدات ونظم التسليح السوفيتية بنظم حديثة أكثر تطورا تعتمد بصفة أساسية علي الأسلحة الأمريكية. * كما يمثل برنامج المساعدات العسكرية لمصر عنصرا أساسيا في اطار التعاون الأمني بين مصر والولاياتالمتحدة تحقيقا للمصالح المشتركة للبلدين, وهو ما إتخذ أشكالا عديدة, علي سبيل المثال في مجال التصنيع العسكري المشترك لبعض نظم الأسلحة المتطورة, وكذلك في مجال التدريبات المشتركة وأبرزها تدريبات النجم الساطع التي تجري بصفة دورية كل عامين بمشاركة عدد من الدول الصديقة بهدف تطوير آليات التنسيق بينها علي المستوي الميداني. فضلا عن ذلك فإن تحديث القوات المسلحة المصرية جاء ليساهم بشكل مباشر في تحقيق مصالح الأمن القومي المصري سواء كان ذلك في تعزيز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة, أو في ضمان الأمن والإستقرار الإقليمي, أو في المساهمة في عمليات حفظ السلام الدولية في مناطق مختلفة مثل البوسنة وتيمور الشرقية, والصومال. * وفي إطار تعظيم الاستفادة من المساعدات العسكرية إتفقت مصر مع إدارة الرئيس كلينتون عام1999 علي إيداع المساعدات العسكرية في حساب يدر أرباحا, علي أن يتم ذلك سنويا بعد إقرار الكونجرس لبرنامج المساعدات. الأمر الذي يوفر مبالغ إضافية تضاف إلي قيمة المساعدات العسكرية السنوية التي تحصل عليها مصر. * وفي30 يوليو2007 أعلنت الإدارة الأمريكية إلتزامها بالإستمرار في تقديم المساعدات العسكرية لمصر لمدة عشر سنوات, حيث أكدت منح مصر مبلغ13 مليار دولار علي مدي العقد القادم, بما يعني الإبقاء علي مستوي المساعدات الحالي خلال تلك الفترة. محاولات استهداف برنامج المساعدات العسكرية: شهدت السنوات الماضية محاولات حثيثة من قبل التيارات اليهودية الأمريكية الموالية لإسرائيل, وبتشجيع من عدة أطراف في الجانب الإسرائيلي, لاستهداف برنامج المساعدات العسكرية لمصر. وقد أخذت تلك المحاولات صورا وأشكالا مختلفة, والدفع بحجج وتبريرات متعددة, انصبت جميعها لتحقيق هدف واحد, وهو دفع الجانب الأمريكي وتحديدا الكونجرس بمجلسيه نحو إعادة النظر في حجم وشكل المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر. كما تزامن مع ذلك بروز تيار سياسي أمريكي يولي مسألة الديمقراطية أولوية متقدمة, ويعتقد خطأ أن أفضل أسلوب للتأثير علي سرعة وطبيعة عملية التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي في مصر هو من خلال استهداف برنامج المساعدات العسكرية. ويمكن بالتالي حصر محاولات استهداف برنامج المساعدات العسكرية لمصر في ثلاثة تيارات رئيسية سعت بأشكال مختلفة لتحقيق هذا الهدف تتمثل في الآتي: ففيما يتعلق بتيار اليمين الإسرائيلي ومنذ فوز تيار اليمين الإسرائيلي بزعامة رئيس حزب الليكود بنيامين نيتانياهو في الإنتخابات الإسرائيلية عام1996 تعالت نبرة الاعتراضات الإسرائيلية ضد مواصلة برنامج المساعدات العسكرية لمصر, وجاء ذلك من أوساط متعددة داخل الساحة الإسرائيلية, منها المؤسسة العسكرية التي ساقت اعتراضاتها في شكل مخاوف من أن تحديث القدرات العسكرية المصرية بأحدث النظم الأمريكية يمثل مساسا بالتفوق النوعي لإسرائيل, وكذلك من بعض الساسة الإسرائيليين من الليكود الذين سوقوا لمزاعم بأن مستوي التسليح المصري لا يتفق مع سياستها الدفاعية وإنما ينم