وسط أجواء مختلطة من الحظر والتوتر والعنف تظاهر عشرات الآلاف من العراقيين للتنديد بالإحتلال الأميركي والمطالبة برحيل قواته، وذلك في الذكرى الرابعة لسقوط بغداد في أيدي القوات الأميركية، التي تحل مع استمرار مسلسل العنف وحالة التوتر في مختلف مناطق البلاد. وقد سار عشرات الآلاف من الأشخاص معظمهم من أنصار التيار الصدري في مظاهرة بمدينة النجف الواقعة جنوب العراق بدعوة من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي توارى عن الأنظار في الآونة وتباينت الأنباء حول مكان وجوده. وانطلقت المظاهرة التي شارك فيها علماء دين سنة أيضا، من أمام مسجد الكوفة (10 كلم شمال النجف) باتجاه ساحة الصدرين في النجف. وأحرق المتظاهرون أعلاما أميركية وإسرائيلية،كما رسمت أعلام أميركية وإسرائيلية في الشوارع ليدوس عليها المتظاهرون مرددين شعارات تندد بأميركا،ورفع المشاركون فيها اعلاما عراقية ولافتات كتب على احدها "تسقط تسقط اميركا". كما رفعت أيضا الأعلام العراقية فوق المباني الحكومية وشرفات المنازل والساحات العامة،. وقال المراسلين ان المتظاهرين بدأوا يتفرقون بعد وصولهم الى ساحة الصدرين وسط النجف رغم توقعات البعض بان مقتدى سيظهر في وسطهم لالقاء كلمة. وكان بيان قد وزع خلال التظاهرة كتب فيه ان "اربع سنوات مضت على الاحتلال ولم نحصل الا على المهانة فكل يوم عشرات من القتلى. جهدت اميركيا لاشعال الفتنة الطائفية بين ابناء الشعب نقول للشعب الاميركي واوروبا اننا نريد السلام والحرية والاستقلال".
ومن ناحيته وصف نصار الربيعي رئيس الكتلة الصدرية (30 نائبا)يوم ذكرى سقوط بغداد في كلمةله أمام البرلمان بقوله"اليوم هو نداء المقاومة ونداء الحرية والكرامة بعد اربع سنوات من الاحتلال لم يحصد العراق سوى القتلى دون اي خدمات ولا كهرباء او ماء". واضاف "ليست هناك سيادة للشعب او الحكومة. لا نقول ان السيادة منقوصة انما معدومة".
وأيضاً قال فلاح شنشل النائب عن التيار الصدري ان "هذه الحشود جاءت تعبر عن رفضها للوجود الاميركي على الارض العراقية وتطالب بخروجه من اجل تحقيق السيادة والاستقلال للبلاد". كما قال عبد القادر عبد الدايم عضو الحزب الاسلامي السني من البصرة ان "التظاهرة هي رسالة مودة ومحبة تجمع العراقيين وتوحدهم في موقف المطالبة بخروج الاحتلال من البلاد يجب علينا ان نرص الصفوف حتى نتمكن من تحرير ارضنا من الشمال حتى الجنوب".
وكان الصدر الذي توارى عن الانظار منذ انطلاق الخطة الامنية منتصف فبراير الماضي، قد دعا انصاره الى "تظاهرة موحدة في التاسع من ابريل ، على ان تكون جامعة وفي النجف الاشرف بمناسبة ذكرى احتلال العراق".وجدد الصدر، وهو رجل دين شيعي، مطالبته القوات الاميركية بالمغادرة. وقال "نطالب بخروج قوات الاحتلال ، ليس من حق احد تجديد مدة بقاء الاحتلال او المطالبة ببقائه لان ذلك من حق الشعب العراقي الرافض".
ويتزعم الصدر ميليشيا جيش المهدي التي اعتبرتها وزارة الدفاع الاميركية انها "اكثر المجموعات المسلحة ضلوعا في العنف الطائفي" في العراق حيث قتل اكثر من 34 الف شخص عام 2006 وفقا للامم المتحدة. ومن ناحيتها فرضت قوت الامن العراقية اجراءات مشددة على الطريق الذي تسلكه التظاهرة عبر اقامة نقاط تفتيش و إعادة الانتشار.
