أعلن جيش الاحتلال الأمريكي في العراق صباح اليوم الثلاثاء أن ثلاثةً من جنوده قُتلوا وأُصيب آخر في انفجار ببغداد كما قتل جندي خامس في عمليات هجومية بالأنبار . وقال جيش الاحتلال في بيان له إن ثلاثة من جنوده قتلوا وأصيب رابع عندما انفجرت قنبلةٌ مزروعةٌ على الطريق بالقرب من دوريَّتهم في العاصمة العراقية بغداد أمس الاثنين. وجاء في البيان العسكري للاحتلال الأمريكي أن جميع العناصر القتلى ينتمون إلى الوحدة المتعدد الجنسيات المنتشرة في بغداد. وأضاف البيان أن جنديا خامسا لقي مصرعه جراء عمليات قتالية في محافظة الأنبار غربي بغداد. وكان الجيش الأمريكي اعترف الاثنين بمقتل عشرة من قواته خلال يومي السبت والأحد الماضيين في العراق. هذا ويتزامن الإعلان عن هذه الحصيلة مع مطلب رفعه القادة العسكريون الأمريكيون في العراق إلى البنتاجون للموافقة على تمديد مهام قرابة 15 ألف جندي لأربعة أشهر إضافية ضمن خطة جيش الاحتلال لتعزيز قواته التي بدأت في يناير الماضي. على صعيدٍ آخر اجتاحت المظاهرات مناطق عديدة جنوب العراق أمس في الذكرى الرابعة لسقوط العاصمة العراقية على أيدي قوات الاحتلال. وفي يوم سقوط بغداد نظَّم عشراتُ الآلاف من الأشخاص كانوا يلوحون بالأعلام العراقيَّة مُظاهرةً سلميَّةً في مدينة النجف الواقعة في جنوب العراق، طالبوا فيها بانسحاب قوات الاحتلال الأمريكيَّة من البلاد، بينما كانت شوارع العاصمة العراقيَّة ذاتها خاويةً إلى حدٍّ كبيرٍ بعد أنْ فرضت السلطات حظرًا على سير المركبات فيها لمدة 24 ساعةً؛ للحيلولة دون وقوع هجمات من جانب المسلَّحين وخصوصًا بالسيارات الملغومة. وقد ضمَّت مظاهرات النجف عددًا من علماء الدين من السُّنَّةِ والشِّيعة جنبًا إلى جنب، وذلك استجابةً لدعوة الزعيم الشِّيعي الشاب مقتدى الصدر، الذي طالب بتحديد جدولٍ زمنيٍّ لانسحاب القوات الأمريكيَّة من البلاد. واكتظَّ الطَّريقُ الواصلُ بين النَّجف والكوفة وطوله 7 كم بمتظاهرين يلوحون بأعلامِ العراق، وسدُّوا الشوارع المؤدية إلى الساحة الرئيسية للتَّجمُّع؛ حيث قَدِم كثيرون من بغداد وبلدات ومدن شيعيَّة في الجنوب. وفي محاولة فاشلة للتقليل من شأن هذه المظاهرات قال جوردون جوندرو- المتحدث باسم مجلس الأمن القومي إننا نلاحظ اليوم أنَّ الصدر دعا إلى احتجاجاتٍ حاشدة.. لست متأكدًا أنَّنا رأينا تلك الأعداد تلبي الدعوة.. الأعداد التي كان يسعى إلى مشاركتها ولكنه لم يذكر أنَّ الإجراءات الحكوميَّة في بغداد وما حولها هي ما حال دون تزايد أعداد المتظاهرين. وأضاف جوندرو – بحسب رويترز- لكنَّ العراق وبعد أربع سنوات أصبح الآن مكانًا يستطيع الناس فيه التجمُّع بحرية والتعبير عن آرائهم، وذلك شيءٌ لم يكن بمقدورهم عمله إبَّان حكم صدام، ورغم أننا حقَّقنا الكثير من التقدم فإنَّ أمام الولاياتالمتحدة والتحالف العراقي الكثير لعمله، وهذا البلد قطع شوطًا طويلاً مبتعدًا عن طغيان صدام حسين" على حسب تعبيره. وقال مراقبون إن قدرة الصدر