عن نيات عدوانية مبيتة ضد إسرائيل. وتبني نيتانياهو حينذاك فكرة الفصل بين برنامجي المساعدات الأمريكي لإسرائيل ومصر, طارحا فكرة إنهاء المساعدات الاقتصادية لاسرائيل في مقابل زيادة المساعدات العسكرية بمقدار النصف علي مدار عشر سنوات, محاولا أن يتم ذلك بمنأي عن برنامج المساعدات لمصر تأكيدا لفكرة الفعل التي روج لها. إلا ان الكونجرس الأمريكي تبني تطبيق معادلة مشابهة لما جري حيال برنامج المساعدات لاسرائيل بالنسبة للمساعدات الموجهة لمصر فتم تخفيض برنامج المساعدات الاقتصادية لمصر بمقدار النصف علي مدار عشر سنوات, وهو ما حافظ حينذاك علي النسبة القائمة بين حجمي البرنامجين. أما بالنسبة لتيار اليمين اليهودي في الولاياتالمتحدة: فقد ادي تصاعد الهجوم الاسرائيلي علي برنامج المساعدات الي دفع اللوبي الموالي لاسرائيل في الولاياتالمتحدة لشن حملة منظمة ومتواصلة ضد استمرار هذه المساعدات خلال السنوات الماضية, خاصة ضد أوساط الكونجرس وذلك بتأييد عدد من النواب المؤيدين لاسرائيل لعل أبرزهم النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا توم لانتوس, وجاءت هذه الحملة في شكل مزاعم استهدفت إثارة شكوك عديدة لدي أعضاء الكونجرس حول جدوي المساعدات العسكرية لمصر, ومدي فائدتها بالنسبة لتحقيق المصالح الأمريكية في ظل تباين السياسات المصرية والأمريكية تجاه عدد من القضايا الاقليمية, وعلي رأسها عملية السلام في الشرق الأوسط, والعراق والسودان وغيرها واستمرار السلام البارد مع اسرائيل ومعاداة السامية في الصحافة المصرية, وكلها مزاعم كانت تحاول تصوير استقلالية القرار المصري تجاه قضايا حيوية بالنسبة لأمنها القومي علي أنه أمر يتعارض جوهريا مع السياسة الأمريكية, وعلي الرغم من أن مجيء حكومة حزب العمل بزعامة ايهود باراك في انتخابات1999 ادي الي تراجع التحريض الاسرائيلي ضد مصر في الأوساط الأمريكية, إلا أن ذلك لم يدفع بتيار اليمين اليهودي الي الاحجام عن مواصلة التصدي للمساعدات العسكرية لمصر, وتكثيف حملته في هذا الصدد بعد تولي رئيس الوزراء شارون مقاليد الحكم في اسرائيل عقب فوز الليكود في انتخابات2001, بالتركيز هذه المرة علي تحميل مصر مسئولية فشل قمة كامب ديفيد عام2000 التي قادها الرئيس بيل كلينتون في محاولة للتوصل الي اتفاق سلام فلسطيني اسرائيلي. وبالنسبة لأنصار الديمقراطية والإصلاح السياسي, فقد برزت قضية الإصلاح والديمقراطية في العالم العربي بعد أحداث11 سبتمبر كقضية حيوية في الأجندة الأمريكية تجاه المنطقة بعد أحداث11 سبتمبر, وبشكل خاص بعد الغزو الأمريكي للعراق, حيث سعت إدارة بوش الي وضع هذه الخطوة في سياق رؤية أوسع تجاه المنطقة ارتكزت علي دفع الإصلاحات السياسية وتوسيع مجال الديمقراطية كوسيلة لتحييد موجة التطرف والعداء للسياسات الأمريكية لدي الرأي العام العربي داخل بلدان المنطقة, ورغم أن الإدارة الأمريكية سعت بأشكال مختلفة لتوجيه جزء من المساعدات الاقتصادية لمصر لتحقيق أهداف الإصلاح التي أعلنتها مصر نفسها في اطار توافق مشترك بين الطرفين, وبعيدا عن اعتماد صيغة المشروطية لتحقيق هذا الهدف, وخاصة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية, إلا أن ذلك لم يحل دون ضغط بعض التيارات الليبرالية التي تتخذ من قضية الإصلاح