وحول رد الفعل الأمريكى تجاه المظاهرة ،قللت واشنطن من أهمية المظاهرة الحاشدة لأنصار الصدر ضد الوجود الأمريكي،واعتبر البيت الابيض أن المظاهرة المعادية للاميركيين التي جرت في النجف انما هي مؤشر على حرية التعبير المستجدة في العراق محذرة المتطرفين الشيعة من اللجوء الى العنف.وقال الناطق باسم الرئاسة جوردن جوندرو فى حديث إلى الصحافيين" انه بعد أربع سنوات على الإطاحة بصدام حسين اضحى العراق "مكانا يمكن للناس فيه التجمع بحرية والتعبير عن رأيهم في حين لم يكن باستطاعتهم ذلك في عهد صدام". لكنه اقر بانه ما زال يتعين تحقيق "المزيد من التقدم".وأضاف ان الميليشيات الشيعية تنشط بصورة غير شرعية في العراق مؤكدا "سنهتم بكل الذين ينشطون خارج دولة القانون".واكد المتحدث باسم البيت الابيض مجددا ان الصدر موجود في ايران فيما ينفي ذلك انصاره والسلطات الايرانية نفسها.
أما فى العاصمة، فقد عاشت بغداد ذكرى السقوط في ظل حظر شامل للتجوال ،ففي الوقت الذى كانت فيه أجواء التظاهرتعم في النجف كانت شوارع العاصمة بغداد شبه فارغة بعد أن فرضت السلطات حظرا على حركة المركبات لمدة 24 ساعة للحيلولة دون وقوع هجمات.وقال المتحدث باسم القائمين على تنفيذ خطة أمن بغداد العميد قاسم عطا إن السلطات قررت فرض حظر على سير المركبات والدراجات في جميع مناطق العاصمة لمدة 24 ساعة اعتبارا من فجر يوم الاثنين9/4.
وتحل الذكرى الربعة لسقوط بغداد في وقت تزداد فيه الأوضاع الأمنية تفاقما في مختلف مناطق البلاد.
فقد قالت الشرطة إنها عثرت على 17 جثة عليها آثار تعذيب في شتى أنحاء بغداد خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. كما قتل مسلحون مواطنين اثنين وأصابوا سبعة آخرين بهجوم استهدف محتجين متجهين صوب النجف بالقرب من بلدة الإسكندريةجنوبي بغداد.
وقال الجيش الأميركي إنه اعتقل 14 مقاتلا من تنظيم القاعدة بعمليات عسكرية متفرقة. وأوضح في بيان أنه اعتقل خمسة بعملية دهم شمال غرب بيجي وسبعة مرتبطين بما يسمى الدولة الإسلامية بالعراق في الطارمية. وفي تطورات أخرى أعلن الجيش الأميركي مقتل أحد جنوده يوم الأحد بالاشتباكات المستمرة في الديوانية منذ يوم الجمعة الماضي.كما قتل 15 شخصا واصيب 7 اخرين صباح اليوم عندما فجرت انتحارية نفسها اليوم امام مركز للشرطة في بلدة المقدادية التابعة لمحافظة ديالى الواقعة شمال شرقي بغداد.
وفي آخر تحرك لمواجهة الوضع الأمني المتدهور تم أمس الاثنين التوصل لاتفاق حول تشكيل لواء تابع للجيش العراقي قوامه أربعة آلاف جندي من أبناء محافظة الأنبار غرب العراق لإحلال الأمن بالمنطقة.
وأوضح مصدر أمني عراقي أن مهمة اللواء ستكون حماية مدن الأنبار من الجماعات المسلحة التي تتحرك في تلك المحافظة الشاسعة المساحة المجاورة حدوديا لسوريا والأردن والسعودية.
وجدير بالذكر أنه خلال اليومين الماضيين خسرت القوات الأميركية عشرة من جنودها بمناطق متفرقة من العراق، وبذلك يرتفع إجمالي عدد قتلى القوات الأميركية منذ غزو بغداد إلى 3281 جنديا، وفقا لبيانات وزارة الدفاع (البنتاجون).