على حشد مثل هذا الجمع الكبير بمثابة مؤشِّر للحكومة العراقية وواشنطن على أنه رغم غيابه عن المشهد العام في العراق ما يزال قوةً توضع في الحسبان، خاصةً أن الحركة الصدرية تسيطر على ربع مقاعد الائتلاف الشيعي الحاكم في البرلمان العراقي، وقد قدَّر صحفيون حجْمَ المظاهرة بعشرات الآلاف، بينما قال منظِّموها إن العدد أكبر من هذا بكثير، ولكنَّ جيش الاحتلال الأمريكي قال إنَّ صور المراقبة الجويَّة تظهر أن 15 ألفًا شاركوا في المظاهرة. وخلال المظاهرة خطب الشيخ عبد الهادي المحمداوي- أحد قادة التيار الصدري- وخلفه علَمٌ عراقيٌّ كبيرٌ، مطالبًا قوات الاحتلال الأمريكيَّة بالرحيل، وقاطع المُتظاهرون خطابَه بهتافاتٍ تندِّد بالاحتلال وتطالب بإنهائه، وأكَّد المحمداوي أنَّ العراقيين يطالبون برحيل آخر جندي أمريكي، ويرفضون وجود أي نوع من القواعد العسكرية في بلادهم. على صعيد آخر من الأزمة العراقية عبَّرت الولاياتالمتحدة عن أسفها إزاء تصريحات رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني التي هدَّد فيها بالتَّدَخُّل في القضيَّة الكرديَّة بتركيا. وقال شون ماكورماك- المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية- إن تلك التصريحات فعلاً مؤسفة ولا تدفع نحو الوصول إلى تعاونٍ بين تركيا والعراق واعتبر أنَّه من الأفضل للقادة العراقيين التركيز على الطريقة التي تُتيح لهم التعاون بشكلٍ وثيقٍ مع الحكومة التركية؛ للدفع قُدمًا نحو تحقيق الهدف المشترك المتمثِّل بقيامِ عراقٍ مستقرٍّ وآمن"، وأعلن ماكورماك أنَّ وزيرة الخارجيَّة الأمريكيَّة كونداليزا رايس بحثت هذه المسألة خلال اليومَيْن الماضيَيْن مع نظيرها التُّركي عبد الله جول. من جهته قال الناطق باسم رئاسة إقليم كردستان العراق إن سياسة الرئاسة الكردية في الإقليم اعتمدت سياسة حسن الجوار نهجًا لها في التعاطي مع تركيا، وأعرب عن أمله في لقاء مباشر مع السلطات التركية لتسوية أية خلافات. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان قد قال إن مسعود البارزاني تخطى حدوده مهدِّدًا بالثمن الباهظ الذي قد يدفعه أكراد العراق جرَّاء ما وصفه بتصرُّفهم العدواني تجاه أنقرة، طبقًا لما نقلته عنه قناة (الجزيرة) الإخبارية، وذلك عقب تصريحات البارزاني التي هدَّد فيها بالتدخل في الشئون الداخلية التركية إذا ما تدخلت أنقرة في قضية مدينة كركوك. وكان البارزاني قد ذكر في مقابلةٍ صحفية أنه إذا تدخلت تركيا في قضية كركوك ذات الغالبية من العرب والتركمان فإنَّنا سنتدخَّل في قضيَّة ديار بكر وعددٍ من المدن التركيَّة وردًّا على ذلك قال أردوجان أنصحهم بألا يتفوَّهوا بكلامٍ لا يستطيعون تحمُّل عواقبه، وبأن يدركوا حجمهم؛ لأنهم قد يُسحَقون جرَّاء هذا الكلام"، مهددًا البارزاني بأنه "سيدفع ثمن تصريحاته غاليًا. وفي موقف آخر داخل الحكومة التركية قال وزير الدولة التركي كرشاد توزمان إن أنقرة سوف تتخذ إجراءات غير محددة عندما يحين الوقت لذلك.