الديمقراطي هدفا أساسيا لها للدفع بضرورة ربط المساعدات العسكرية بشكل مباشر بمدي تحقيق التقدم في الإصلاح السياسي في مصر, الأمر الذي اتخذ شكل حملات متواصلة في الإعلام الأمريكي للتشكيك في حجم الانجازات التي حققتها مصر في إطار مسيرة الإصلاح التي عقدت العزم علي المضي فيها, ودفع بعض قيادات الكونجرس لتبني وجهة النظر الداعية الي توظيف المساعدات التي تتلقاها مصر بشكل مباشر كنوع من العقاب لعدم تسيير جهود الإصلاح في مصر علي نحو يتوافق مع أهداف الديمقراطية وفقا للمنظور الأمريكي. وفي ضوء ما تقدم, يتضح ان محاولات المساس بالمساعدات العسكرية ترجع الي أجندات سياسية مختلف سعت لاستغلال قضية المساعدات لتحقيق أهداف مختلفة, وبينما أخفقت هذه المحاولات في توجيه مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتوظيف المساعدات علي هذا النحو, الا انه من ناحية أخري نجحت في ترجمة محاولاتها في شكل مقترحات مختلفة داخل الكونجرس بتعديل صيغة برنامج المساعدات العسكرية لمصر علي النحو الذي سيلي عرضه. المقترحات السابقة للمساس بالمساعدات: وقد جاءت المساعي داخل الكونجرس الأمريكي للمساس بالمساعدات العسكرية بشكل تدريجي ففي يوليو2004 تقدم النائب الديمقراطي اليهودي توم لانتوس( زعيم الأقلية الديمقراطية بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب حينئذ والمعروف بولائه الشديد للوبي الاسرائيلي) بتعديل علي مشروع قانون العمليات الخارجية( والذي يعتمد سنويا المساعدات الأمريكية لمصر بشقيها العسكري والاقتصادي) يقضي بتحويل570 مليون دولار من المساعدات العسكرية الي مساعدات اقتصادية, ولم يلق التعديل قبولا داخل المجلس حيث سقط التعديل بنسبة كبيرة حيث لم يؤيده سوي131 نائبا مقابل معارضة287, وفي يونيو2005 تقدم النائب الجمهوري جوزيف بينس( المنتمي لتيار اليمين المسيحي) بتعديل يقضي بتحويل750 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر إلي أغراض مكافحة الملاريا في افريقيا, وقد سقط التعديل أيضا بأغلبية ساحقة حيث لم يؤيده سوي87 نائبا مقابل معارضة326 نائبا. وفي يونيو2005 قام النائب لانتوس بتضمين قانون الترخيص للعلاقات الخارجية الصادر عن لجنة العلاقات الخارجية( التي يتزعم الأقلية الديمقراطية بها) نصا علي تخفيض سنوي قيمته40 مليون دولار للمساعدات العسكرية وإنما لم يتحول المشروع الي قانون نظرا لعدم اصدار مجلس الشيوخ لمشروع قانون مطابق وبعد عام تقدم النائب الديمقراطي ديفيد أوبي( زعيم الأقلية الديمقراطية بلجنة الاعتمادات بمجلس النواب حينئذ) بتعديل الي لجنة الاعتمادات يطالب بتخفيض200 مليون دولار من المساعدات العسكرية, وقد سقط التعديل بالتصويت بالنداء, وبالتالي لم يعرض علي مجلس النواب بكامل هيئته, وبعد فشله في المساس بالمساعدات العسكرية عاود النائب أوبي محاولته مرة أخري وانما علي المساعدات الاقتصادية هذه المرة حيث تقدم بتعديل يقضي بتحويل100 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية إلي أغراض مكافحة الإيدز في افريقيا وللعمليات الانسانية في دارفور وقد سقط التعديل بأغلبية ضيقة حيث أيده198 نائبا مقابل معارضة215 نائبا. وقد نجحت الجهود المكثفة التي بذلتها وزارة الخارجية والسفارة المصرية في واشنطن سواء من خلال الضغط علي الإدارة الأمريكية ومطالبتها بالقيام بدورها في الدفاع عن برنامج المساعدات وضمان عدم المساس به, أو من خلال اتصالاتها المباشرة والمتعددة مع أعضاء الكونجرس بمكتبيه ومساعديهم, في حشد الأصوات أو التأييد اللازمين لإفشال كافة تلك المحاولات, وبحيث استمر حجم برنامج المساعدات العسكرية علي مدار تلك السنوات كلها عند نفس المستوي المطلوب من جانب الإدارة ورغم تعدد أساليب ومحاولات استهدافه والنيل منه. المساعدات العسكرية للعام المالي2008: كانت انتخابات منتصف المدة في نوفمبر2006 نقطة تحول في مسار محاولات النيل من المساعدات العسكرية داخل الكونجرس الأمريكي, حيث انتهت الانتخابات الي حصول الديمقراطيين علي الأغلبية بمجلسي النواب والشيوخ( وذلك لأول مرة منذ عام1994) مما أسفر عن تبوؤ النائبين المتربصين بالمساعدات العسكرية( ديفيد أوبي وتوم لانتوس) رئاسة اللجنتين الأكثر أهمية في التعامل مع المساعدات الأمريكية لمصر وهما لجنتا الاعتمادات والشئون الخارجية علي التوالي. وقد ادي ذلك الي صدور مشروع مجلس النواب لقانون العمليات الخارجية للعام المالي2008 متضمنا فقرة تشير الي احتجاز200 مليون دولار من المساعدات العسكرية( والتي يبلغ اجماليها1,3 مليار دولار) لحين اصدار وزيرة الخارجية لشهادة بشأن تحقيق مصر تقدما ملموسا في ثلاثة مجالات هي استصدار قانون جديد للسلطة القضائية يحمي استقلال القضاء ومراجعة الاجراءات الجنائية وتدريب قيادات الشرطة علي وقف الانتهاكات الشرطية والكشف عن شبكات التهريب وتدمير الانفاق المستخدمة في التهريب عبر الحدود المصرية الي قطاع غزة. وقد جاء هذا التعديل علي خلفية حملة إسرائيلية مكثفة ضد مصر استهدفت ابراز قضية منع التهريب عبر الحدود بين مصر وقطاع غزة للايحاء بأن مصر لاتبذل جهدا كافيا لضبط تلك الحدود, ثم اخذت تلك المحاولات عدة اشكال في مقدمتها تصريحات اطلقها وزير الامن الداخلي الإسرائيلي أفي ديختر سواء في إسرائيل او خلال زياراته للولايات المتحدة تتهم مصر بغض الطرف عن عمليات التهريب ونقل عدد من اعضاء الكنيست الإسرائيلي لنظرائهم في الكونجرس الامريكي أو لمساعديهم عند زيارتهم إسرائيل معلومات مغلوطة مشابهة, وتوجيه رئيس اللجنة الفرعية للدفاع ومكافحة الارهاب بالكنيست الإسرائيلي خطابا بذات المضمون الي عدد من اعضاء مجلس الشيوخ ومواصلة منظمة الايباك( اللجنة الامريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة) اتصالاتها ولقاءاتها مع اعضاء الكونجرس ومساعديهم بشكل مكثف وترديدها نفس المعلومات الخاطئة. الموقف المصري: أبلغت وزارة الخارجية والسفارة المصرية مسئولي الإدارة الامريكية واعضاء الكونجرس فور تمرير مجلس النواب نسخته من قانون العمليات الخارجية للعام المالي2008 رفض مصر المشروطية بكافة اشكالها ورفضها ربط برنامج المساعدات العسكرية واتاحة المبالغ المخصصة في إطاره بأية موضوعات او قضايا داخلية او اقليمية وحذرت من أن الابقاء علي لغة المشروطية في النسخة النهائية للقانون التي سيعتمدها الكونجرس من شأنه الإضرار بعلاقات الولاياتالمتحدة مع مصر. ولفت الجانب المصري نظر الجانب الامريكي إلي ان برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر ومنذ بدايته له أهداف محددة ومتفق عليها, وأن الغرض الرئيسي من البرنامج هو تحديث القوات المسلحة المصرية وتعزيز كفاءة قدراتها وتدعيم امكاناتها, وبما يمكنها من المساهمة في الأمن والاستقرار في المنطقة, وهو ما تمكنت بالفعل من القيام به علي اكمل وجه طوال السنوات الماضية مع استمرار جهود التحديث, وبموازاة ذلك أجرت السفارة اتصالات مكثفة ومتواصلة بالإدارة الأمريكية( مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع) نقلت خلالها رفض مصر للغة المشروطية, وأكدت ان اهداف برنامج المساعدات العسكرية لا علاقة لها بأية قضايا داخلية او تطورات اقليمية وحذرت من تداعيات هذه اللغة علي العلاقات الأمريكية المصرية. كما أكدت ان حذف هذه اللغة من مشروع القانون إنما هو مسئولية الإدارة بالدرجة الأولي, وأن مصر ستتعامل مع النسخة النهائية للقانون عند اعتمادها كقانون امريكي. وقد تلقت السفارة في إطار تلك الاتصالات تأكيدات من المسئولين الأمريكيين برفض الإدارة للغة المشروطية, وتقديرها لأهمية برنامج المساعدات العسكرية لمصر, وحرصها علي عدم التعرض له علي النحو الذي جاء في نسخة مجلس النواب كما اكدت الإدارة انها ستتخذ جميع الخطوات الممكنة لنقل هذا الموقف الي اعضاء الكونجرس لحثهم علي حذف لغة المشروطية وإقرار طلب الإدارة لتخصيص المساعدات العسكرية لمصر علي النحو الذي تم تقديمه, وقد قامت الإدارة الامريكية بالفعل بعدة خطوات علي هذا الصعيد, أبرزها توجيه خطاب مشترك من وزيري الخارجية والدفاع في اكتوبر2007 الي رئيسة مجلس النواب وزعيم الاقلية بالمجلس ورؤساء لجان الاعتمادات والشئون الخارجية بمجلسي النواب والشيوخ ونظرائهم من جانب المعارضة لتأكيد رفض لغة المشروطية والمطالبة بحذفها, والإشارة الي الدور الإيجابي الذي تقوم به مصر إقليميا, وأهمية العلاقات المصرية الأمريكية وضرورة عدم المساس بها. كما قامت الإدارة علي عدة مستويات بإجراء اتصالات مباشرة مع مختلف اعضاء الكونجرس لنقل ذات الرسالة, وقام بعض مسئولي وزارتي الخارجية والدفاع بالالتقاء مع مساعدي العديد من اعضاء الكونجرس لاستعراض اهمية العلاقات الثنائية مع مصر ومساهمة برنامج المساعدات العسكرية في هذا الإطار والرد علي جميع استفساراتهم في هذا الإطار. في نفس الوقت اجرت السفارة اتصالات عديدة مع غالبية اعضاء الكونجرس بمجلسيه المعنيين وبمساعديهم لإبراز خطورة تمرير هذه المشروطية والمطالبة بحذفها. كما استعرضت السفارة في اتصالاتها جميع سياسات الاصلاح التي تتبناها مصر والجهود التي تبذلها في هذا الإطار موضحة أن ذلك ينطلق من الأولوية التي توليها مصر لهذه السياسات لأهميتها, وانها لاترتبط بأية عوامل خارجية ولا تعتمد عليها. كما استعرضت السفارة الوضع الحالي علي الحدود بين مصر وقطاع غزة والجهود المصرية لضبط تلك الحدود في ظل المصاعب المرتبطة بالأحوال القائمة حاليا في القطاع, وفي هذا الإطار ايضا نظمت السفارة اجتماعا موسعا لعدد من مساعدي اعضاء الكونجرس تم خلاله تقديم عرض متكامل لجهود مصر لضبط الحدود مع قطاع غزة والرد علي كافة استفساراتهم كما واصلت السفارة بشكل اسبوعي موافاة مكاتب كافة اعضاء الكونجرس برسائل اسبوعية حول كل التطورات المرتبطة بمصر وجهود الإصلاح بمختلف جوانبه ودورها الإقليمي الساعي لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.